الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 22:02

أحن الى أمي..الى طبيخ أمي/ بقلم: أشرف هاني الياس

كل العرب
نُشر: 21/03/14 15:12,  حُتلن: 15:13

أعتدت في كل فجر من تاريخ 21 مارس أن أوقظ أجفاني قبل بزوغ الصباح ، وأن أرتب سريري البارد علّ دفء دعاءك يمسة يا امي ، وأن أخط لك في ساعات الفجر وكل الكائنات رقدة ، إلا أنا وحفيف سرير ، يصبغ ما حولي بتراتيل الصمت والشوق ، فجر اليوم رحت أتجول ببصري في الغرفة على الرف المقابل لسريري ألبوم صور ممتلىء ب ضجيج الذكريات ، وردة حمراء بين طيات رواية قديمة مكتوب على أحد بتلاتها "أحبك يا أمي" ، وقلم أزرق بين أحضان دفتر يدعوني لأن أخاطبك بوجل وأن أتلمسكِ بأحساس مدادٌ يجمهر الدمع فوق أوراقي ، أنها أضعف لحظاتي يا أمي حين يثقل كاهلي الحنين لكِ ولصوتك ، لدفئك ، لآشيائك ، صورك وعطرك وقصصك الرائعة ، تكتكة الساعة وصوت الحنين جميعها تنتظرك بغرفتي هذة الليلة ولكنك لا تأتين. أن منزلي هذا أراه الأن مزدحماً بكل الغائبين : أمي وأبي وحبيبتي وأخوتي وأصحابي القدامى وزقاقنا الصغير ، بينما ما زلت منذ الأمس مرتمياً على ورقي وذاكرتي أعانقهم وحيداً . وتحت عتم الحبر ، أنصت لانهماري جيداً ، وارى ارتعاش العشب تحت السور عبر بُخار نافذتي ، أبلل بأشتياقي معطف الكلمات وهي تمر مسرعة على ورق الرصيف الأن .... فوق كتابي الجامعي وفي رغيف خبز يابس وفي مطبخي ، كلمات تنفث حنينها .... لتقودني لمساحات الشوق ولترجعني لصرير الباب يا أمي ، الى عتبات دمعك ، الى حقيبتي المعبئة بالحنين ، الى بيتنا الصغير الذي ربيت فية صغار أحلامي لأعوام كما ربيتني ..


في هذة الليلة أبحث بين أكداس كتبي ودفاتري الهائمة عن نفسي ، عن طفلك الذي رغم كل عقارب الساعات اللاذعة، يرفض أن يكبر .. ويرغب بشدة أن يعود أدراجة لحضنكِ ويهمس لكِ أنني مرهق يا أمي ، لاغفو وأنا أتتبع عيني أمي وهي تتحدث عن طفولتي الشقية المخبأة في جوف صمتي ، كانت تدخلني بقصصها عمق الكلمات والذكريات التي يصوغها قلبها الوطن الذي لا يضيق مهما أرتميت فية بكل ضيق ...


كانت ولا زالت معضلة لحرفي ، تقف أمامها السطور في خشوع ، تتوارى الحروف خجلاً ، تقبل كفي الكلمات ثلاثاً ألا أجازف وأنثر حروفها في حقكِ ، ولكني ها أنا أمتشق القلم لأكتب لكِ يا أمي . يا فيض حنان ، يا ايات ناصعة أضاءت كتب حياتي ، تلون تاريخ طفولتي بلمسة إيمان ، يا غصن الزيفرون يا ضياء للعيون ، يا كل العيون .... أتذكر صوتك قبل سفري كالصدى المتردد ، يجد بابي مشرعا لكتابة قصائد سيتليها العابدون لمعنى الأمومة ..أو تقبيل يديك القدسيين كي أحظى بالجنة ، يا سيدة الحب وعاصفة الوجدان.
ماذا أكتب لك في يوم عيدك يا أمي ؟ فلو أعطيت كلمات بعدد مداد البحر وأفاض رب المجد علي بقريحة شعر أساجل كنوز الفكر والابداع بها أعظم الشعراء لأسطر كلماتِ أو أكتب قصيدة شعر لاوصفك لمُسحت الكلمات وتوقف ذهني عن التفكير وشل القلم عن الحركة بين أصابعي ، ماذا أقول وكيف أبدأ وكيف أنهي ، كيف أوفيك حقك وأنا مدين لك بوجودي ، حياتي وكينونتي ؟ لقد علمتني منذ نعومة أظفاري فنون الحب ، البذل والعطاء اللامحدود . يا نبع الحنان اللامتناهي ، ومثال التضحية، يا من أنكرت ذاتها وبذلت الغالي والنفيس في سبيل إسعادنا وقامت بتربيتنا أنا وأخوتي على حسن الأخلاق،الدماثة،الطيبة،التسامح،احترام الآخرين ومساعدتهم ، يا من أنشأتنا على التواضع،الإيثار والعطف على جميع مخلوقات الأرض.
كل ما أستطيع البوح لك في عيدك يا أمي إنني أحبك ، وانني ما زلت ابحث عنك هنا كل صباح ومساء أقلب صورتك على جدران مخيلتي ، أتطلع بين طوابيرالأمهات أبحث عن طيف امي ، أبحث عن كسرة خبز من خبز أمي،وطبخة من طبخات امي فلا أجد فيشتد بي الحنان الى أمي بل والى لمسة أمي ودمعة أمي وصوت امي وأقول آه يا امي..وكل عام وانت بألف خير.

*اسمحوا لي بأن أتوجه الى جميع الامهات في العالم بأجمل التهاني القلبية راجياً من الله أن يعيده عليكن بالصحة والعافية وأن تكونن دائما الحضن الدافىء لأبنائكن لتستطيعوا القيام بواجبكن السامي تجاه البشرية وكل عام وأنتن بخير.

21.03.2014

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.