روبرت فيسك:
اسرائيل أظهرت تعاطفها الانساني مع عرفات عندما نقل للمعالجة في باريس وقبل وفاته
ياسر عرفات قدم الكثير من التنازلات لإسرائيل لأنه أضحى طاعناً في السن حينها وأراد أن يذهب إلى فلسطين قبل أن يموت مضيفاً أن العديد من "أنصار عرفات السياسيين ما زالوا يقدمون التنازلات حتى يومنا هذا
عرفات عندما وقع إتفاق أوسلو لم يكن قد رأى في حياته أي مستعمرة يهودية مبنية على الأراضي المحتلة فعرفات وثق بالأمريكيين وبالإسرائيليين وبأي شخص يقول كلام موزونا
من المرهق أن يبدأ المرء حياته المهنية بأنه "إرهابي خطير" في بيروت ثم يستقبل في البيت الأبيض على أنه "رجل دولة" ثم تصنفه اسرائيل ثانية بأنه "ارهابي"
اسرائيل كانت قد حاولت تسميم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الأردن والملك حسين تدخل شخصياً وعقد صفقة تم بموجبها إنقاذ حياته وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل لاحقاً بصاروخ اطلقته عليه
تناولت الصحف البريطانية الصادرة الاثنين عددا من القضايا العربية والشرق أوسطية من بينها أوضاع العمالة الأجنبية في قطر والعلاقات بين ايران واسرائيل وغيرها من القضايا. فقد كتب مراسل صحيفة الاندبندنت، روبرت فيسك مقالا بعنوان "السم الحقيقي الذي قتل عرفات هو ثقته بأمريكا واسرائيل- أخطاء ما زال أبناء شعبه يدفعون ثمنها حتى اليوم".
وقال فيسك في مقاله إن ياسر عرفات قدم الكثير من التنازلات لإسرائيل لأنه أضحى طاعناً في السن حينها وأراد أن يذهب إلى فلسطين قبل أن يموت، مضيفاً أن العديد من "أنصار عرفات السياسيين ما زالوا يقدمون التنازلات حتى يومنا هذا". وأوضح فيسك في مقاله أن عرفات عندما وقع إتفاق أوسلو لم يكن قد رأى في حياته أي مستعمرة يهودية مبنية على الأراضي المحتلة، فعرفات وثق بالأمريكيين وبالإسرائيليين وبأي شخص يقول كلام موزونا". وأضاف كاتب المقال أنه من المرهق أن يبدأ المرء حياته المهنية بأنه "إرهابي خطير" في بيروت ثم يستقبل في البيت الأبيض على أنه "رجل دولة"، ثم تصنفه اسرائيل ثانية بأنه "ارهابي"". ووصف فيسك الأيام الأخيرة لعرفات في مقره في رام الله وكيف كانت تسقط عليه القذائف الاسرائيلية. وقال فيسك إن "القليل من زائريه وصفوا عرفات حينها بأنه كان يبدو ضعيفاً ومرهقاً ومريضاً".
جريمة قتل
ونقلاً عن فيسك فإن أحد الدبلوماسيين الإسكندنافيين الذي استطاع مقابلة عرفات في هذه الفترة قال إن "عرفات لا يرتدي الجوارب"، موضحاً أنه خلال المقابلة كان يزيل الخلايا الميتة من قدميه"، مضيفاً أن "دورات المياه كانت رائحتها كريهة". وقال فيسك في مقاله إن "اسرائيل أظهرت تعاطفها الانساني مع عرفات عندما نقل للمعالجة في باريس وقبل وفاته". وأضاف فيسك أنه اعتقد إن الشائعات ستتوقف إن هو بقي على قيد الحياة، وإن مات فسيكون مات مسموماً كما مات نابليون الذي سمم من قبل البريطانيين، إلا أن عرفات بالفعل مات، وقيل لنا إنه مات مسموماً". وأضاف كاتب المقال أن " أرملة عرفات المبعدة عن زوجها لسنوات بدأت تتحدث عن جريمة قتل تعرض لها زوجها"، ويروي فيسك أنه لسنوات أضحى موضوع وفاة عرفات مقرونا بكلمة "السم".
إعطاء ثقة
وأشار فيسك إلى أن اسرائيل كانت قد حاولت تسميم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الأردن، مضيفاً أن الملك حسين تدخل شخصياً وعقد صفقة تم بموجبها إنقاذ حياته وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل لاحقاً بصاروخ اطلقته عليه وهو على كرسيه المتحرك. وقال فيسك في ختام مقاله إن المفكر الفلسطيني البارز ادوارد سعيد قال له عندما التقى به في عام 1985 إن "عرفات قال له إن الشيء الوحيد الذي لا أتمناه لي ، هو أن أكون مثل الحج أمين، كان دائماً على صواب ومات في المنفى على أيدي البريطانيين، وكان الخطاً الذي ارتكبه الحج أمين هو ذهابه إلى برلين خلال الحرب العالمية آملاً أن يساعد هتلر الفلسطينيين، وكانت هذه الخطوة هي أكبر هفوة يرتكبها الجانب الفلسطيني، تبعها عرفات عندما زار صدام حسين معلناً عن تأييد لغزو الكويت، اعتقاداً منه أن حسين سيحرر فلسطين. وختم بالقول إن السم الذي يجب أن ندرسه هو الثقة التي أعطاها عرفات للأمريكيين والاسرائيليين.