أعلنت بلدية الناصرة في بيان لها أن المنطقة التي ستشهد القداس الإلهي ستكون مغلقة للسيارات والزوار بما في ذلك الشوارع المؤدية لها ابتداءً من الساعة السادسة صباحاً حتى الخامسة مساءً
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة ظهر اليوم الأحد بمناسبة اختتام "سنة الإيمان" التي أعلنها البابا بندكتس السادس عشر بقداس إلهي كبير يقام على جبل القفزة في مدينة الناصرة وسيترأسه غبطة البطريرك الاورشليمي للاتين فؤاد الطوال
رئيس بلدية الناصرة علي سلام:
قمنا بهذا المشروع في جبل القفزة وكنا على علم أن هذا المكان سوف يستقبل الكثير من المناسبات
بلدية الناصرة عملت في الأيام الأخيرة على ترتيب وتجهيز المكان من أجل إستقبال هذا الحدث الديني الكبير ومدينة الناصرة ستشهد الكثير من المناسبات والإحتفالات
الناصرة ترحب بجميع ضيوفها فهي مدينة البشارة والمحبة والتآخي والسلام وبلدية الناصرة تقوم بجلسات مع المسؤولين عن مسيرة عيد الميلاد ومهرجان الميلاد وسيكون لنا إهتمام كبير أكثر من السنوات السابقة
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة ظهر اليوم الأحد، بمناسبة اختتام "سنة الإيمان" التي أعلنها البابا بندكتس السادس عشر، بقداس إلهي كبير يقام على جبل القفزة في مدينة الناصرة وسيترأسه غبطة البطريرك الاورشليمي للاتين فؤاد الطوال، وذلك بمشاركة الآلاف من سكان البلاد وجموع غفيرة من الحجاج.
وكان مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة قد دعا جميع الأبرشيات والرعايا في العالم إلى إعلان جماعي للإيمان الكاثوليكي في الناصرة "حيث بدأ كل شيء"، تحت شعار "اقبل الإيمان الذي منح لك.. امنح الإيمان الذي قبلته". وأعلنت بلدية الناصرة في بيان لها أن المنطقة التي ستشهد القداس الإلهي ستكون مغلقة للسيارات والزوار، بما في ذلك الشوارع المؤدية لها، ابتداءً من الساعة السادسة صباحاً حتى الخامسة مساءً. فيما سيكون الدخول إلى القداس فقط من خلال الحافلات التي ستقل الراغبين من المواقف المخصصة وبالعكس.
بيان شرطة الشمال
وأفاد الناطق بلسان شرطة الشمال، في بيان عممه على وسائل الإعلام، وصلت عنه نسخة الى موقع العرب وصحيفة كل العرب، أنه "في أعقاب قداس سنة الإيمان الذي سيعقد اليوم الأحد في جبل القفزة في مدينة الناصرة، سوف يتم منع المركبات من دخول منطقة الجبل، ما عدا الباصات والنقليات التي تلقت موافقة على الدخول، وذلك ما بين الساعة 5:00 وحتى الساعة 15:00. وعليه تدعو الشرطة الى اتخاد طرق بديلة".
محبة وتآخي
وفي حديث مع رئيس بلدية الناصرة علي سلام، قال: "قمنا بهذا المشروع في جبل القفزة وكنا على علم أن هذا المكان سوف يستقبل الكثير من المناسبات". وأضاف قائلا: "بلدية الناصرة عملت في الأيام الأخيرة على ترتيب وتجهيز المكان من أجل إستقبال هذا الحدث الديني الكبير ومدينة الناصرة ستشهد الكثير من المناسبات والإحتفالات وهو من أكبر الأماكن في البلاد ويستسع لـ60 ألف شخص". وأضاف علي سلام: "مدينة الناصرة ترحب بجميع ضيوفها فهي مدينة البشارة والمحبة والتآخي والسلام وبلدية الناصرة تقوم بجلسات مع المسؤولين عن مسيرة عيد الميلاد ومهرجان الميلاد وسيكون لنا إهتمام كبير أكثر من السنوات السابقة والمدينة جاهزة وحاضرة لهذا الفعاليات وسنقوم بدعم جميع الفعاليات التي تدخل البهجة والسرور الى قلوب أهالي المدينة جميعا".
كلمة البطريرك فؤاد طوال في قداس اختتام "سنة الإيمان" في الناصرة
أصحاب السيادة المطارنة الأجلاء، أعضاء مجلس أساقفة الأرض المقدسة، الكهنة الأفاضل، الرهبان والراهبات الأكرمون، أيها الإخوة والأخوات المؤمنون الكرام، نُرحب بكم ونشكر كل الذين جاؤونا، من قريب أو من بعيد، ليشاركونا هذه الذبيحة الإلهية في ختام سنة الإيمان، سواءً من الجليل، أو من مناطق الضفة الغربية، والحجاج القادمين من مختلف دول العالم، ليعيشوا هذه اللحظات الثمينة في بلادنا المقدسة، هنا في الناصرة، حيث بدأ كل شيء. كما ونقدم الشكر الجزيل لكلّ من ساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إنجاح سنة الإيمان هذه، سواء أكان ذلك من خلال تحضير البرامج المتعددة، أو الوثائق والنشرات، أو الرياضات الروحية والكتيبات...إلخ، كي تكون هذه السنة سنة مثمرة ومليئة بالخيرات والبركات الروحية. كما ونشكر أيضاً السلطات المدنية التي هيّأت كلّ الظروف لضمان نجاح هذا الحدث التاريخي والروحي الهام.
الإيمان
ومن هنا، من على جبل القفزة، لا بدّ لنا مِن أنْ نتساءل: أولاً: ما هو الإيمان؟ الإيمان هو أحد الفضائل الإلهية الثلاث، بالإضافة إلى الرجاء والمحبة. الإيمان هو الموقف الذي يتخذه الإنسان للإجابة على دعوة الله، وتصديق كلِّ ما أوحى به. الإيمان ليس مجرد قبول فكري وعقلي لحقائق معينة حول الله، ولكنه فعل استسلام بنوي حر وطوعي، لله الآب الذي يحبنا ويعتني بنا، وهو انتماء والتزام كامل، يترجم على أرض الواقع من خلال السلوك الصالح وحفظ الشرائع والوصايا. إن الكتاب المقدس مليء بقصص الأشخاص الذين لبّوا دعوة الله بطاعة الإيمان. والمثال الأبرز هو "إبراهيم"، أبو المؤمنين، الذي لبى دعوة الله وغامر ومشى مع الله دون أية ضمانات، بثقة مطلقة واستسلام كامل دون خوف أو تردد. أما في العهد الجديد، فنجد أجمل مثال إيمان السيدة مريم العذراء، التي قبلت كلمة الله في أحشائها الطاهرة فصار بشراً وسكنَ بيننا، ثمّ ماتَ وقامَ وصعد إلى السماء وأرسلَ الروحَ القدس، هنا في فلسطين، كاشِفاً لنا وجهَ الآب المحب، الذي يريد خلاص جميع الناس. يسوع هو موضوع ومحور الإيمان، الذي يكمن ويُترجم في اتِّباع شخص المسيح، وحمل صليبه كل يوم، والسير وراءه. ومن هنا تنبعُ ضرورة شهادة حياة الإيمان الصادقة والحقيقية، مهما ثَقُلَ الصليب وساءت الظروف. الإيمان الصادق هو الذي يترجم إلى أعمال محبة على صعيد العلاقة مع الله أولاً والإنسان ثانياً، والله يعلم كم نحن بحاجة إلى بعضنا البعض مهما كانت مسؤولياتنا. هذه المحبة الفعّالة التي تغمر قلب المؤمن، تدفعه إلى حمل بشارة الإيمان وإعلانها بين الأهل والأقارب. يعني الإيمان أيضاً أن نؤمن بمحبة الله التي لا تضعُف أمام شر الإنسان وشغفه بالحرب والعنف، والتي تستطيع أن تحول الشر وكل أشكال الموت والعبودية، إلى إمكانية للسلام والحياة؛ فالله لن يتوقف يوماً عن مسامحتنا وغفران خطايانا وآثامنا.
تقدم روحي
ثانياً: ماذا أنجزنا خلال هذه السنة، وما هو مقدار التقدم الروحي الذي حققناه؟
لا بدّ لنا من التساؤل ومراجعة الذات وفحص دقيق للضمير. وضع الله بين أَيدينا هذه السنة أمانة ووزنة سنحاسب عليها؟ ماذا فعلنا بها وكيف استثمَرناها؟ هل تاجرنا بها واستغللناها خير استغلال؟ أم دَفنَّاها وخَبَّأناها في قَبْوِ حياتِنا؟! مِنْ أيِّ فئةٍ نحنُ؟ هل نحنُ مِن الّذينَ يُهَنِّئُهم المسيحُ على إيمانِهِم، ويَضرِبُ فيهم مثلاً؟ كقائدِ المئة "الوثني" الذي أشادَ المسيحُ بإيمانِه أمام جموعِ اليهودِ قائلاً: "لم أَجِدْ مِثلَ هذا الإيمان في أحدٍ مِن إسرائيل" (متى 10:8). أو كالناسِ الذين أتوه بمقعدٍ مُلقىً على سَريرهِ وكلُّهم إيمانٌ وثقةٌ بالشفاء (متى 1:9-2). أو كالمرأةِ المنزوفةِ التي بَرِأتْ بفضلِ إيمانِها بقوةِ يسوع الشافية والمعافية، فقط بمجَرَّدِ لَمسِ هُدْبِ رِدائِه (متى 20:9-22). أو كبطرس الذي شَهِدَ شهادة الإيمانِ الكُبرى دون خجلٍ أو وَجل: أنتَ المسيحِ ابنِ اللهِ الحَيّ (متى 16:16).
ولكن هناكَ أيضاً أولئكَ الذين يُوَبِّخُهم المسيحُ على قلَّةِ إيمانِهم، والأمثلةُ كثيرة في الكتاب المقدس: كمثالِ الرسل الخائفين والمذعورين أمامَ هَولِ البحرِ، وشِدَّةِ الريحِ عندنا هنا في بحيرةِ طبريا (متى 26:8)، أو كبطرس الذي خافَ وشَكَّ أمامَ تلاطمِ الأمواجِ وعَصفِ الأنواء، فأخذَ يغرق (متى 30:9-31). أو كالجموعِ التي تَعجَّبَ يسوعُ من عدمِ إيمانِها وجُحودِها، في الناصرةِ وَطنِه (مرقس 6:6) أيُّها الإخوةُ والأخواتُ، الإيمانُ هوَ هذا الكنزُ الذي نحمِلُه في آنيةٍ من خَزَف (2قور 7:4) والخَزفُ هَشٌّ وسهلُ الكَسر، فإذا سقطَ وانكسرَ، فُقِدَ ما فيه وتَبَعثَر. ونحن بدورِنا، هل نستثمرُ هذهِ الوَزَنة الإلهية ونُنمِيهَا بأعمالِ الخيرِ والشعورِ مع كلِّ محتاجٍ ومِسكين مادياً أو روحياً؟ وأكثرُ من ذلك، هل نحنُ مستَعِدُّونَ لأن نؤدي شهادةَ الإيمان في كلِّ حين؟ فنكونَ له شُهوداً في أورشليم وكلِّ اليهوديةِ والسامرة، حتى أقاصي الأرض (أع 8:1) أمامَ هذا الواقعِ الصَّعبِ والأليم: حروبٌ تملأُ الشرقَ الأوسط/ لاجِئونَ مشردونَ هائمونَ على أوجُهِهم، غرباءٌ ودخلاءٌ في أوطانِنا/ أُمهاتٌ ثكلى وأطفال يتامى لا حولَ لهم ولا قوة/ سلامٌ يتعثّر دونَ الوصولِ إلى أيّةِ نتيجةٍ حقيقية... لن نبحثَ عن أَجوِبَةٍ وحلولٍ عندَ أهلِ السياسة، ولا في أروقةِ الحكومات ومجالسِ الأُمم. فقد أثبتوا أنَّ الفشلَ حليفُهم، ولا همَّ لهم سِوى نيلِ مطامِعِهم وتحقيقِ مآرِبِهم، على حسابِ أرواحِ الناس وحياتِهم وكرامتِهم البشرية.
السلامِ الحقيقي الشامل
الحلُّ والفرجُ عندَ اللهِ وفي اللهِ فقط؛ هو ربُّ السلام، يمنُّ علينا بالسلامِ الحقيقي الشامل، المبني على العدالةِ والكرامةِ والحرية لجميع الناس، القائمِ على المساواةِ واحترامِ حقوقِ الناسِ وصونِ أعراضِهم ومُعتقداتِهم وبيوتِ عبادتِهم. إيمانُنا هو في اللهِ فقط، وصُراخُنا لا يعلو إلا نحوَ اللهِ فقط، واعتِصامُنا والتِجاؤنا لا يكونُ إلا لدى اللهِ فقط. وأكبرُ مثالٍ على ذلك هو صلاةُ البابا فرنسيس في السابعِ من أيلول الفائت، مع ملايينِ المؤمنين في شتّى أصقاعِ الأرض، صلاةٌ أوقفتْ حرباً كادَت أن تستعرَ وتشتعل، صلاةٌ مصحوبة بالصوم بإيمان مَنَعَت صواريخَ الدمار التي أوشَكَت أن تُمطِر المنطقة، صلاةٌ بإيمانٍ أعادَت المنطقَ والرُشدَ إلى مِنْ بيدِهِم مصيرُ الشعوب. قوةُ الصلاةِ والصومِ والتوبة، غَلَبت قوة الموتِ والحقدِ والكَرَاهِية. أمام أيَّ واقعٍ بشريٍ ودُنيوي، يبقى جوابُنا هو جوابُ المؤمن المتَّكِلِ على الله. نلتجئُ إلى يسوع، كما التجأ إليهِ التلاميذُ الخائِفون: "ارحمنا يا ربُّ فقد هلكنا". يأتي هو إلينا، يُسكِّنُ رَوعنا، ويهدِّئ اضطرابَنا.
يا رب، أيمانُنا ضعيفٌ فقوِّ إيمانَنا، هلمَّ لنجدتِنا، تحنَّن علينا وارحمنَا، تحنَّن على بلادِنا فلسطين وعلى سوريا ومصر وكلِّ الشرقِ الأوسط النازِف. إنْ كُنَّا قد أنجزنا شيئاً خلالَ سنة الإيمان هذهِ، ولو يَسيراً، فساعِدنا على الثَّباتِ والاستمرار في النُموِّ والتقدُّمِ في الإيمان. وإنْ كنَّا قد تخاذَلنا وتقاعَسنا، فارحَمنا وساعِدنا على البدءِ والانطلاق بقوةِ نعمتكِ ومعونةِ روحك القدُّوس. اِفتحْ عيونَنا كي نراكَ بالإيمانِ في شخصِ القريب وفي حوادثِ الحياة. أَزِلْ غشاوةَ اللامبالاةِ والكبرياء، وازرَع فينا بساطةَ الإيمان، واجعلنا نُلقي بأنفُسِنا بين يديك كثقة الطفلِ في حِضنِ أبيه.
إيمان وطاعة
ومن هنا، من على جبل القفزة، يسطع لنا أجمل مثالٍ للإيمان والطاعة وقبول مشيئة الله، في شخص أمنا مريم العذراء، بنت الناصرة وسيدة فلسطين وشفيعتها. إيمان مريم هو إيمان بلا شك، وبلا جدال، وبلا خوف. إيمان يقبل بطاعة وصبر واستسلام، سيف الحزن والألم الذي جاز في نفسها وفي قلبها. هو إيمان صامت، فمريم كانت تحفظ كل شيء وتتأمله في قلبها. هو إيمان مصلي من خلال هذا الصمت وهذا التأمل. هو إيمان يتحدى ويقبل أن يقف عند أقدام يسوع المصلوب. أيها الأبناء الأحباء، وإن كانت قد انتهت سنة الإيمان "زمنياً"، فالإيمان لم ينته ولن يتوقف. بل حري بنا وواجب علينا أن نواصل المسيرة، وأن نواصل الصلاة، وأن نواصل الاجتماعات واللقاءات، وأن نواصل قراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية... أيها الأحباء القادمون من كل أنحاء الوطن، جاهدوا الجهاد الحسن وأتموا شوطكم، وحافظوا على الإيمان (2 طيموتاوس 7:4). حتى إذا أتت الساعة، سمعنا صوت الآب السماوي يخاطبنا: "أحسنت أيها العبد الصالح الأمين، كنت أميناً على القليل، فسأقيمك على الكثير، أدخل نعيم سيدك" (متى 21:25).