قد يأخذ الاعتداء الجنسي على الطفل شكلاً ابشع واقبح يكون فيه ايلاج ودخول الى داخل جسد الطفل دون اذنه او دون ادراكه لما يحصل تبعًا لمرحلة الطفل العمرية ومستوى فهمه لما يحصل
الاعتداء الجنسي على الطفل ينقسم الى نوعين؛ الاول وهو سفاح المحارم اي يكون المعتدي جنسيًّا فردًا من افراد الاسرة او العائلة كالاب والاخ والعم والخال والثاني وهو اعتداء الاجانب او الغرباء على الطفل جنسيًّا
الاعتداء الجنسي على الاطفال يعتبر استخدام الاطفال لاشباع رغبات المعتدي الجنسية وهذا قد يكون على اشكال مختلفة وبطرق عديدة منها ما تكون خارجية بعرض صور خليعة وافلام اباحية على الطفل او ملامسته وملامسة اعضائه التناسلية
تواجه العديد من المجتمعات ظاهرة قبيحة مريرة وهي الاعتداء الجنسي على الاطفال، ولا سيما مجتمعاتنا العربية، الا أن المشكلة لا تزال في معظمها تربض في الظل مستترة، الامر الذي يشكل عقبة في وجه المحاولات العديدة للاحاطة بحجمها وحصرها. اذ يتردد الصغار والكبار في الافادة بتعرضهم للاعتداء الجنسي خوفًا من الخزي المصاحب لمثل هذه التجارب، ونظرة المجتمع اليها والى من يتعرض لها. وقد تكون عوامل اخرى تدفع بأهل الطفل المعتدى عليه الى الكتمان لصلة المعتدي بالاسرة، وخشية مطاردته قضائيا وغيرها من الاسباب. وللنظر في هذا الموضوع عن قرب، توجهنا الى الاستاذ ياسر بشير اخصائي نفسي، تربوي وتطوري، وهو ايضًا معالج نفسي متخصص في الصدمات والاعتداءات الجنسية، ومحاضر في كلية سخنين وهو ايضًا صاحب ومدير مركز "بشير" للخدمات النفسية في مسقط رأسه في مدينة سخنين.
ليدي: ما مدى شيوع هذه الظاهرة في مجتمعنا العربي؟
ياسر: لا تزال الظاهرة مشكلة اجتماعية مستترة بغالبيتها، لما يصحبها من شعور المعتدى عليه واهله بالخزي او العار لتعرضهم لها. كما وان كثيرًا من الحالات التي تبقى في الخفاء، تكون بسبب عدم ادراك الاهل او الطفل ان ما تعرض له طفلهم يعتبر اعتداءً جنسيًّا. فالاطلاع على مفهوم الاعتداء الجنسي على الاطفال والمام الامهات والاباء بحدوث مثل هذه الافات الاجتماعية، وتعليم اطفالهم كيفية الحفاظ على انفسهم، يعتبر اول لبنة في حصر هذه الظاهرة والاحاطة بها وعلاجها. فالام التي لا تعي بأن ما تعرض له ابنها او ابنتها يعتبر اعتداء جنسيًّا، لا تشعر بضرورة عرض طفلها على المختصين الاجتماعيين او النفسيين، او في كثير من الحالات على الاطباء، لمحاولة استدراك عواقب هذه الحادثة. غير انني من موقعي ومن خبرتي وعدد الحالات التي بالفعل تقدم على عرض اطفالها على المختصين، يمكنني ان اجزم بان عدد هذه الحالات في ازدياد. وبطبيعة الحال، فإن هذه الظاهرة تكون اكثر شيوعًا في المجتمعات المنغلقة مقارنة بالمجتمعات المنفتحة.
يعود هذا الازدياد في عدد الحالات التي تأتينا للعلاج الى ازدياد الوعي بالظاهرة، وتعريف الاعتداء الجنسي على الاطفال واثاره النفسية القريبة والبعيدة. فعدد اكبر من الناس يتجرأ بالقدوم الى المختصين واللجوء الى خطوات العلاج الملائمة لمثل هذه الحوادث المؤسفة. ولكن رغم هذا الارتفاع في عدد الحالات الا ان ثمة كثيرين لا يزالون يتكتمون على مثل هذه الظاهرة، لمجرد النفي الداخلي بأن مثل هذا الامر الجلل لن يحدث مع طفلي او عائلتي.
ليدي: ما هي شروط وقوع اعتداء جنسي على الطفل؟
ياسر: ان وقوع الاعتداء الجنسي على الطفل يكون بغالبية الاحيان، بإعتداء بالغ مسؤول عن رعاية الطفل ومعروف للطفل واسرته. ويجدر بنا ان نذكر هنا ان اكثر هذه الحالات تكون بإعتداء المحارم او احد الاقارب على الطفل او الطفلة جنسيًّا. بالاضافة الى علاقة المعتدي بالطفل، فإن واحدًا من شروط الاعتداء هو السرية، إن السرية تلزم الطرفين المعتدي والمعتدى عليه بكتمان الامر عن الاخرين. فالمعتدى عليه قد يكتم الامر اما بسبب صغر سنه وعدم ادراكه الى انه قد تعرض الى اعتداء جنسي، واما خوفًا من الخزي والعيب ونظرة المجتمع، واما خوف الملامة والتأنيب والتشهير والسخرية، او لمجرد ان هذا موضوعًا لا يحكى او يخاض فيه فهو "عيب" او لتعرضه الى التهديد.
ليدي: ما هي الاثار النفسية والاجتماعية على الطفل والتي تعقب تعرضه للاعتداء الجنسي؟
ياسر: تتعدد الاثار التي قد تصحب تعرض الطفل او الطفلة الى اعتداء جنسي. فمنها اثار جسدية كالكدمات والجروح والنزيف والالام الحوضية او التغوط اللا ارادي، والذي قد ياتي نتيجة للاضرار بعضلات الشرج، في كثير من الاعتداءات الجنسية على الاطفال الذكور. هذه الاعراض تستدعي استشارة الطبيب وبشكل عاجل لمعالجتها. ولكن اكثر الاثار تكون نفسية عاطفية، فبالاعتداء على الطفل جنسيًّا يتم الدخول الى داخل جسده دون ارادته والتعرض الى داخله دون موافقته، ان كان في عمر يدرك فيه ان ما يحدث هو اعتداء وانتهاك جنسي له. ان من ابرز الاثار السلوكية للاطفال الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي هو اظهار عدم ثقة بالمجتمع، خصوصًا ان كان الاعتداء من واحد من افراد الاسرة، فينمو في داخل الطفل شعور بالخيانة، لان هذا البالغ الذي استغله جنسيًّا كان ينبغي ان يكون مصدر حماية ورعاية وامان له. ومن الاثار المباشرة عدم الرغبة بالالتقاء مع الاخرين. ومنها تغير في طريقة اللبس او تغيير مظهر الجسد، وهذا يكون ظاهرًا جدا لدى الفتيات اللواتي تعرضن للاعتداء الجنسي. فمنهم من تصاب بمرض الانروكسيا وفقدان الشهية والابتعاد عن الطعام، ومنهن من تصاب بالبولينيا وهو الشراهة بالاكل. ان اللجوء الى هذين السلوكين، يكون في محاولة لتشويه مظهر الجسد وافقاده انوثته التي تعتقد المعتدى عليها انه كان السبب في تعرضها للاعتداء. اما لدى المعتدى عليهم من الذكور فقد يظهر تغيير في سلوكهم نحو العنف او السرحان، خصوصًا ان كان معرضًا للتهديد من المعتدي ان افصح بالامر. فكثير منهم يكون كثير السرحان الامر الذي ينعكس وبشكل واضح على دراسته وتدني مستواه التعليمي.
ليدي: ما هي الاثار النفسية بعيدة الامد لهذه الظاهرة؟
ياسر: من المهم الاشارة الى ان عدم عرض الطفل المعتدى عليه للعلاج النفسي فور اكتشاف الامر، قد يتطور الى اضطرابات وامراض نفسية قد يعاني منها الطفل او الطفلة المعتدى عليهم. فقد يؤدي الاعتداء الجنسي الى حالات الاكتئاب والقلق والارق والرعب، كما وقد يشوش عملية تشكيل الهوية الجنسية للطفل، فقد يلجأ الكثير منهم الى الشذوذ. كما وقد يتطور الامر الى اكثر من الاكتئاب مثل تعرض المعتدى عليه من الاطفال الى ما نسميه بالامراض "نفس جسمانية"، حيث يعاني الطفل من امراض واوجاع جسمانية، ولكن حين يكشف عليه الطبيب لا يجد اي مرض فيزيولوجي، انما يكون وراء هذه الاوجاع والامراض عامل نفس وحسب. كما وقد يعاني الطفل المعتدى عليه جنسيًّا من" الانقطاع عن الواقع"، حيث يسمع اصواتًا ويرى اشكالاً غير موجودة، وفي كثير من الحالات تكون لصوت وصورة المعتدي.
ليدي: هل يكون للاعتداء الجنسي على الطفل اثار على العلاقة الحميمية في المستقبل؟
ياسر: في بعض الاحيان يكون السبب وراء مشكلة في علاقة الزوجين الحميمية، هو تجربة قاسية قد مر بها احد الطرفين خلال طفولته، كالاعتداء عليه جنسيًّا. فكثير من المعتدى عليهم جنسيًّا يعانون من الفتور الجنسي وعدم الرغبة بممارسة العلاقة الحميمية مع ازواجهم. ولكن ثمة فئة اخرى من المعتدى عليهم جنسيًّا في صغرهم، خصوصًا في صفوف الذكور الذين يكونون اكثر فعالية من الناحية الجنسية الى درجة غير اعتيادية. وهذا يعود الى رغبتهم الخفية باثبات رجولتهم واظهار ذكورتهم. فالاثر هنا عكسي تمامًا لمن ينتابه شعور بالفتور.
ليدي: كيف تعرف الام إن كان طفلها قد تعرض الى اعتداء جنسي؟
ياسر: على الام دومًا أن تلاحظ إن كان ثمة تغيير في سلوك الطفل المعتاد كأكله وشربه وملبسه ونومه، تحصيله العلمي تركيزه او انطوائه. وايضًا اثارته لمواضيع جنسية او استخدامه لعبارات جنسية او اباحية، او تحسسه لاعضائه التناسلية او شكواه من اوجاع في الاعضاء التناسلية او الشرجية، وجود نزيف او براز في ملابسه الداخلية. كل هذه الامور يجب ان تكون ضوءًا احمر للام لتقف برهة وتفكر ماذا يحصل مع طفلي؟
ليدي: ماذا على الام ان تفعل في حال اكتشفت تعرض طفلها للاعتداء الجنسي؟
ياسر: فور اكتشاف الام تعرض طفلها للاعتداء الجنسي، عليها وفي الحال وقف الاعتداء والتوجه الى المختصين من المعالجين النفسيين والاطباء في حال الضرورة، والاستشاريين الذين يجرون عدة فحوص، تمكنهم من الجزم بأن الطفل تعرض بالفعل الى اعتداء من هذا القبيل. وفي حال التعرف على هذه الحالة تكون هنالك عدة خطوات قانونية وعلاجية، والتي تتطلب احتواء الاهل ومحاولة دعمهم لطفلهم لتصحيح التراوما التي مر بها.
ليدي: هل من نصيحة تقدمها للاهالي في ختام لقائنا؟
ياسر: من خلال تجربتي لمست أن ثمة حاجة كبيرة الى وجود علاقة وطيدة، وقرب ما بين الاباء والابناء، منحهم الثقة والامان والدفء داخل الاسرة والمنزل. وتنشئتهم على الصراحة واخبار الاهل بكل ما يتعرضون له من تجارب. الام والاب هما القدوة والنمودج، اذا حافظوا على الاستقرار والانسجام والصراحة فيما بينهما، فهذا سينعكس على الاطفال.