نانسي مزاوي شحوك :
هذا الإنسان وتلك الصفات تلاشت مع الوقت ولم تعد تنطبق وتتساوى مع قيم الصداقة المعهودة في الماضي والتي سَنّها الواحد منا لنفسِه أو لصَديقه اليوم
أين اختفت المعاني السّامية التي تبث الدفء في قُلوب الناس اتجاه من اعتبروهم أصدقاء إخوة وجزء لا يتجزّأ من حياتهم اليوميّة؟ هل بتنتا اليوم مُقتَنعين وبشِدّة بابتعادنا عن بعض
الدنيا لا تخلو طبعاً من النوادر والأمور الإستثنائية فقلائل من الناس هُم فعلاً أصدقاء يعيشون كلَّ معاني الصّداقة ويكنّون لها التّبجيل والإهتمام ولا يُفرطون بها لأي سببٍ كان حتى لو اضطرّوا لتحدّي أزمة الوقت
الفَرد الصّادق، الأمين، المُحب، المُهتَم، القَلِق، العطوف، المُتسامِح، الكريم والمُتضامِن في السرّاء والضرّاء مع شريكِه في الصّداقة، هوذا الصديق الحق الذي يستحق لَقَب يَتَرفّع به للمراتب العُليا في أحداق الطرف المُقابل، هوذا الإنسان الذي نحني له رؤوسنا فخراً وإجلالاً لحظة صَون الأمانة ومُداراتها في جوف صدره، كأنها ماسة ثمينة، خَوفاً عليها من الفُقدان والضّياع!!
ولكن...للأسف...هذا الإنسان وتلك الصفات تلاشت مع الوقت، ولم تعد تنطبق وتتساوى مع قيم الصداقة المعهودة في الماضي والتي سَنّها الواحد منا لنفسِه أو لصَديقه اليوم...والتي جعلت من كلمة صديق تترادَف مع مُصطلَح شائك يُسمّى "خَيْبة الأمل"...مُصطلح مُوجع، مُؤلِم، ويتناسب لسوء الحَظ مع مبادئ هذا الزّمن الفريد.
المعاني السّامية
مصالحُك الشّخصيّة؟ إهتماماتُك الخاصّة؟ ظُروفك السيّئة؟ أم ثرثرات الناس؟...كم من سُؤال ما زلنا نستطيع أن نُصيغ...؟ وكم من إجابة تائهة عن تبنّي الرّد الصحيح لِتُوضّح لنا أسباب ليست مُقنعة والتي جعلت من الإنسان فَرداً أنانياً لا يحترم معنى الصّداقة، يَنبُذها ويسحقها كأي حجرٍ يتفتّت بسهولة حين يُداسُ عليه؟؟
أين اختفت المعاني السّامية... المُتألّقة... التي تبث الدفء في قُلوب الناس اتجاه من اعتبروهم أصدقاء إخوة، وجزء لا يتجزّأ من حياتهم اليوميّة؟ هل بتنتا اليوم مُقتَنعين وبشِدّة بابتعادنا عن بعض، بسبب ظروف وأسباب اختلقها الإنسان عذراً، وجعلتهُ يتفكّك عن أي صديق أو عزيز لإي سببٍ كان لو صادفوه بالماضي لنعتوه بالتفاهة؟؟؟
عصر السّرعة
وفي المِحَن...وفي المواقف السّارّة...أين هُم أصدقاؤك الحَق؟ إلى أين تسَرَبوا في تلك اللحظة ؟ سَقَط القِناع؟ أم أنّهم تهاووا من أعينِنا في مُستنقعٍ مُلوث يُسمّى "خيبة الأمل"؟ عصر السّرعة؟ نعم... زمن التطور؟ هذا مُقنع... زمن لا تتّسع فيه ساعات النهار لانشغالاتنا؟ للأسف هذا الواقع...ولكن...أين نحن من أنفسِنا؟ مِن أصدقائنا؟ نحتاجهم أحياناً وبِقُوّة، حين نبكي وحين نضحك، حين ننهار وحين نتألق، يختفي شُعاعُ نورِهم ويُظلم طريقُهم. ليس لأنهم أبغضوك أو نبذوك، بل لأن الحياة اليوم باتت عقارب ساعتها مُزدحمة ومُتسارعة, تكاد أن تختنق داخل دائرتها الصّماء. فشمعة دربك المُميزة عليك أنت أن تَتحسّس طريقها بِحكمة وإتقان، وأن تُقَلّص من توقّعاتك المُحبطة إتجاه أي شخص نعتّهُ ذات يوم بالصديق المُقرّب...
خيبة الأمل
الدنيا لا تخلو طبعاً من النوادر والأمور الإستثنائية، فقلائل من الناس هُم فعلاً أصدقاء يعيشون كلَّ معاني الصّداقة، ويكنّون لها التّبجيل والإهتمام، ولا يُفرطون بها لأي سببٍ كان، حتى لو اضطرّوا لتحدّي أزمة الوقت، لنجدهم مُقربين، مُهتمين ومُتمّمين معنى الصداقة الأصلية. فَعَجبي من صديقٍ تهبُ لهُ كلَّ ما تملك من اهتمامات وأوقات وساعات مُطَوّلة في التّربيت على كتفه وقت ضيقِهِ، ويُكافيك بالمذلّة والتّنحي، والإنسحاب والهروب باتو من سمات شخصِهِ ورفيقِه...وبتنا نجد خيبة الأمل هي المُرادف الأنسب للصّديق في قاموس كل المُجتمعات المبنية على العلاقات المُتفكّكة المُتدهورة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net