بيان الجبهة:
النائب بركة واجه تحقيقات في ثماني قضايا مختلفة، ثم المحاكمة على مدى 15 عاما
قبل خمس سنوات قررت النيابة محاكمة النائب بركة في اربع قضايا مواجهة لجنود الاحتلال والشرطة، وجمعتها في ملف واحد * محاميا الدفاع من عدالة جبارين وكوهين نجحا في اسقاط "تهتمين"
"التهمتان المتبقيتان تتعلقان بمواجهات في قرية بلعين ومظاهرة ضد الحرب على لبنان في تل أبيب * النائب محمد بركة أول عضو كنيست، وعمليا الوحيد، الذي يحاكم على نشاط سياسي ميداني ومظاهرات
ادانت محكمة الصلح في مدينة تل ابيب صبيحة اليوم الأحد النائب محمد بركة رئيس كلتة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة البرلمانية، وذلك في ملف الاعتداء على ناشط يميني خلال تظاهرة في تل ابيب في العام 2006.
البيان الصادر عن الجبهة
وجاء في بيان عممته الجبهة:"تصدر محكمة الصلح في تل أبيب في الساعة العاشرة من صباح اليوم الأحد، قرارها في ملف التهم ضد النائب محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وهذا بعد مرور أكثر من خمس سنوات على قرار توجيه التهم في قضايا مشاركته في مظاهرات وتصديه لجنود الاحتلال وعنف الشرطة، ويرافع عن النائب بركة طاقم مركز "عدالة" الذي يقوده المحاميان حسن جبارين وأورنا كوهين، وهناك حالة ترقّب للقرار، خاصة على ضوء اصرار النيابة على الإدانة، وجهود طاقم الدفاع الذي أثبت مدى هشاشة الأدلة وأن القضية كلها ملاحقة سياسية ضد النائب بركة.
ويواجه النائب بركة لائحة اتهام كانت تضم أربع قضايا مختلفة من حيث الحدث ومكانه وتوقيته، الأولى هي مظاهرة في قرية بلعين في نهاية نيسان العام 2005، إذ تزعم النيابة أن النائب بركة "اعتدى" على جنود احتلال بهدف تحرير معتقل فلسطيني.
والثانية تدعي فيها النيابة أن النائب بركة، "اعتدى" على ناشط من اليمين المتطرف حاول الاعتداء على مظاهرة ضد الحرب على لبنان في تل ابيب في نهاية تموز من العام 2006.
وكانت لائحة الاتهام تضم "تهتمين أخريين" قبل أن ينجح طاقم الدفاع من المحاميين جبارين وكوهين، في اقناع المحكمة بإسقاطهما، على اساس الحصانة البرلمانية، والأول تدعي أن النائب بركة "صفع بإصبعه" ضابط في شرطة تل أبيب، خلال مظاهرة ضد الحرب على لبنان في الخامس من آب العام 2006، والثانية أنه "أهان" ضابط شرطة الناصرة، خلال مظاهرة أهالي شهداء اكتوبر، ضد وزير الحرب إيهود براك، في شهر تموز العام 2007.
15 عاما من التحقيقات والمحاكمة
وكان النائب محمد بركة، قد تعرض لتحقيقات في ثماني قضايا خلال عشر سنوات من العام 1999 الى العام 2009، سبعة منها تتعلق بالمشاركة في مظاهرات ضد الاحتلال والحرب وسياسة التمييز، في الضفة الغربية وتل ابيب والناصرة وطمرة، وقضية واحدة على خلفية مشاركته في ندوة في بير زيت مع شخصيات وقيادات وطنية. وكانت أولى القضايا على خلفية مظاهرة مزارعي الخيار في سهول مدينة طمرة، في ربيع العام 1999، وبعد عدة أيام من انتخاب النائب بركة لأول مرّة الى الكنيست، وحتى قبل أن يبدأ عمله فيها، إذ اعتدت الشرطة على المتظاهرين وكان النائب بركة في مواجهتها للدفاع عن المتظاهرين، وحاولت الشرطة تلفيق تهم للنائب بركة وفشلت.
ومن بين هذه القضايا أيضا مشاركته في ندوة في جامعة بير زيت، بعيد اندلاع العدوان الاسرائيلي على الضفة الفلسطينية وقطاع غزة في خريف العام 2000، ومواجهته بانتفاضة شعبية، إذ شارك في الندوة من باتا أسيرين لاحقا، القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، والقيادي في حركة حماس حسن يوسف، وأيضا من سقط بعد أقل من عام من تلك الندوة على مذبح الاحتلال شهيدا، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى، واتهمت وسائل الإعلام الاسرائيلية النائب بركة بأنه حرّض في تلك الندوة على ما يسميه الاحتلال "عنفا"، وسارع المستشار القضائي للحكومة في حينه الياكيم روبنشتاين، بعيد خروج السبت بساعة (مساء السبت)، ورغم انه متدين، الى الإعلان عن فتح تحقيق ضد النائب بركة قبل أن يطّلع على الشريط التسجيلي، ولكن تمخض الجبل فولد فأرا.
والقضية الثالثة تتعلق هي أيضا بمظاهرة على حاجز الاحتلال عند حاجز بيت لحم في العام 2002، إذ أشهر جندي احتلال سلاحه في وجه النائب بركة، رغم معرفته بأن من يقف أمامه عضو كنيست، ورغم ذلك تم استدعاء النائب بركة للتحقيق معه، وكأنه "أهان جندي الاحتلال"
أما القضية الرابعة، فكانت تصريح النائب بركة لدى هدم بيت في حي القبسي قرب قرية نحف في العام 2003، بأن الحق في المسكن يعلو على القانون، الذي في جوهره ما يمنع هذا الحق الاساس، وجرى التحقيق مع النائب بركة بزعم انه حرّض على العنف، بشكل يناقض "القانون".
وكان واضحا أن السلطات الاسرائيلية تتربص للنائب بركة، إذ استمرت الملاحقات والتحقيقات، لتأتي القضايا الاربعة الأخرى السابق ذكرها، وجرى تجميعها من أجل اختلاق انطباع في المحكمة ضد النائب بركة.
بدايات المحكمة
بعد أسبوعين من انتخابات شباط (فبراير) العام 2009، وحينما كان النائب بركة في طريقه الى الكنيست، للمشاركة في الجلسة البرلمانية الأولى للدورة الجديدة بعد الانتخابات، سمع عن طريق وسائل الإعلام، بأن المستشار القضائي للحكومة في حينه مناحيم (ميني) مزوز، قرر تقديم لائحة اتهام ضد النائب بركة، هي عمليا تضم أربع "تهم" في قضايا ومواقع وأزمنة مختلفة، والسابق ذكرها أعلاه، وكان القرار "مشروطا" بسماع رد محامي النائب بركة، قبل تقديم اللائحة للمحكمة.
وكلّف النائب بركة طاقم مركز "عدالة"، من المحاميين حسن جبارين وأورنا كوهين، اللذين قدمها كل ما يثبت هشاشة الادعاءات ضد النائب بركة، إلا أن القرار المسبق لدى المستشار مزوز، طغى على كل طرحه طاقم الدفاع، وقدم اللائحة للمحكمة، ويومها رفض النائب بركة طلب استخدام الحصانة البرلمانية من الكنيست، لكونه لا يثق باللجنة الإدارية في الكنيست (لجنة الكنيست)، التي تخيّم عليها أجواء اليمين، وأصر على المواجهة في المحكمة.
وقد توجه المحاميان جبارين وكوهين الى المحكمة بداية، طالبين تفكيك لائحة الاتهام الى أربع لوائح، إلا أن محكمة الصلح في تل ابيب رفضت الطلب، فاستأنف المحاميان جبارين وكوهين الى المحكمة العليا، التي رفضت هي أيضا الطلب بهيئة من ثلاثة قضاة، رغم أن المحاميين، عرضا على المحكمة أدلة كثيرة جرى فيها محاكمة شخصيات منها عربية، بلوائح منفصلة في ظروف مشابهة.
المحكمة تضطر لإسقاط تهمتين
وفي المرحلة التالية طلب المحاميان جبارين وكوهين من المحكمة اسقاط تهمتي "اهانة الضابط" في مظاهرة أهالي شهداء اكتوبر في الناصرة، والتهمة الثانية التي اشتهرت باسم "صفعه بإصبعه"، بمعنى صفع ضابط شرطة في تل أبيب خلال مظاهرة ضد الحرب على لبنان، وعرض المحاميان أدلة كثيرة جدا، على قضايا أخطر، تورط بها أعضاء كنيست يهود وامتنعت النيابة العامة عن تقديم لوائح اتهام ضدهم.
وقد قرر القاضي بيئيري قبول الطلب واسقط التهمتين، رغم اصرار النيابة على ابقائهما، لا بل طلبت النيابة من المحكمة ابقاء شهود هاتين القضيتين ضمن قائمة الشهود ضد بركة، وبشكل غير طبيعي، ولكن هذا أيضا لم ينجح.
اعترافات مضحكة وأخرى مذهلة
عقدت محكمة الصلح ما يقارب 35 جلسة، منها بضعة جلسات اجرائية، ولكن جلسات سماع شهود النيابة أبرزت قبح نهج النيابة، وفضحت أكثر الأهداف من وراء هذه القضية، فمثلا، في قضية "الاعتداء على المتطرف اليميني"، أحضرت النيابة شاهدا من طرفها، وقال إنه كان شاهدا على ما جرى وتحادث حينها مع المشتكي، فقدم رواية مخالفة لرواية المشتكي، وظهرت تناقضات مضحكة.
أما في قضية بلعين فحدّث ولا حرج، فأحد الشهود وصف النائب بركة بأنه قصير القامة وسمين وأصلع وكان يلبس بدلة غامقة، ولكن الأنكى من هذا، أن قائد وحدة جنود الاحتلال، طلب من النيابة تقديم افادة أمام المحكمة، وقال إنه تذكر أشياء عن تلك القضية بعد ثماني سنوات، لم يتذكرها بعد ساعات من الحدث ذاته، وكان واضحا أنه سمع في الانباء أو من الجنود عن القضية وجاء ليرقّع الفجوات، فأسقطه طاقم الدفاع ببراعة، ما أظهر الكثير من التناقضات في "افادته".
أما السابقة القضائية في الاعترافات، كانت حينما نجح المحاميان جبارين وكوهين بسحب اعتراف لأول مرّة من جندي مستعرب في مظاهرة بلعين، بأنه وزملاءه القوا الحجارة في اتجاه الجنود، ولكن بشكل لا يصيبهم، لتأليب المتظاهرين على القاء الحجارة واعتقالهم.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، فبعد تعيين جلسة تلخيصات قبل أكثر من ثلاثة اشهر تقدمت النيابة بطلب جديد، لاستدعاء أحد الشهود مجددا، فهو ايضا ربما تذكر اشياء جديدة، أو أنه أراد التعليق على أشرطة تم بثها امام المحكمة، وهو أمر غير مألوف، ونجح طاقم الدفاع في اقناع المحكمة برفض الطلب.
وظهرت النيابة في جلسة التلخيص بإصرار على ادانة النائب بركة رغم هشاشة الأدلة.
عدالة: المحكمة تبرئ النائب محمد بركة من "التهم" الرئيسية ضده
كما وعمم مركز "عدالة" بيانا حول القضية، جاء فيه:"برأت محكمة الصلح في تل أبيب قبل ظهر اليوم الأحد، 23.03.2014، النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة من تهمة الاعتداء مقاتلين من قوات المستعربين خلال مظاهرة ضد جدار الفصل في قرية بلعين عام 2005. وكانت هذه "التهمة" هي الرئيسية من أصل أربع "تهم" جاءت في لائحة اتهام قدمها المستشار القضائي للحكومة آن ذاك، مناحيم مزوز، نسبت للنائب بركة مخالفات مختلفة، في أماكن مختلفة وفترات مختلفة، تعود جميعها لمشاركته في مظاهرات احتجاجية. ويأتي هذا القرار بعد أن شطبت المحكمة في تشرين أول 2011 اثنتان من التهم الأربعة، وأقرت أن الحصانة البرلمانية للنائب بركة تسري على تلك التهم بشكل واضح وقطعي وبالتالي لا يمكن محاكمته عليهما. وقد تولى المرافعة عن النائب بركة مدير عام عدالة المحامي حسن جبارين مدير عام عدالة، والمحاميان اورنا كوهين وآرام محاميد".
وزاد البيان:"وكتب القاضي دانيئيل بئيري في قراره صباح اليوم، بخصوص تهمة الاعتداء على المستعربين في بلعين، أنه على ضوء التناقضات في شهادات شهود النيابة... لا يمكن التوصل إلى استنتاجات تدين النائب بركة. كما أقر القاضي أنه لم يكن هنالك أي تفويض قانوني لمقاتلي وحدة متساداة (المستعربين) لاعتقال متظاهرين في بليعن، وبالتالي كان هنالك عذر قانوني للاعتراض على الاعتقال غير القانوني الذي قاموا به في تلك المظاهرة".
وأضاف البيان:"وقد أدانت المحكمة النائب بركة بتهمة هامشية وهي الاعتداء على ناشط من اليمين. وتعود هذه "التهمة" إلى مظاهرة ضد الحرب الثانية على لبنان عام 2006، حين حاول النائب بركة صد ناشط من اليمين المتطرف اعتدى على ناشط السلام أوري أفنيري، البالغ من العمر 85 عام. وفي أعقاب قرار المحكمة قال النائب محمد بركة أن "النتيجة النهائية للمحاكمة تثبت ما قلناه منذ اللحظة الأولى، أن هذه المحاكمة هي محاكمة سياسية، ضد نشاطي وآرائي كعضو كنيست. وأضاف بركة أن انهيار لائحة الاتهام بهذه الطريقة المخزية للنيابة، يجب أن تضيء إشارات حمراء لدى النيابة ولدى المستشار القضائي للحكومة، بكل ما يتعلق بالسهولة المفرطة التي تتم بها ملاحقة منتخب جمهور. المستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز، الذي كان مسؤولاً مباشرًا عن إغلاق ملفات التحقيق في استشهاد 13 شابًا عربيًا في أكتوبر 2000، قام بصياغة لائحة اتهام ضد منتخب جمهور بسبب مزاعم بالاعتداء على ناشط من اليمين حاول الاعتداء على متظاهرين. من جهته صرح المحامي حسن جبارين، مدير عام "عدالة"، بعد صدور القرار أن هذه هي المرة الأولى التي يتم بها تقديم لائحة اتهام ضد عضو كنيست بسبب نشاطه خلال مظاهرة. حقيقة الأمر أن المحكمة ألغت ثلاث تهم من أصل أربعة، بما فيها التهمة المركزية، تشير إلى سياسة التمييز الصارخ في تقديم لوائح الاتهام. نأمل أن يتراجع المستشار القضائي للحكومة عن التهمة الهامشية بخصوص صد ناشط اليمين، وأن لا يضطرنا إلى الاستئناف للمحكمة المركزية لإلغائها" إلى هنا نص البيان.