رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي "إفرايم كام":
المستفيد الأول من العداء الذي توجهه السلطات المصرية الحالية ضد حماس هي "إسرائيل"
الاجراءات العقابية التي تنفذها السلطات المصرية ضد حماس في غزة والمتمثلة في تدمير الأنفاق، قد عملت على تحسين البيئة الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل
نقطة انطلاق التدهور الحالي في مصر هو عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي والذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم من قبل وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بدعم من المعسكر الليبرالي
أوضح نائب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي "إفرايم كام" بأن استقرار ما وصفه بـ "الانقلاب العسكري" في مصر الذي قاده السيسي يمثل مصلحة استراتيجية لإسرائيل، مؤكداً على عمق المصالح المشتركة بينهما، وذلك من خلال التعاون الأمن والاستخباري الغير مسبوق في العهد الجديد.
عبدالفتاح السيسي
وفي مقال له في صحيفة "الجيروزاليم بوست" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم فإن "إفرايم كام" قد أشاد بالحملات الأمنية التي يشنها الجيش المصري حالياً ضد معاقل المسلحين من تنظيم الجهاد العالمي في سيناء، واصفاً تلك الحملات بالجادة والقوية.
نظرة "إسرائيل" للأوضاع في مصر
وحول تعامل الجيش المصري مع حركة حماس في قطاع غزة فقد أكد المسئول الإسرائيلي الكبير على أن المستفيد الأول من العداء الذي توجهه السلطات المصرية الحالية ضد حماس هي "إسرائيل"، لافتاً إلى أن من أهم الأمور التي تعتبرها "إسرائيل" إيجابية هو نظرة الانقلابيين في مصر تجاه حماس كحركة عدائية وتمثل تهديداً أمنياً للأمن القومي في مصر.
وأضاف "إن الاجراءات العقابية التي تنفذها السلطات المصرية ضد حماس في غزة، والمتمثلة في تدمير الأنفاق، قد عملت على تحسين البيئة الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل"، مشيراً إلى أن تدمير الأنفاق أسهم بشكل ملحوظ في تجفيف منابع حماس من ناحية عسكرية واقتصادية، الأمر الذي سيساعد في تقليص قدراتها العسكرية التي من المتوقع أن تشنها على العمق الإسرائيلي.
ويشير المسئول الإسرائيلي إلى أن نقطة الانطلاق لما وصفه بالتدهورا لحالي في مصر هو عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي والذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم من قبل وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بدعم من المعسكر الليبرالي.
وكشف "إفرايم كام" بأنه وبعد عزل الرئيس مرسي عن الحكم، أجرت سلطات الانقلاب في مصر اتصالات مكثفة مع جماعة الإخوان المسلمين بهدف إشراكهم في الحكم لكن كدور ثانوي وليس أساسي، إلا أن محاولاتها قد باءت بالفشل، لأن الإخوان رفضوا الاعتراف بالانقلاب منذ البداية، وذلك بعد أن حظي الرئيس مرسي بثقة أغلبية الشعب المصري في انتخابات ديمقراطية غير مسبوقة في مصر.
محاربة جماعة الإخوان
من جانبه واستكمالاً لما تحدث به "إفرايم كام" قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد "شلومو بروم"، بأن رفض الإخوان المسلمين الانخراط في الحكم الجديد أدى لمواجهة مباشرة مع الجيش وقوات الأمن، لافتاً إلى أنه ومنذ صيف 2013م أي بعد الانقلاب العسكري مباشرة شدد الطرفان خطواتهما ضد بعضهما البعض.
وفي محاولة لسرد ما حدث في مصر منذ الانقلاب العسكري تحدث "بروم" بأن طرفي الصراع في مصر يحاول كل منهما حشد مؤيديه ومناصريه في كل مناسبة ضد الآخر، وأن كل ما يحدث رفعت من وتيرة المواجهة بينهما، متسائلاً أين ستؤدي هذه المواجهة بمصر؟".
وأوضح بأنه من الصعب إيجاد رؤية واضحة لنهاية الصراع في مصر، معللاً بذلك عدم وجود بداية للحوار حقيقي بين الطرفين على وقف العنف وتوافق على تسوية سياسية، لافتاً إلى أن جماعة الإخوان تتردد بين الانخراط في الحكم وهو ما يعني بالنسبة له التخلي عن مطلب عادل في العودة لمواقع سيادية في الحكم كانوا قد حصلوا عليها ديمقراطياً، وبين الصراع الشامل الذي يتهمهم فيه سلطات الانقلاب بجر مصر إلى حرب أهلية، على حد تعبيره.
ويتوقع الجنرال "بروم" بأن جماعة الإخوان تختار طريقاً وسطاً لصراع محدود، يتمثل في تنفيذ العمليات المسلحة ضد الجيش والشرطة وخروج معارضي الانقلاب ومؤيدين الإخوان في مسيرات حاشدة في مختلف المدن المصرية، مدعياً "إن كلا الطريقين لا تقربهم إلى هدفهم".
ولفت الجنرال الإسرائيلي إلى أنه من الصعب بمكان أن يعمل السيسي في حال ترشح لانتخابات الرئاسة وفاز بها بدعم من المؤسسة العسكرية ومؤيدي الانقلاب على قمع جماعة ثابتة التنظيم ذات جذور ودوافع عالية ومنظمة كبيرة بحجم جماعة الإخوان المسلمين.
ووفقاً لما جاء على لسان الجنرال فإنه إذا ما فشلت الجهود في قمع المظاهرات اليومية ضد الانقلاب فإنه يتعين على السلطات الحاكمة في مصر التنازل على جزء من مطالب جماعة الإخوان وإشراكهم في الحكم، وإلا سيستمر العنف والعمليات التفجيرية في المدن المصرية، لكنها لن تتطور لحرب أهلية كما في سوريا، على حد تعبيره.
وأشار بشكل واضح إلى أن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بمظاهر العنف والعمليات ضد السلطات الحاكمة في مصر، وذلك لأنها تمس باستقرار النظام الأهم بالنسبة لها، ناهيك عن أن العمليات قد تنتقل لأراضيها عبر سيناء.
وتابع في حديثه "لا شك أن نظام حكم العسكر في مصر أفضل لإسرائيل بكثير من نظام جماعة الإخوان، على الرغم من الرئيس مرسي لم يحاول أن يمس بقاعدة العلاقات معنا، لكن على المدى البعيد كان من الممكن أن يفعل شيء تجاهنا".
وعلى الصعيد الأمني فقد أشار إلى زيادة التعاون الأمني مع النظام الحالي، بدرجة لم يسبق لها مثيل، خاصة حول الوضع في سيناء ومنع العمليات فيها، فضلاً عن أنه يرى في حماس تهديداً أمنياً مشدداً في مساعيه على إغلاق الحدود مع قطاع غزة.
ســيـنـاء وغـزة
ويرى خبير التسلح العسكري في منطقة الشرق الأوسط "يورام شفيتسر" أن "إسرائيل" قد استفادت من رؤية سلطات الانقلاب تجاه حماس كونها حركة معادية لمصر، والتي أسهمت بشكل كبير في تشديد الإجراءات ضد قطاع غزة.
ويشير الخبير العسكري إلى أن الحملة الدعائية التي تشنها سلطات الانقلاب ضد حماس تساعدها في إدانة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، كما أنها تسعى لنزع الشرعية عنها لا سيما في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة تنظيم المظاهرات الكبيرة ضد الانقلاب، وهو يحاول من خلال ذلك إضعاف التأييد الجماهيري للجماعة من خلال شيطنة حركة حماس في قطاع غزة.
ويقول الخبير العسكري إنه يتوجب على "إسرائيل" في هذه المرحلة عدم إبداء أي تدخل ظاهري أو علني لأن أي تدخل علني من قبل الحكومة الإسرائيلية سيجعل الحملات الأمنية التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء تبدو وكأنها تتم من أجل مصالح "إسرائيل". وأضاف "من الضروري أن تسمح إسرائيل لسلطات الانقلاب بأن تواصل حربها ضد المنظمات الإرهابية دون أي تدخل علني، وعلى صناع القرار في إسرائيل إبداء المرونة المطلقة التي يسمح بها الملحق الأمني في اتفاقية كامب ديفيد لتمكين الجيش المصري من مواصلة عملياته في سيناء.