أمجد عرار في مقاله:
قد لا يكون هذا الدستور، وأي دستور، مثالياً وكاملاً، قد تنتابه نواقص أو عيوب، لكنّ إرضاء الناس غاية لا تدرك
يكون مشروع الدستور قد تحوّل إلى دستور يسري مفعوله على من صوّت ومن قاطع ومن قال "نعم" أو قال "لا"
المعارضون قالوا كلمتهم بالمقاطعة أو بقول "لا" لمشروع الدستور، لكن الاغلبية الساحقة من المصوّتين قالت نعم، وأصبح الدستور نافذاً علماً بأن نسبة المشاركة في التصويت فاقت نسبة المصوتين لمشروع دستور 2012 والتي بلغت 9 .32 بالمئة
بعد دفع وجذب، وجدل مفيد أو عقيم، وعنف وفوضى وإرهاب قطعت "جهينة" الشعب قول كل "خطيب" مشكّك في إرادة الأغلبية وخارطة المستقبل . الشعب المصري قال كلمته الفصل تأييداً لمشروع الدستور الجديد للبلاد . نقول "الشعب المصري" ونحن ندرك أن نسبة ال 6 .38 بالمئة التي شاركت في الاستفتاء ليست كل الشعب، لكنّها تمثّل كل الشعب، وهي على كل حال تفوق نسبة المشاركين في استفتاء 2012 تحت حكم الإخوان المسلمين، مع التذكير بأن المشاركة في العملية كانت متاحة لكل أصحاب حق الاقتراع، فمن غاب عنها كسلاً أو موقفاً، أو التزم بموقف المقاطعين من إخوان مسلمين أو أنصار لعبدالمنعم أبو الفتوح أو مستقلين، هذا خياره، لكنّه موضوعياً فرّط بحق وواجب.
دستور يسري مفعوله
بهذا يكون مشروع الدستور قد تحوّل إلى دستور يسري مفعوله على من صوّت ومن قاطع ومن قال "نعم" أو قال "لا" . ما يعطيه الدستور للمواطن يأخذه المؤيّد مثلما يأخذه الرافض والمقاطع . وما يأخذه الدستور من المواطن، يأخذه من الجميع، وما يتضمنه من عقوبات بحق المخالفين ينطبق على الجميع، ولن يعود القضاء إلى سجل الناخبين ليربط حكمه بشكل التصويت على الاستفتاء أو في أي استحقاق انتخابي قادم . هكذا هي اللعبة الديمقراطية، وهذا أحد تجليّاتها المهمة إذ يتعلّق بدستور ناظم يحتكم إليه الجميع .
المعارضون قالوا كلمتهم بالمقاطعة أو بقول "لا" لمشروع الدستور، لكن الاغلبية الساحقة من المصوّتين قالت نعم، وأصبح الدستور نافذاً، علماً بأن نسبة المشاركة في التصويت فاقت نسبة المصوتين لمشروع دستور 2012 والتي بلغت 9 .32 بالمئة . والعملية الأخيرة جرت بإشراف أكثر من سبعة عشر ألف مراقب محلي وعربي وإقليمي، ولم يتحدّث أحد عن تجاوزات ذات وزن وتأثير.
إرضاء الناس غاية لا تدرك
قد لا يكون هذا الدستور، وأي دستور، مثالياً وكاملاً، قد تنتابه نواقص أو عيوب، لكنّ إرضاء الناس غاية لا تدرك . كما أن هذه هي الخطوة الأولى في خريطة المستقبل، وستكون الخطوة التالية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وهي ستجري وفق الدستور الجديد الذي يحدد للرئيس ولايتين، وبالتالي لا خوف من أية إعادة لإنتاج الدكتاتورية، وإن حصل شيء من هذا فالشعب لن يدعه يستمر . من تنطبق عليه شروط الترشح للرئاسة والنيابة من حقّه أن يفعل، وتبقى الكلمة للشعب، ليس لحزب أو مثقّف أو أي عاصمة أو مسؤول في العالم خارج حدود مصر . حق الاعتراض مكفول في الدستور، وحق التظاهر مكتسب ومنظّم بقانون . صحيح أن البعض لديه تحفّظات على الدستور والقانون، لكنّهما ليسا كتابين سماويين، وعندما ينتخب البرلمان الجديد سيكون سيّد نفسه، وسيفعل ما يراه مناسباً بإرادة الأغلبية البرلمانية.
يستطيع أي كان أن يشكك بأي شيء، فالكلام لا يخضع للمقاصة والجمارك، وتستطيع أي فضائية أن تفتح حنفية الطعن كما تريد، وأن تنقل العدسة إلى الزاوية التي تختارها، بل وأن تزرع الصورة في العدسة، وأن تقول ما في نفس "يعقوب" وتنسبه لمصطلح لا يستطيع الإنس والجن تحديد معالمه مثل اختراع "شهود العيان"، لكن العملية الجارية في مصر تمضي "كجلمود صخر حطّه السيل من عل"، فلا الغناء يسرّع جريان نهر ولا العويل يجفّفه.
نقلا عن صحيفة "الخليج" الاماراتية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net