الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 15 / نوفمبر 01:02

الانتخاباتُ بينَ استخفافٍ بالعقولِ وَجهلٍ بِالواقعِ/عبدُ الرؤوفِ محمدٌ أبو شقرةَ

كل العرب
نُشر: 11/10/13 20:12,  حُتلن: 11:32

عبدُ الرؤوفِ محمدٌ أبو شقرةَ:

السلطاتُ هي عبارةٌ عنْ أداةٍ في يدِ الوزاراتِ لِتحقيقِ مصالحِها وَرؤيتِها هيْ، وَليسَ رؤيتِك أنتَ، وَمساحةُ العملِ فيها محددةٌ بِقوانينَ خبيثةٍ، وَليسَ الأمرُ مطلقاً كَما تزعمُ أفعالُ المُتلهّفينَ إليْها، فهم موضوعونَ في فنجان

في النّهايةِ لا تخرجُ هذِهِ السّلطاتُ على أنْ تكونَ أداةً في يدِ بني صهيونَ، لِتنفيذِ مآربِهم وَخططِهم، وَحصرِ الصّراعِ فيما بينَنا على أمورٍ تافهةٍ، وَتشتيتِ الطّاقاتِ وَالثاراتِ على أمورٍ منحرفةٍ، وَضلّتْ البوصلةُ

 إذا ألقيْتَ نظرةً إلى جهازِ التعليمِ فَالكلُّ يشكو وَيرثي حالَ المستوى التعليميّ المتدني جيلاً بعدَ جيلٍ ثمّ تتوجّهُ الأنظارُ مرةً أخرى إلى المسؤولينَ خاصةً "الإسلاميينَ" إنْ وجدُوا فَينتظرُ النّاسُ منهم الحلَّ، وَليسَ بيدِهم تبديلُ مناهجِ التعليمِ الفاشلةِ

بِسمِ اللهِ الحمدُ للهِ وَالصّلاةُ وَالسّلامُ على رسولِ اللهِ وَعلى آلهِ وَصحبِهِ وَمنْ والاهُ أمّا بعدُ .. كنتُ قدْ بيّنتُ في مقالِ "انتخاباتُ السّلطاتِ المحليةِ وَقطارُ الهاويةِ (1)" أنّ هذهِ الانتخاباتِ فاسدةٌ منْ حيثُ الأصلُ، إذْ يجري الصّراعُ على سلطةٍ هيَ في الحقيقةِ أداةٌ، وَملهاةٌ عنِ الصراعِ الحقيقيِّ. فَاعترضَ بعضُ الناسِ بأنّه لا بدَّ أنْ نَلِجَ فيها جلباً للمصلحةِ وَدفعاً لِلمفسدةِ، وَما لا يُدركُ كلُّهُ لا يُتركُ جُلُّهُ، وَمثلُ هذِهِ الدعاوِي. وَهذا التّوجهُ يَنُمُّ عنْ غفلةٍ حقيقةٍ عنْ واقعِ هذهِ السلطاتِ، فَهم ينظرونَ إليْها وَكأنَّها سلطاتٌ مستقلةٌ، يُخططُ الإداريونَ فيها بِاستقلالٍ، لِوضعِ الحلولِ المناسبةِ للمشاكلِ المطروحةِ.
مهلاً ! ليسَ الأمرُ كذلكَ، هذهِ السلطاتُ هي عبارةٌ عنْ أداةٍ في يدِ الوزاراتِ لِتحقيقِ مصالحِها وَرؤيتِها هيْ، وَليسَ رؤيتِك أنتَ، وَمساحةُ العملِ فيها محددةٌ بِقوانينَ خبيثةٍ، وَليسَ الأمرُ مطلقاً كَما تزعمُ أفعالُ المُتلهّفينَ إليْها، فهم موضوعونَ في فنجان، ثمّ يُقالُ لهم انطلقوا لإدارةِ بلداتِكم، وَاذهبوا لحلِّ مشاكلِكم، فَيَنْتَفخونَ وَينتفشونَ، فيَظهرونَ بِحزمِ أبي بكرٍ، وَعدلِ الفاروقِ عمرَ، وَهم في الواقعِ فُقاعةٌ في فنجان، لا قدرةَ لهم على تعدِّي حوافِّ الفنجان !! وَخذْ أبعاداً وَإضاءاتٍ لِواقعِ وَمضارِّ هذهِ السلطاتِ ..

1- إظهارُ الفشلِ وَالفسادِ على أنّهُ بسببِ السلطةِ المحليةِ لا سياسةُ دولةٍ:
بعدَ أنْ يستميتَ الناسُ خاصةً الإسلاميّونَ في الوصولِ لِلسلطةِ، يَتفاجئونَ بِمشاكلَ عديدةٍ، فَمثلاً مشاكلُ العنفِ وَالقتلِ، وهيَ نتاجٌ طبيعيٌّ في كلِّ الأممِ عندَ عدمِ وجودِ العقابِ الرّادعِ، وَالعقابُ الرّادعُ بِيدِ سلطةِ التّشريعِ –وَلا مشرّعَ إلّا اللهُ- وَالقضاءِ وَليستْ بيدِهم، وَلا بدّ مِنَ المراقبةِ الجادّةِ، وَهذا بيدِ الشّرطةِ وَأجهزةِ المخابراتِ، إِذنْ ليسَ بيدِ السّلطاتِ المحليةِ فعلُ شيءٍ غيرَ فعاليةً هنا وَهناكَ، وَمحاضراتٍ وَمطوياتٍ لنْ تحسمَ الأمرَ قطعاً، أمّا الحلُّ الحقيقيُّ فَليسَ بِيدهم، وَلكنّ عوامَّ النّاسِ لا يُدركونَ هذا البعدَ، بلْ يرونَ "الإسلاميينَ" خاصةً مُقصّرينَ أوْ فاشلينَ في خدمةِ بلدِهم، فَينغرسُ في عقولِ البُسطاءِ والجيل الناشئ، أنَّ "الإسلاميين" وَطريقتَهم "الإسلاميةَ" هيَ سببُ الفشلِ ! وَما ذلكَ إلّا لِإعطاءِ نموذجٍ أعرجٍ عنِ الْإسلامِ وَأسلوبِهِ في حلِّ هذِه المشاكلِ ! رغمَ أنّهُ لمْ تُتَحْ فرصةٌ حقيقيةٌ، لِنظامٍ إسلاميٍّ حقيقيٍّ، وَينسحبُ هذا الكلامُ على أصحابِ المبادئِ وَالوطنيةِ وَالقوميةِ، وَلكنْ ما يهمّني هنا بِالأخصِّ خوضُ الإسلاميينَ في هذِه المستنقعاتِ، وَتشويهِ صورةِ الإسلامِ بفعلِهم وسذاجةِ مقصدِهم.
وَإذا ألقيْتَ نظرةً إلى جهازِ التعليمِ، فَالكلُّ يشكو وَيرثي حالَ المستوى التعليميّ المتدني، جيلاً بعدَ جيلٍ، ثمّ تتوجّهُ الأنظارُ مرةً أخرى إلى المسؤولينَ خاصةً "الإسلاميينَ" إنْ وجدُوا، فَينتظرُ النّاسُ منهم الحلَّ، وَليسَ بيدِهم تبديلُ مناهجِ التعليمِ الفاشلةِ، وَلا تغييرُ نمطِ التعليمِ المدرسيّ، وَلا تحديدُ نمطِ الكفاءاتِ المناسبةِ، كُلّ ذلكَ وَغيرُهُ بيدِ الوزارةِ، وَرؤيةُ الصهاينةِ لِلأمورِ بِالتّأكيدِ لنْ تكونَ كَرؤيةِ المسلمينَ، فَتكونُ النتيجةُ مرةً أخرى ارتداءَ الإسلاميينَ ثوبَ الفشلِ وَالتّهمةِ، رغمَ أنّهُ على قياسِ الوزاراتِ الصهيونيةِ !!

2- تخييرُهم بينَ الفسادِ وَالأفسدِ
طبعاً لمّا لمْ تكن السّلطاتُ المحليةُ صاحبة سلطة حقيقية لتضع قوانينَ إدارةِ سلطتِها، فإنّهم في كثيرٍ منَ الأحيانِ يوضعونَ بينَ خيارِ الفسادِ وَالأفسدِ، وَفي كِلا الحالتينِ اختيارُهم مقيتٌ وَفاشلٌ وَمشوّهٌ .. فَمثلاً في قطاعِ التّعليمِ، يَقعُ المسؤولُ في صراعٍ دائمٍ، فَهو يريدُ نجاحَ التّعليمِ، وَنجاحُ التعليمِ بِحاجةٍ إلى أموالٍ وَتسهيلاتٍ وَموافقاتٍ وَزاريةٍ، فَنجاحُ التعليمِ لا ينفكُّ عنْ رضا الوزارةِ، وَفي كثيرٍ منَ الأحيانِ يحتاجُ رضا الوزارةِ توظيفَ الأفشلِ لِتحقيقِ مآربِها.. فَيقعُ المسؤولونَ بينَ خيارِ أنْ يكونَ صاحبَ دينٍ أوْ مبدأٍ، فَيُوظّفَ معلماً صالحاً قديراً مخلصاً في عملِهِ، فَيخسروا أموالاً وتسهيلاتٍ وزاريةً، لو حصّلوها لأمكنَهم رفعُ مستوى المشاريعِ التعليميّةِ، وَالدّوراتِ العلميّةِ.. أوْ أنّه يتاجرُ بِدينِهِ وَمبادئِهِ فَيُقصي الأنسبَ وَيُوظفُ عديمَ الكفاءةِ إرضاءً لهم، فَيُحصّلُ مكاسبَ ظاهريةً ينخدعُ بِها النّاسُ، بِالمقابلِ ينشأُ جيلٌ عديمُ العلمِ وَالخلقِ وَالدّينِ. فَإمّا مبدأٌ معَ خسارةٍ وَفشلٍ، وَإمّا بيعُ الدّينِ وَالمبدأِ معَ أرباحٍ وَتوظيفِ الفاشلينَ، وَفي كِلا الحالتينِ المتضررُ جيلٌ يَتجرّعُ كؤوسَ الفشلِ !! وَقِسْ على هذا باقي قطاعاتِ التوظيفِ، فَليسَ الأمرُ محصوراً على مجالِ المدارسِ !

3- المتاجرةُ بِالدّينِ وَالمبادئِ وَتأثيرُ رؤوسِ الأموالِ
في النقطةِ السابقةِ صورةٌ لِلمتاجرةِ بِالدّينِ وَالمبادئِ.. وَخذ صورةً أخرى، وَهيَ عدمُ استطاعةِ أيِّ مرشحٍ أنْ يصلَ للسلطةِ وحدَهُ ! بلْ هوَ بِحاجةٍ لِمعوناتِ رؤوسِ الْأموالِ، وَهوَ بِحاجةٍ لِدعمِ مرشحينَ آخرينَ، وَلذلكَ ترى الإنسانَ صالحاً تقياً مبدئياً وَهوَ بعيدٌ عنِ الانتخاباتِ وَالأحزابِ، فَإذا دخلَ هذهِ المعمعةَ وبِحوزتِهِ شيءٌ منَ الحزمِ وَالصدقِ لِيغيّرَ الفسادَ –وهوَ واهمٌ-، فَإذا بِـ"صنمِ المصلحةِ"، يراودُه عنْ نفسِهِ، وَقدْ غلّقَ عليْهِ الأبوابَ، فَيهمسُ لهُ في أذنِهِ: "إِنْ لمْ تتحالفْ معَ "المفسدينَ" فَلنْ تصلَ أنتَ لِلسلطةِ، وَسيصلُ حينَها المفسدونَ !! فَلا ضيرَ إنْ وَأدّتَ شيئاً منْ دينِكَ وَمبادئِك لِتُبقِي على مبادئَ أخرى .." وَلا أدري كيفَ التّحالفُ معَ المفسدينَ خيرٌ منْ وصولِ المفسدينَ !! وَلذلكَ كثيراً ما نرى الْمتناقضينَ كليّاً في المواقفِ وَالمبادئِ، يُصبحونَ حزباً واحداً ! فًأي منطقٍ أعوجَ هذا ! أنْ تتظاهرَ بِأنّك صاحبُ دينٍ أوْ صاحبُ مبدأٍ وَمواقفَ، وَتناقضُ كلَّ مواقفِك بيومٍ وَليلةٍ ! وَعنْ أيِّ مصلحةٍ تتحدثونَ وَقد بِتُّم تربّونَ أجيالاً على الميوعةِ وَالذّلِّ وَالخنوعِ ؟! وَصرتُم تُقدّمونَ لهمْ نماذجَ لا دينيةً لِتكونَ قيادةً لِأبنائِكم !! كما فعلَ غيرُكم منْ قبلِكم !!

4- صنمُ المصلحةِ الموهومةِ
وَإذا رحتَ تنكرُ عليهم أفعالَهم وَأقوالَهم، وَمحسوبِيّاتِهم، التي لا يمكنُ إدارةُ هذِه السلطاتِ من غيرِها، وَلا يمكنُ الِاستغناءُ عنْ قراراتِ رؤوسِ الأموالِ الخفيّةِ، فَإنّهم يَتعللونَ دائماً بِصنمِ "المصلحةِ"، وَتبّا لِهذا "الصنمِ" الذي ما أبقى ديناً إلّا شرخَهُ، وَلا أَبقى مبدأً إلّا هدمَهُ، وَليتَهم يبيّنونَ لَنا أينَ هيَ هذِهِ "المصلحةُ" ؟ وَما معيارُ النّظرِ إليْها ؟ بلْ دائماً يُشعرونَ النّاسَ بِأنّهم جهّالٌ سفهاءٌ، وَهم فقط العالمونَ العارفونَ بِدقائقِ الأمورِ، وَخفايا القضايا !! فَإنْ أنكرْتَ عليهم أيَّ منكرٍ، وَلو ناطحَ عنانَ السّماءِ بِسوءِهِ، وَهزَّ ثباتَ الجبالِ بِفُجْرِهِ، فِإنّك ستواجُهُ في كلّ مرّةٍ لفظا فضفاضاً عامّا، يُدخلُ الدّنيا مِنْ سعتِهِ بِردائِهِ، اسمُهُ "المصلحةُ"، فَفعلاً باتَت "المصلحةُ" المزعومةُ إلهاً، يُحِلُّ الحرامَ، وَيحرمُ الحلالَ، وَيستحلُّ الموبقاتِ، وَصدقَ اللهُ سبحانَهُ إذْ قالَ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) فِعلاً إنَّ هدمَ صنمِ "المصلحةِ" مِنْ قلوبِ النّاسِ لَهوَ أولى منْ هدمِ "هبل" !!

5- تربيةُ الأجيالِ على مواقفِ الخنوعِ
ثمَّ لوْ فرضْنا أنّ في منهجِهم "مصلحةً"، فَإنّ هناكَ أيضاً مفاسدَ أعظمَ وَأخطرَ، فَعلى ماذا –بِربِّكَ- سَتَتَرَبَّى هذِهِ الْأجيالُ التي لمْ تفقَه "عبقريّتَهم" في اسْتخراجِ المصلحةِ، هذِه الأجيالُ التي رأَتْ منَ "الإسلاميّين" أوْ أصحابِ "المبادئِ" أنَّ كلَّ شيءٍ حلالٌ، دونَ أنْ تعرفَ لِماذا، وَدونَ أنْ تتعرّف على "المصلحةِ" المزعومةِ، وَرأَتْ مجالسةَ المجرمينَ أمراً طبيعيّاً، وَرفعَ علمٍ نبغضُهُ وَنضللهُ طبيعيّاً ! فلنْ يحدثَ معَهم إلّا الصراعُ النّفسيِّ، وَالموتُ العقديُّ، وَالِانجرارُ وراءَ كلِّ فتنةٍ وَكلِّ ناعقٍ يتسلحُ بـ"المصلحةِ" !! فهمْ –ربّما- يسمعونَ بِثباتِ الصّحابةِ، وَمواقفِ التضحيةِ منْ جانبٍ، ثمَّ يرونَ عكسَها تماماً إذ يشرعَنُ الخنوعُ بِاسمِ الدّينِ !! وَالتّربيةُ بِالمواقفِ أرسخُ منَ التربيةِ بِالكلامِ الأجردِ .. بِالتّأكيدِ سيتعاملُ حينَها معَ هذا الدينِ، وَهذا القرآنِ العظيمِ، على أنّه كتابٌ قديمٌ لِزمانٌ قديمٍ، وَليسَ لَنا اليومَ منْهُ إلّا القراءةُ وَالتمتمةُ، رغمَ أنّهُ معجزةُ الخلقِ الذي (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

6- السلطاتُ أداةٌ لِتنفيذِ خططِ العدوِّ وَنشرِ البغضاءِ بينَ النّاسِ
في النّهايةِ لا تخرجُ هذِهِ السّلطاتُ على أنْ تكونَ أداةً في يدِ بني صهيونَ، لِتنفيذِ مآربِهم وَخططِهم، وَحصرِ الصّراعِ فيما بينَنا على أمورٍ تافهةٍ، وَتشتيتِ الطّاقاتِ وَالثاراتِ على أمورٍ منحرفةٍ، وَضلّتْ البوصلةُ، وَصارَ القادةُ يُربّونَ النّاسَ على التعاملِ معَ الواقعِ الطارئِ الذي نعيشُه، وَالظروفِ الاستثنائيةِ، على أنّها أمرٌ طبيعيٌّ، لا نطمحُ لتبديلِهِ، وَكونُ السيادةُ المطلقة لهم لا ضيرَ بِهِ، وَعليٍنا أنْ ننسى أنّهم عدوٌّ يسعى لِإفسادِنا بِكلِّ السّبلِ وَالطّرقِ الظاهرةِ منها وَالباطنةِ، وَصارَ الصراعُ على تحقيقِ "حقوقِنا" منْهم، وَلا أدري كيفَ نميّزُ حقوقَنا، مِنْ قانونٍ أقيمَ على دماءِ أجدادِنا وَأرضِنا المسلوبةِ، وَكيفَ نطالبُهم بِحقوقِنا، وهم الخصمُ والحكمُ والجلادُ !!! وَنسيانُ الأجيالِ الحديثةِ أنّهم محتّلونَ غايةٌ عزيزةٌ عندهم، قالَ تعالى (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) وَقالَ تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْـحَقُّ).

7- الانتخاباتُ حفلُ إبليسَ لِنشرِ العداوةِ وَالبغضاءَ
أصبحَتْ –لِلأسفِ- هذِهِ الانتخاباتُ حفلاً عظيماً لِإبليسَ وَجندِهِ، ففي مثلِ هذِه الأيّامِ تتحوّلُ البلداتُ العربيةُ إلى شعلةٍ منَ الأضغانِ وَالحقدِ وَالغيبةِ وَالنّميمةِ وَالسّبِّ وَاللعنِ، وتُهيّجُ النّاسَ على الفسادِ، بلْ قدْ يراقُ الدّمُ في بعضِ البلداتِ، قالَ تعالى (إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) وَهذا مقصدٌ عندَهم عظيمٌ.. أمّا تزكيةُ النفسِ فَحدثْ وَلا حرجَ، فَكلّ واحدٍ يَخرجُ لنا لِيجعلَ منْ نفسِهِ ملاكاً أُنزلَ منَ السّماءِ، وَيحدِّثُ عنْ إنجازاتِهِ وَمقصدِهِ وَنيتهِ "الخالصةَ الصادقةَ"، وَلوْ تمعنتَ في مدحِهُم لِأنفسِهم أوْ لأحزابِهم لَظننتَهم أنبياءً، وَاللهُ سبحانَه يقولُ (ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً . انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا).. ثمّ تراهم يُمطرونَ الخلقَ بِالوعودِ الكاذبةِ، الّتي توزّعُ للطرفِ الفلانيِّ، وَالعائلةِ الفلانيّةِ لِينتخبوهُ، وَيسرفونَ في ذلكَ بُحجةِ "المصلحةِ"، وَاللهُ سبحانَهُ يقولُ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) وَيقولُ (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).. وَلوْ صدقُوا في وعودِهم تلك للناسِ، فَالأمرُ حينَها أفظعُ وَأشدُّ، إِذْ كيفَ يُتاجَرُ بِمصالحِ البلدِ لِيرضى الطرفُ الفلانيُّ وَالفلانيّ، أَهكذا توزعُ الميزانياتُ وَتدارُ الأمورُ ؟! أهكذا يكونُ حمل الأمانةِ ؟ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) لِهذا ولما بينته في المقال السابق، أنصحُ كلَّ مسلمٍ حريصٍ على دينِهِ -كما نصحَ من قبلي علماءُ أفاضلُ- باجتنابِ هذِهِ الانتخاباتِ، سواءً ترشحاً أو تصويتاً أو معونةً، ولا أقولُ مقاطعتَها، بل اعتزالُ هذا الفسادِ خيرُ أمرٍ يفعلُهُ المسلمُ، وفي مثلِ هذه الأحوالِ يذكرُ حديثُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: " إِذَا رَأَيْتَ هَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، وَذَرْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ"، وَانشغلْ بالدعوةِ لِدينِ اللهِ، وَالتّمسكِ بِعقائدِهِ الحقّ، وَالثباتُ عليها هوَ خيرُ أمرٍ ينشغلُ بِهِ المسلمونَ، كَذلكَ لِننشغلَ بِتربيةِ أبنائِنا بِمواقفِنا الصادقةِ الثابتةِ لا المائعةِ، حتّى يُتمَّ اللهُ أمرَهُ. ففرّ بدينك خير لك من هذا العبث، وكبِّر على هذا الواقعِ أربعاً، وَارْثِي هذا العمَى، وَعَظَّمَ اللهُ أجرَكم في هذا الحالِ !!

و(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

أخوكم المشفقُ/ عبدُ الرؤوفِ محمدٌ أبو شقرةَ

السادس من ذي الحجة لعام 1434

10/10/2013

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.