د.غطاس: لم يرتكب التجمع خطأ بترشيح زعبي والجبهة إنهارت في الإنتخابات المحلية

كل العرب
نُشر: 01/01 16:01,  حُتلن: 15:28

د. باسل غطاس في مقاله:

علينا الإلتفات إلى بعض الظواهر الهامة التي برزت خلال العملية الإنتخابية والتي أظهرتها النتائج شبه النهائية للإنتخابات حيث ستجري هناك جولة ثانية للرئاسة في عدد من البلدات ولكن مهما كانت نتائجها فلن تغير في الصورة النهائية شيئا

المواطن العربي والمجتمع العربي يريان في الإنتخابات المحلية العامل الأهم والأكثر تأثيرا على حياته وعليه تتحول الإنتخابات المحلية طيلة أسابيع إلى الحدث الرئيسي الذي يشغل إهتمام ويستنفذ طاقات عشرات آلاف النشطاء 

النتائج تشير إلى إنهيار مدو للجبهة في الإنتخابات المحلية بغض النظر عن نتائج الناصرة التي إن تأكدت نهائيا بإنتخاب علي سلام بدل رامز جرايسي يصبح الإنهيار زلزالا سياسيا لا يمكن الوقوف حياله بلامبالاة

ما إرتكبته الجبهة من أخطاء سياسية بالإصرار على الذهاب لوحدها في مدينة عكا ورفض التحالف مع التجمع برفض أن يكون للتجمع الموقع الثاني ما أدى إلى سقوط الجبهة وحرق 1300 صوت عربي

نأمل أن تقوم الجبهة بمراجعة جدية لنهجها وتوجهها وأن تعيد حساباتها وتتخلص من العقلية العصبوية المتزمتة على نهج "من بعدي الطوفان" وأن تدرس تجارب التعاون الناجحة مع التجمع في عدد من البلدان

حقق التجمع نجاحات كبيرة في هذه الإنتخابات وحصل على تمثيل في العضوية في 21 سلطة محلية وحصل مرشحون مؤيدون من قبل التجمع على الرئاسة في عدد لا يستهان به من المواقع 

الجبهة دفعت ثمنا غاليا لخطابها الإقصائي وتعنتها الفئوي وجمودها الفكري والتنظيمي الذي تجلى أيضا في هجومها الشرس على كل ما هو ليس جبهة وتخوينه واعتباره طرفا في مؤامرة دولية لإسقاط الجبهة

خاصة على التجمع ووصمه بالمال السياسي والبترودولار ونشر هذه الفرية وغسل دماغ الكوادر بها فإذ بالمال بالملايين يتدفق في حملة رامز جرايسي وعلي سلام بينما كانت حملة حنين زعبي والقائمة الأهلية فقيرة الموارد 

من المبكر إجراء تقييم شامل لنتائج الإنتخابات المحلية ولا ينبغي التسرع في إطلاق الأحكام بهدف السبق لبعض العناوين المثيرة، كما يحب بعض الصحفيين، مثل تراجع للأحزاب مقابل القوى والقوائم المحلية أو تزعزع موقع عضو البرلمان العربي بسبب نتائج الناصرة وكفركنا.

سيأخذ التقييم الجدي والهادف بعض الوقت بطبيعة الحال، ومن المؤكد أن المؤسسات الحزبية والأكاديمية ستفعل ذلك في الأشهر القريبة. مع ذلك علينا الإلتفات إلى بعض الظواهر الهامة التي برزت خلال العملية الإنتخابية، والتي أظهرتها النتائج شبه النهائية للإنتخابات حيث ستجري هناك جولة ثانية للرئاسة في عدد من البلدات، ولكن مهما كانت نتائجها فلن تغير في الصورة النهائية شيئا.

المواطن العربي والإنتخابات 
أولا: تأكد من جديد أن المواطن العربي والمجتمع العربي يريان في الإنتخابات المحلية العامل الأهم والأكثر تأثيرا على حياته. وعليه تتحول الإنتخابات المحلية طيلة أسابيع إلى الحدث الرئيسي الذي يشغل إهتمام ويستنفذ طاقات عشرات آلاف النشطاء الذين يصلون الليل بالنهار من أجل إنجاح قوائمهم ومرشحيهم. وتتحول القرى والمدن العربية إلى ميدان واحد تجري فيه الإجتماعات والمهرجانات والحلقات البيتية كما وتعقد فيه الصفقات وتحيا فيه الأطر الطائفية والعائلية وتسكب فيه الأموال والموارد. لا يمكن أن يحدث هذا كله لو لم تكن الإنتخابات المحلية بحد ذاتها تعني المواطن العربي في صميم حياته وإحتياجاته اليومية، وتؤثر على جودة حياته والخدمات التي يحصل عليها وعلى تعليم أولاده ومصدر رزقه.  وإذا كان لدي من إستنتاج أولي وقاطع فهو أن على الأحزاب ليس فقط عدم ترك ساحة الإنتخابات المحلية وإنما تكثيف حضورها فيها وتطوير إستراتيجيات وطرق التعامل في الإنتخابات المحلية واتقان التفاعل مع الواقع العائلي والطائفي والحاراتي أحيانا من دون الوقوع فيه، بمعنى أن تكون نتيجة هذا التعامل فرض أجندات ومرجعيات سياسية بضمن الثوابت الوطنية على الإنتخابات المحلية، وفي المحصلة إضعاف العائلية والطائفية كأطر سياسية في حياة المجتمع.
لا تستطيع الأحزاب أن تسمح لنفسها بالغياب عن أهم حدث يؤثر في حياة الناس، ويشغلها طيلة أشهر، ولكن عليها أن تطور أدواتها وأن تستحدث يإبداع وسائل عملها حتى تستغل الإنتخابات المحلية ليس لتحقيق مكاسب حزبية فئوية ضيقة بل لكي تستثمر الإنتخابات في طرح البدائل التنموية والإجتماعية، ولرفع الوعي السياسي والإجتماعي والتركيز على العلاقة مع الدولة وأساليب الحكم المحلي كمدخل مستقبلي لتناول موضوع الإدارة الذاتية، ولتوطيد علاقتنا في الحيز العام وكذلك بقضايا جوهرية مثل موقع المرأة والعلاقة مع البيئة وغيرها.

إنهيار زلزال سياسي 
ثانيا: النتائج تشير إلى إنهيار مدو للجبهة في الإنتخابات المحلية بغض النظر عن نتائج الناصرة التي إن تأكدت نهائيا بإنتخاب علي سلام بدل رامز جرايسي يصبح الإنهيار زلزالا سياسيا لا يمكن الوقوف حياله بلامبالاة. فقد خسر مرشحوها المباشرون أو المدعومون من قبلها في العديد من المدن والقرى العربية منها: شفاعمرو وسخنين وعرابة البطوف وديرحنا وأم الفحم ومعليا والبعنة. لا يوجد ما يفرح بهزيمة أو تراجع حزب سياسي أمام قوى وأطر محلية سواء عائلية أو غيرها ومع ذلك فلا يمكن أيضا ألا نرى أن الجبهة دفعت ثمنا غاليا لخطابها الإقصائي وتعنتها الفئوي وجمودها الفكري والتنظيمي الذي تجلى أيضا في هجومها الشرس على كل ما هو ليس جبهة، وتخوينه واعتباره طرفا في مؤامرة دولية لإسقاط الجبهة، وخاصة على التجمع الوطني الديمقراطي، ووصمه بالمال السياسي والبترودولار، ونشر هذه الفرية وغسل دماغ الكوادر بها فإذ بالمال بالملايين يتدفق في حملة رامز جرايسي وعلي سلام، بينما كانت حملة حنين زعبي والقائمة الأهلية فقيرة الموارد وكان هذا واضحا للعيان.

أخطاء سياسية
الأنكى هو ما إرتكبته الجبهة من أخطاء سياسية بالإصرار على الذهاب لوحدها في مدينة عكا ورفض التحالف مع التجمع برفض أن يكون للتجمع الموقع الثاني، مما أدى إلى سقوط الجبهة وحرق 1300 صوت عربي. أما الخطيئة السياسية الكبرى فهي رفض دعم أو الانضمام للقائمة العربية اليهودية في يافا وتفضيل قائمة "عير لكولانو" المترأسة من قبل ليكودي بحجة الأجندة الاجتماعية التي يقودها دوف حنين في الحزب. هذه الخطيئة تتطلب نقدا ذاتيا وصريحا وعلنيا من قيادة الحزب والجبهة، وتتطلب اعتذارا صادقا لشعبنا عن الوقوع في هكذا خطيئة سياسية.
نأمل أن تقوم الجبهة بمراجعة جدية لنهجها وتوجهها، وأن تعيد حساباتها، وتتخلص من العقلية العصبوية المتزمتة على نهج "من بعدي الطوفان"، وأن تدرس تجارب التعاون الناجحة مع التجمع في عدد من البلدان، وتذوت ملامحها في عملها، ولا بد من مساءلة القيادات المتنفذة المسؤولة عن الفشل ولكن هذا شأن داخلي للجبهة لا نتدخل به.

نتائج متواضعة 
ثالثا: حقق التجمع نجاحات كبيرة في هذه الإنتخابات، وحصل على تمثيل في العضوية في 21 سلطة محلية. وحصل مرشحون مؤيدون من قبل التجمع على الرئاسة في عدد لا يستهان به من المواقع، منها مدن وبلدات رئيسية مثل شفاعمرو وسخنين وأم الفحم والطيرة وعرابة البطوف ودير حنا وغيها العديد مما سيؤثر بالتأكيد على تركيبة ومبنى اللجنة القطرية القادمة.
هناك من يعتبر أن ترشيح النائبة حنين زعبي لرئاسة بلدية الناصرة كان خطأ جسيما إرتكبه التجمع إزاء النتائج المتواضعة التي حققتها. لا نستطيع هنا تحليل نتائج انتخابات الناصرة وتقييم ما حدث من مفاجأة مدهشة بكل المقاييس، أي صعود علي سلام للمركز الأول وفوزه بالرئاسة من الجولة الأولى. ومع ذلك لسنا بحاجة لتفاصيل هذا التحليل حتى نقول إننا لم نرتكب أي خطأ بل بالعكس فقد كان هناك إقدام وشجاعة وتضحية غير عادية من النائبة حنين ومن التجمع بفرض أنفسهم في المعركة المحلية، وطرح البديل العصري والمدني، ومن ثم تغيير كل طبيعة الانتخابات في الناصرة.

تحقيق أماني النصراويين
لا يضير السياسي أبد العمل بالسياسة مهما كانت النتائج، فقيمة وموقع السياسي أيا كان تتحدد من إلتزامه بمبادئه وأخلاقيات وقيم موقفه، والتضحيات التي يقدمها لمجتمعه، وليس بعدد الأصوات التي يحصل عليها شخصيا في الصناديق في إنتخابات معينة فهذه خاضعة لعوامل وظروف عديدة لا يتحكم فيها السياسي، ولا يستطيع تغييرها بجولة واحدة. لقد وضعنا في الناصرة رقما جديدا واعدا إستقطب مئات المثقفين والناشطين الذين آمنوا في البديل، والتفوا حول حنين وهم، مع قوى التغيير الأخرى وحنين معهم، قادرون على تحقيق أماني النصراويين الحقيقية والصادقة بالتغيير في جولات قادمة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة