نوّاب قال/ بقلم: البروفيسور سليمان جبران

كل العرب
نُشر: 01/01 11:37,  حُتلن: 11:38

البروفيسور سليمان جبران في مقاله:

إذا كانت السلطات الإسرائيلية حتى في هذه الأيام تتفنّن في التمييز ضدّ العرب "بالقانون" فكيف يومها في ظلّ الحكم العسكري وكلابه من عرب باعوا أنفسهم للحاكم؟

من "أفضال" الحكم العسكري على العرب هنا، في أوّل عهد الدولة الميمون، النوّاب "العرب" في الكنيست. إذا كانت الأجيال الشابّة اليوم لم تعرف هذه "الظاهرة" فعليهم أن يحمدوا ربّهم شاكرين. كان المباي، الحزب الحاكم يومها، يركّب في كلّ انتخابات للكنيست قوائم "عربية"، تمثّل الأديان كلّها بين العرب، وتتنافس في خدمة السيّد.

يصعب على أبناء اليوم تصوّر ما كان يومها؛ سواء أساليب المعراخ الفريدة ضدّ العرب، أو استكلاب عرب كثيرين في خدمة أسيادهم. إذا كانت السلطات الإسرائيلية، حتى في هذه الأيام، تتفنّن في التمييز ضدّ العرب "بالقانون"، فكيف يومها، في ظلّ الحكم العسكري، وكلابه من عرب باعوا أنفسهم للحاكم؟ كان العرب يومها أقليّة مكسورة محبطة، فقدت ثقتها بزعمائها وبنفسها، والأذناب؛ يعني كلاب السلطة، يصولون ويجولون؛ سواء بين أهليهم في القرى العربية، أو في الدوائر الرسميّة بما فيها الكنيست؛ مسرح الساسة "الإيجابيين"، كما كان يسمّيهم أسيادهم.

في تلك الأوضاع المزرية؛ سفالة الحكومة واستكلاب أذنابها العرب، لم يكن أمام الناس الطيبين من سبيل كالسخرية للتنفيس عن كربهم، وتحقير الأذناب بينهم. في قريتنا البقيعة، مثلا، كان اسم الأذناب "أولاد الإربعا"، لأنّهم كانوا في هذا اليوم من الأسبوع يتقاطرون لزيارة سيّدهم في مقرّه، محمّلين بالوشايات الكبيرة والصغيرة، الصحيحة حينا، والمختلقة أحيانا، حين لا يجدون في ذلك الأسبوع "رسم الدخول" عند مشغّلهم ووليّ نعمتهم؛ سعادة الحاكم العسكري.

من سخريات تلك الأيام بالأذناب ما زالت في البال، ولا تبرحه، اثنتان: رسمة كاريكاتير وبعض الأبيات الشعرية. كانت رسمة الكاريكاتير عبارة عن رافعة، ونش يعني، مربوطة بها أيدي النوّاب العرب، والحاكم يقوم برفع أيديهم متى شاء وكيف شاء، لأنه لا يتّكل عليهم طبعا في فهم ما يجري في الكنيست من نقاش، أو موضوع التصويت بعد ذلك.

أما الأبيات الشعريّة، ولم تنشر يومها كاملة، فقد حفظ كثيرون منّا بعض أبياتها أو كلّها. بحثنا عنها، في هذه الأيّام، فوجدنا أنها للكاتب السوري حسيب الكيّالي. وها نحن نقوم بنشرها كاملة في هذه الأيّام: يقرؤها كبار السنّ منّا، فيتذكّرون تلك الأيّام السوداء، ويتعرّف بها شباب اليوم على تلك الظروف الشاذّة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم:

أيّها النائبُ والشهمُ الذي يُدعى فلانا
لا أسمّيك فقد أُطرحُ في السجن زمانا
هاتِ خبّرْني لماذا حين تأتي البرلمانا
يسقطُ الرأسُ على الصدر وتغفو يا أخانا
قال هذا مبدأ يبعث في النفس الأمانا
نحن حزب يملأ الجوَّ شخيرا والمكانا
نحن لا نخطب في المجلس لكن من (..)
قلتُ هل أنتم كثيرٌ يا عظيما جلّ شانا
قالَ إخرسْ إنّنا نحن خلقنا البرلمانا!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة