الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 03:02

القول السديد في تحريم زواج المتعة على التأبيد/بقلم:الشيخ زيدان عابد

كل العرب
نُشر: 07/02/14 07:50,  حُتلن: 08:56

الشيخ زيدان عابد إمام مسجد الصديق - الناصرة في مقاله: 

الدين الإسلامي الحنيف بتوجيهاته السديدة، وإرشاداته الحكيمة صان المرأة المسلمة وحفِـظ لها شرفها وكرامتها، وتكفّـل بتحقـيق عِـزها وسعادتها

 مِـمَّا يجدر الوقوف عنده مـا افـتـتح به صلوات ربي وسلامُـه عليه الكلام عن النساء في هذه الخطبة حيث قال: ((فاتقوا الله في النساء)) هذه الوصية العظيمة التي نجدها في القرآن وفي الحديث كلما ذُكر النساء فإذا تأمَّـلت في سورة النساء وجدت أن أغلب أياتها خُتِمَـت بوصف الجليل نفسه أنه عـليـمٌ حكـيمٌ أو عـليـمٌ حـليـمٌ  

من الواجب على المرأة المسلمة أن تـتلقى كلَّ تـعاليم الإسلام بانشراح صدر وطِـيب قـلب وحُسن تطبيق وعمل لتحيى حياة هـنيئة وتفوز برضا ربّها وسعادة الـدنـيا والآخرة ومن الواجب على أوليـاء أمـور النساء حُسنُ رعايتهن وتـأديبهن بـآداب الإسلام وحفظُ حقوقهن وإكرامهُن والإحسانُ إليهن طـاعـةً لله سبحانه

الحمد لله الذي شرع الزواج لخلقه، أحمده سبحانه وأشكره على مـا أفاض على العباد من عظيم رحمته، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّـد أشرف رسله وخَلْـقه القـائـل : الدنيا مَـتاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة، ورضي الله عن أهـل بيته وخيرة صحبه ومن سار على خطاهـم واقـتفى هـديـه، أمـا بعـد
يقول الله تعـالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ -إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا-1-). سورة النساء. 

إن الدين الإسلامي الحنيف بتوجيهاته السديدة، وإرشاداته الحكيمة صان المرأة المسلمة وحفِـظ لها شرفها وكرامتها، وتكفّـل بتحقـيق عِـزها وسعادتها، وهَـيأ لها أسباب العيش الهنيّ، بعـيداً عن مواطن الرّيـب والفِـتن، والشرّ والفساد، وتُـعَـدُّ توجيهاتُ الإسلام وإرشاداتُه صِمامَ أمـانٍ للمرأة، بـل للمجتمع بأسره من أن تحُـلَّ بـه الشرورُ والفتن، وأن تـنزل بـه البلايـا والمِحَـن، وإذا ترحلت ضوابطُ الإسلام المتعلقـةُ بالمرأة عن المجتمع حَـلَّ بـه الدمـار، وتوالت عليه الشرور والأخطار، والتاريخ من أكبر الشواهد على ذلك، إذ مَنْ يتأمَّـلُ التاريخَ على طول مَـداه يجد أن من أكبر أسباب انهيار الحضارات وتفَـكُـك المجتمعات، وتحلُّـل الأخلاق، وفشو الرذائل ، وفساد القِـيَـم ، وانتشار الجرائم هو تحلُّـلُ المرأة من تعاليم الـديـن القويمـة، وإرشاداتـه الحكيمـة، وتوجيهاتـه المباركة.
لنرجع الى أسّ موضوعـنا والاية التي بدأتُ بها مـقالي .
فيُـسـتـفـاد مـن هـذه الآية الكريمةالفـوائـد التالـيـة : أولا : ان هذه الآية لها فضلٌ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب في حاجة تـلا آية آل عمران {يا أيها الذين آمنوا اتـقوا الله حق تـقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون} وتــلا قوله تعـالى: (يَــا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَـثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّـذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِـيـبًا). سورة النساء ثم آيـة الأحزاب {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} ثم يقول أما بعد ويذكر حاجته.
ثـانـيـا : أهمية الأمر بتقوى الله تعالى إذْ كررت في آيـة واحدة مرتين في أولها وفي آخرها.
ثـالـثـا : وجوب صِلة الأرحام وحرمة قطعها.
رابـعـا : مراعاة التعامل بـالعـدل بين الناس .
خامسا : اختلاف البشر وأصنافهم وبـلادهم ولغـاتهم وهم من اب وام دليل على عظيم قـدرة خلق ربّـنا فـلا معـبود بحـقّ سواه.
سادسا : التـقـوى تجعل المسلم دائما مستشعِرا مراقبة الله عليه (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
فالزواجُ في الاسلام عـقـد متين وميثاق غليظ بين الرجل والمرأة مع توفر شروط وانتفاء موانع وليس هذا المقال مجال بحثها ولكني اذكر على عُـجالة شروط عـقـد النكاح مختصرة فمن شروط صحته: اولا : الصيغة كأن يقولَ الوليُّ ( زوجتُكَ ابنتي فلانة ) فيقول الزوجُ قَبِلتُ زِواجَـهـا ) ثـانيـاً: كونُ الزوج مسلماً بالنسبة للمسلمة، فلا يجوز تزوُّج غير المسلم بمسلمة. ثالـثـاً: كونُ الزوجة مسلمة او كـتابيةً بالنسبة للمسلم -ويُشترطُ في الزوجة ايضا ان تكون خَلِـيَّـةً من عِـدَّة لغـيره ، فلا يصحُّ عـقـدُ النكاح على مُـعْـتَـدَّة وفـاةٍ او مُعـتـدَّة طـلاقٍ او فسْـخٍ إلاَّ بعـد انتهاء العِـدَّة . رابـعـاً : عَـدَمُ التأقـيـتِ فلو قـال الوليُّ ( زوجتُـكَ ابنتي الى سنة او شهر او اسبوع او عشرين سنة ) مثلا فهو فاسد ولا يصحُّ لانَّ التأقيت في النكاح يُـبطل النكاح ، والتأقـيـت في النكاح يسمى بنكاح المُـتـعـة وقـد حَـرَّمَـهُ اللهُ تـعالى على التأبـيـد على لسان رسولـه صلى الله عليه وآله وسلم
فلو قال للولي: زوجني فلانة شهراً، فإنه يكون نكاح متعة، هو باطل، ومثل ما إذا أقَّـتَ بمدةِ عُمرها أو عُمره، فلو قال لـه الولي : زوجتك بنتي فـلانـة مدة عُمرها ، بطل العـقـد ، وذلك لأن مُـقـتضى العقد أن تبقى آثـاره بعد الموت ، ولهذا يصحُّ للزوج تـغسيل زوجته إن ماتت والعكس كـذلك.
والفرقُ بين الزواج الشرعي وزواج المتـعـة أذكره مُلخّـصا في نقاط وهي :
المتعة مؤقـتة بزمَـن ، بخلاف الزواج الشرعي ، فهو غير مؤقت ولا تنفك عقـدتـه إلاَّ بالطلاق.
لا يترتب على المتعة أي أثر من آثـار الزواج الشرعي، من وجوب نفقة وسُكنى وطلاق وعِـدة وتوارث، اللهم إلا إثبات النسب ، بخلاف الزواج الشرعي الذي يترتب عليه كل الآثـار السابقة
لا طلاق يلحق بالمرأة المُتمـتِّـع بها، بل تـقع الفُـرقة مباشرة بانقضاء المدة المُـتفَـق عليها، بخلاف الزواج الشرعي
أن الولي والشهود ليسوا شروطاً في زواج المُـتعة ، بخلاف الزواج الشرعي فـإن الشهـود والـوَلِـيُّ شرط في صحته أن للمتمتع في نكاح المتعة التمـتُّـع بـأي عـدد من النساء شاء ، بخلاف الزواج الشرعي فليس للرجل إلاَّ التعـدّد المشروع ، وهو أربــع نساء
إن نكاح المتـعـة لا يُـراد بـه دوام الـزواج واستقراره طلبا للذريَّـة أو السكن إلى المرأة طَـلبا للمودَّة والرحمة وإنما غايـة مـا يُـراد بـه المتعة بالمرأة فـترة من الزمن (كيوم او شهر …) وهو حــرام بـاتـفـاق أهـل السُّـنَّـة والجـماعـة جـمـيـعا . وممن روي عنه تحريم المتـعـة امام دار الهجرة الامام مـالـك في أهل المدينة ، والامام أبو حنيفـة النعمان في أهل الكوفة ، والامام الأوزاعي في أهل الشام ، والامام الليث بن سعـد في أهل مصـر ، والامام الشافعي والامام احمد بن حنبل
والادلّـة على تحريم زواج المتعـة ثابتٌ بالكتاب والسنة واقوال اهـل المذاهب الاربعة
قال الله تعالى : : " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو مــا ملكت ايْـمانهم فأنهم غير ملومين فمن ابتـغـى وراء ذلــك فألـئك هُـمُ العــادون " سورة المؤمنين (7.5) .
قال ابن العربي المالكي قـال قـوم : هذه الآية دليل على تـحـريـم نـكاح المُـتـعة لأن الله حَـرَّم الفَـرج إلاَّ بـالنـكاح أو بمِـلك اليمين ، والمُتَمَتّـعَـة ليست بـزوجة ولا مِـلك يمين فـتكون المتعة حَـرامــا ، وهي ليست كالزواج فهي ترتفع من غير طلاق ولا نفقه فيها ولا يثبت بها التوارث . . . ومن السنة بالأحاديث الكثيرة التي تدل على تحريم المتعة منها ما تقدم ومنها في سنن ابن ماجه إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم _ قال :يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع إلا أن الله قد حرمها إلي يوم القيامة .
وفي صحيح مسلم في كتاب النكاح باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ واستقر تحريمه إلى يوم القيامة ، فمن عنوان الباب يظهر حكم نكاح المتعة وانه حرام الى يوم القيامة.


قال الامـام النووي في شرحه على صحيـح مسلم بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيـحَ ثُـمَّ نُسِخَ ثُـمَّ أُبِيـحَ ثُـمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَـرَّ تَـحْرِيمُـهُ إِلَى يَــوْمِ الْقِـيَـامَـةِ قَالَ المازري: ثَبَتَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ كَانَ جَائِزًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَذْكُورَةِ هُـنَا أَنَّهُ نُسِخَ ، وَانْـعَـقَـدَ الْإِجْــمَـاعُ عَلَى تَحْرِيمِـهِ وَلَـمْ يُـخَالِـفْ فِيهِ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْتَبْدِعَةِ ، وَتَعَلَّقُوا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ فِيهَا .
قَالَ الْقَاضِي عياض : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ كَانَتْ نِكَاحًا إِلَى أَجَلٍ لَا مِيرَاثَ فِيهَا ، وَفِرَاقُهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ ، وَوَقَـعَ الْإِجْـمَاعُ بَعْـدَ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِهَا مِنْ جَمِـيـعِ الْعُـلَـمَاءِ إِلَّا الرَّوَافِضَ
وبهذا ظهر وبـان لكل طالب حَـقٍّ ان نكاح المُـتـعـة حُـرّم الى يـوم القيامة وفي النكاح الشرعي غُـنية عن غـيره ولله الحمـد مِـن قبلُ ومِـن بعـد . إنَّ الله تبارك وتعالى جعل الزوجة سكن للزوج وترتَّبَ على ذلك تكوينُ الأُسَرِ ووجودُ الأَرْحَام ، وما يجب من احترام صِلَةِ الأرحام، ثم تكوينُ الشعوب والقبائل ، فاستمرارُ الجنس البشري بل استمرار الحياة كل ذلك متوقّـف على العـلاقة التي شرعها الله عَـزَّ وجَـلَّ بين الرجل والمرأة. وفي تفاصيل هذه العلاقـة يتحدث القرآن عن الزوجة ويسميها السَّكَنَ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف: 189] (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21] فعلاقة الزوجية بينهما أهمُّ أهدافِها وثمَارِها هذه السكينةُ التي يَحْظَى بها كلٌّ منهما ويَحْظَى بها الرجلُ على وجه الخصوص، وهي مرتبطةٌ بالمودةِ والرحمةِ التي يُودِعُهَا اللهُ في قلبِ كلٍّ منهما، وبدون ذلك لا تـتحقّـق السكينةُ ولا السَّكَنُ ، وتَـفْسُدُ الحياة ، ، واقتَضَى استمرارُ الحياة بينهما توزيـعَ وظائفِ كلٍّ منهما في هذه الحياة، فارتبطت معظمُ وظائفِ المرأةِ بـالبيتِ والأسرةِ، وارتبطت وظائفُ الرجلِ بمَـيادين الحياةِ خارجَ البيت، ولا يمنـع هـذا أن يكون لكلٍّ منهما نصيبٌ من وظائـف الآخر قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [النساء:19] ،
ولقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة ، قال الله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
ولنقِف ايها الاحبة عند خطبة الـوداع تلك الخطبة البديعة التي تكلّم بها اطهر فـم وأفصح لسان على وجه الارض ، ولنقِـف عـند جزئية اعلانِـه صلى الله عليه وآله وسلم عن حقوق المرأة في الاسلام ووصيّـة الاسلام بها حيث قـال صلوات ربي وسلامُـه عليه : :((..فَاتَّـقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّـكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِـأَمَـانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه..))

إنّ مِـمَّا يجدر الوقوف عنده مـا افـتـتح به صلوات ربي وسلامُـه عليه الكلام عن النساء في هذه الخطبة حيث قال : ((فاتقوا الله في النساء)) هذه الوصية العظيمة التي نجدها في القرآن وفي الحديث كلما ذُكر النساء ، فإذا تأمَّـلت في سورة النساء وجدت أن أغلب أياتها خُتِمَـت بوصف الجليل نفسه أنه عـليـمٌ حكـيمٌ أو عـليـمٌ حـليـمٌ ، وفي هذا تخويف وردع لمن تُسول لـه نفسه من الرجال أن يظْـلم النساء بأن الله مطَّـلِـع عَـليـمٌ بما يفـعل ، وإذا تأمَّـلت سورة الطلاق رأيت كـثرة الوصيَّة بالتـقوى، وهكذا في أغلب نصوص التشريـع لا تُـذكَر المرأة إلا وإلى جِـوارها مـا يربط القـضية بـاطلاع الله وعظمة الله وقـوَّة الله ، وفي هذا تذكير مستمر للرجل يُـذكره بأنَّ المرأة وإن كانت عنصراً ضعـيفاً رقـيقاً في المجتمـع فإنَّ الله معها إن ظُلِـمت ونـاصِرها في الـدنـيا أو في الآخرة وأن الله سيتكـفَّـل بحساب الرجل الظـالـم لها.
وهي وصيَّـة عظيمة بـالمرأة ، من تقوى الله عَـزَّ وجَـلَّ القـيامُ بها ومراعاتُها، لقوله: ((فاتـقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بـأمـان الله)) أي: أنَّ لهُـنَّ أمـانـاً فـلا يُـؤْذَيْـن، فهنَّ آمـنات عندكم بـأمـان الله.
وقوله: ((واستحلَـلْـتُم فروجهن بكلمة الله)) أي: إذنِـهِ لَـكُـم وشرعِهِ وتحليلِهِ كما في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:3].
فَـلْـتُـقرّ المرأةُ المسلمةُ عَـيناً بهذه الحَـفاوة والإكرام والرعاية والإحسان حيث خَـصَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالوصية بها خيراً في هـذا المـقام العـظـيم، وفي هذه الخطبة العظيمة خطبةِ الـوداع، كما أنه صلى الله عليه وسلم خصها بـالوصية بها في غير مُـقـام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استوصوا بالنساء خيراً . رواه البخاري ومسلم مـعـنـاهُ : : اقْـبَـلوا هذه الوصية التي أوصيكم بها ، وذلك أن تـفـعلوا خـيراً مـع النساء
وأيضاً إن كرهْـتَ منها خُلُـقـاً فـقـد رَضيت منها خُـلُـقـاً آخر ، فـقابل هذا بهـذا مع الصبر فـإنّك تـسـعَـد، وقـد قال الله تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَـعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)[النساء: 19] .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم (( أكمل المؤمنين إيمـاناً أحسنهم خُـلُقاً ، وخِـياركم خِـياركم لنسائهم )) رواه الترمذي
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى : ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا ) [المدثر: 31] ، وليس الناس في الإيمان سواء ، من الناس من يؤمن بالغـيب وكأنه يشاهد شهود عِـيان ، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تـلك الساعات ، يؤمن بالجنة وكأنها في تلك الرياض ،يؤمن بالنار وكأنه يراها بعـينه ، يؤمن إيـماناً حقيقــياً مطمئناً لا يُخالطه شك . ومن الناس من يعبد الله على حرف ـ نسأل الله العافية ـ كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ )[الحج: 11] يعني على طرف ( فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ) يعني إنْ لَـمْ يُـواجه أحداً يُـشكِّكـه في الـدين ، ولم يواجه إلا صُلَحاء يُعِـينونه ( اطْـمَأَنَّ بِه) أي رَكَـن إليه . ( وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِـتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)[الحج: 11] ، إن أصابته فـتنة في بدنِـه ، أو مـالِـه ، أو أهْـلِـه ؛ انقلب على وجهه واعترض على الله الخالق الرازق فإنـه أهْـلَـكَ نفـسه والعـياذ بـالله ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) . فأكمل المؤمنين إيـماناً أحسنهم خُـلُـقاً ، وفي هذا حَـث عظيم على حُـسن الخُـلُـق مـع الله ، وحُـسن الخُـلُـق مـع الناس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( خَـيركم خيركم لأهـلـه ، وأنــا خَـيركم لأهـلي )) هذا خـير الناس صلى الله عليه وسلم وهو خير العالمين هو خـيرهـم لأهـلـه صلى الله عليه وسلم . فإذا كان فيك خير فاجعله عـند أقرب الناس لـك وليكن أول المستفـيدين من هـذا الخير . وهذا عكس مـا يفعله بعض الناس اليوم ، تجده سيئ الخُـلُق مـع أهله، حَسن الخلُـق مـع غيرهم ، وهـذا خطأ عـظيم ؛ أهـلك أحق بإحسان الخُلُق أحْسِن الخُلُق معهم لأنهم هُـمُ الذين مـعك ليلاً ونهاراً ، سِراً وعلانيَّـة ، إن أصابك شىء أصيبوا معك ، وإن سررتَ سُرُّوا معك ، وإن حَـزنت حَـزنوا معك ، فلتكن معاملتـك معهم خيراً وكـذلك عـامل الناس بالخـير والاحسان لهـم ، فخير الناس خيرهـم لأهـلـه . اسأل الله أن يكمل لي وللمسلمـين الإيـمان ، وأن يجعـلنا من خير عـباد الله في أهـلنا ومن لهم حَـقّ عـلينا
واخـتم مـقالي بنصيحة للنساء بشكل خاص وللنـاس بشكل عـام فأقـول وبـالله التوفـيـق : أن من الواجب على المرأة المسلمة أن تـتلقى كلَّ تـعاليم الإسلام بانشراح صدر، وطِـيب قـلب ، وحُسن تطبيق وعمل، لتحيى حياة هـنيئة ، وتفوز برضا ربّها وسعادة الـدنـيا والآخرة ، ومن الواجب على أوليـاء أمـور النساء حُسنُ رعايتهن وتـأديبهن بـآداب الإسلام، وحفظُ حقوقهن ، وإكرامهُن والإحسانُ إليهن طـاعـةً لله سبحانه، وطلباً لثوابـه ، وتحقـيقاً لتقـواه، والله وحـده المُستعان لا ربَّ سواه، ولا حـول ولا قـوَّة إلاّ بـه ، {ربنا هَـب لنـا من أزواجنا وذرياتـنا قـرّة أعين واجـعـلنا للمـتـقـين إمــامــاً}، والحمـد لله أولاً وأخيراً والله أعـلـم وأحـكـم وصلى الله وسلّمَ على سيِّـدنا محمَّـد وعلى آلـه وصحبه ومن سار على نهجه واتبّـع سنّـتـه .

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.75
USD
4.02
EUR
4.84
GBP
288514.86
BTC
0.52
CNY
.