ابراهيم خطيب في مقاله:
يجب طرح موضوع الكفاءة مقابل العائلية وليس الحزبية
الاحزاب السياسية العربية فشلت لحد معين بجعل انتخابات السلطات المحلية انتخابات على برنامج عمل سياسي
رئاسة او ادارة السلطة المحلية يمكن أن تجلب مكاسب للحزب السياسي تتمثل بالقوة والحضور ولكن بالمقابل هل هذا يعني بالقطع أنه سيكون مكسب لأهل البلدة من قيادة الحزب للسلطة المحلية
في خضم الاستعدادات لانتخابات السلطات المحلية التي نحن بصددها في غضون يومين، ومع مراقبة مجريات الاحداث في السلطات المحلية المختلفة يبدو أن هناك حاجة لبعض الملاحظات والأفكار التي أدعي أنها جديرة بالدراسة من قبل صنّاع القرار والسياسيين والأهالي: 1- الحزبية والعائلية والكفاءة: كانت على الدوام انتخابات السلطات المحلية محط أنظار واهتمام سكان القرى والمدن المختلفة لسببين أساسيين الأول كون السلطة المحلية تعمل في المحيط القريب للشخص وهو قريته أو مدينته وهي من يجب أن تقدم له الخدمات الاساسية التي يتوخاها إضافة لكون المنافسة فيها تعتمد على عنصر العائلية الذي لا يمكن التغاضي عنه.
اللمسات الحزبية القليلة
يبدو أن الاحزاب السياسية العربية فشلت لحد معين بجعل انتخابات السلطات المحلية انتخابات على برنامج عمل سياسي-بدل الاساس العائلي الذي تقوم عليه الان- وهنا يأتي التساؤل هل بالفعل انتخابات السلطات المحلية يجب أن تكون على أساس سياسي حزبي وهل هناك بالسلطات المحلية مكان للحزبية بمعنى اخر هل يمكن لأي حزب أن يقوم بتسيير البلد وفق رؤيته السياسية أو الفكرية وهذا تساؤل يجب أن تجيب عليه الاحزاب والحركات السياسية المختلفة! مع أننا ممكن أن نرى بعض التغييرات او اللمسات الحزبية القليلة ولكن لا أدري إن كانت كافية للتصويت على هذا الاساس. هذا لا يعني أن لا تتنافس الاحزاب على السلطات المحلية، ولكن يعني أن ندرك قدر دور رئيس السلطة المحلية الحزبي في التغيير المجتمعي من خلال قيادته للبلد، فصحيح أن رئاسة او ادارة السلطة المحلية يمكن أن تجلب مكاسب للحزب السياسي تتمثل بالقوة والحضور، ولكن بالمقابل هل هذا يعني بالقطع أنه سيكون مكسب لأهل البلدة من قيادة الحزب للسلطة المحلية.
المفاضلة بين العائلية أو الحزبية
كل هذا يقودني الى المعطى الاهم هو أن الناس يهمها الرئيس المنتج- طبعاً بعد العائلة !- ، الرئيس الذي يقوم بتقديم الخدمات اللازمة لأهل البلدة فهذه الوظيفة المنوط به أن يتحملها وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير الناس أنفعهم للناس» طبعاً الانتاج لا يعفيه أن يكون صاحب رؤية سياسية وطنية ، بل يتوجب عليه ذلك، ولا يجب أن ينسى أن هناك تمييز وعنصرية اتجاهنا اصحاب البلاد الأصليين وتسعى للعمل جميعاً وفق مشروع وطني جامع يحفظ هويتنا كفلسطينيين في الداخل. فالمفاضلة بين العائلية أو الحزبية، ليست دائماً هي المقارنة الأفضل بل الحديث عن الكفاءة والبرنامج الانتخابي بالإضافة لنظافة اليد هو الأجدى وبالتالي يجب طرح موضوع الكفاءة مقابل العائلية وليس الحزبية (لمجرد أنها حزبية)، هذا لا يلغي أن تكون الانتخابات حزبية ولكن حزبية تعتمد على الكفاءة والتنافسية بين الاحزاب تكون وفق من يخدم البلد ويكون هذا محور اهتمام الاحزاب المتنافسة.
إستغلال الحشود الجماهيري
2- السلطة المحلية كرافعة للعمل الجماهيري: كما ذكرت في النقطة الاولى فإهتمام الناس بانتخابات السلطات المحلية أكثر من الانتخابات للكنيست، يوجّب على الاحزاب والحركات السياسية الاهتمام بما يهم الناس ومحاولة استثمار الاهتمام الشعبي بإنتخابات السلطات المحلية ليكون رافعة للاهتمام بالشأن القطري وبقضايانا الوطنية من قضية النقب إلى تهويد الاقصى والقدس مروراً بمشاكل الأرض والسكن. السؤال كيف يمكن استثمار انتخابات سلطات محلية مبنية على أساس حمائلي حزبي مبني بالأساس على توفير الخدمات، لتكون رافعة لعمل سياسي مبني على عمل جماهيري وفعل سياسي يقارع سياسات السلطات الإسرائيلية، فمثلاً هل يمكن أن يكون هناك زخم جماهيري لقضية الارض والمسكن او النقب كما هو لحدث مثل انتخابات السلطة المحلية؟ هذا يوجّب على الباحثين وصناع القرار التفكير بالية مناسبة، لأن الحشد الجماهيري والاهتمام الكبير لانتخابات السلطات المحلية يجب أن لا يقتصر على السلطات المحلية بذاتها بل على أبعد من ذلك. وهنا يأتي دور لجنة رؤساء السلطات المحلية، لجنة المتابعة، ودور الاحزاب في التعامل مع رؤساء السلطات المحلية، فهل مثلاً يمكن استغلال الحشود الجماهيري هذه لطرح قضايا قطرية وطنية عامة واستثمار الشخصيات المحلية النافذة – المحزبة وغير المحزبة- لطرح قضايا وطنية عامة. هذا كله محط يجب أن يكون محط تفكير ودراسة!.
حرية الاختيار
3- وضع شروط للترشح في الانتخابات المحلية: مع فشل العديد من السلطات المحلية العربية نتيجة لعدم الكفاءة أو عدم نظافة اليد (إضافة للتضييقات السلطوية)، يتجه التفكير الى إمكانية وضع شروط للترشح للانتخابات في السلطات المحلية، فكل المرشحون يشيرون الى كفاءتهم الإدارية، ولكن كيف لنا قياس ذلك! هذا الاقتراح هو فكرة للنقاش لها ما لها وعليها ما عليها، فهل يمكن مثلاً أن ينتج عن هذه الفكرة لوبي ضاغط لأن تكون هناك شروط اضافية للمرشحين للسلطات المحلية منها مثلاً اللقب الأكاديمي، او عبور دورات تأهيلية ادارية وما الى ذلك.. فكما هي شروط القبول لمناصب مختلفة يجدر أن يكون رئيس السلطة المحلية لديه شروط اساسية لإدارة البلدة لضمان نجاعة العمل البلدي لحد معين. طبعاً هذا الأمر عليه من المآخذ. فهذا المقترح يحد من حريات مهمة للإنسان مثل حرية الاختيار، وتكافؤ الفرص إضافة الى أن الشروط يمكن أن لا تفي بالغرض منها كوننا نعرف أن هناك عدد من الاكاديميين أداروا سلطات محلية وفشلوا..
كل ما ذكر هي نقاط للنقاش (على الاقل لم أحسمها أنا شخصياً). وفي النهاية نتمنى أن تمر الانتخابات بسلام، وأن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب.
ابراهيم خطيب - باحث في مركز الدراسات المعاصرة
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net