هنادي وليد شاعر في مقالها:
هل المرأة مجبرة على تغيير نبرة صوتها الرقيقة واستبدالها بنبرة حادة من اجل الاستمرار في عملها مع رجال مجتمعي؟
اصبح الخوف عاملا متواجدا في حياة المرأة من خلال تعاملها مع الرجل ان كان في عملها او حتى حياتها اليومية
ألا يكفيكم أن المرأة العربية تعيش داخل صراع دولة يحكمها رجال وتحكمها أغلبية يهودية وعليها أن تثبت نفسها لكي تتطور وتتقدم؟
هل من المفروض على المرأة العربية ان تخرج عن نطاق طبيعتها كأنثى وتلعب دور المسترجلة كي تستمر في التعامل مع بعض الرجال في مجتمعنا العربي؟!! هل المرأة مجبرة على تغيير نبرة صوتها الرقيقة واستبدالها بنبرة حادة من اجل الاستمرار في عملها مع رجال مجتمعي؟!! الى متى يستمر النظر الى المرأة كجسد وليست كروح وبشر ، ان كانت مكشوفة الراس او حتى محجبة ؟!!
وتستمر اسألتي في مجتمع انعدمت فيه الاجوبة وكثرت به الذئاب، حتى اصبحت المرأة فريسة تعاقبها العادات والتقاليد في حفرة تحت التراب، وبتهمة شك تدفع الثمن والذكور معفيون من العقاب، وأسفاه على أمة تتبع الجهل وتهجر السنة والكتاب، ففي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء اية(1).
رجال مجتمعي أين أنتم ؟! وما هو دور رجولتكم في ما يسمى المسؤولية ؟! اصبح الخوف عاملا متواجدا في حياة المرأة من خلال تعاملها مع الرجل ان كان في عملها او حتى حياتها اليومية، فهذا الخوف ينبع من نظرة الرجال للمرأة كونها سلعة يتم ترويجها في اعين سطحية.
كوني أنثى وامرأة عربية تعيش داخل مجتمع ذكوري، واجهت العديد من الصعوبات، وابرزها التفرقة بين الرجل والمرأة فأصبحت أتطبع تصرفات الرجل لكي أستمر في هذا المجتمع، فكم من أمثلة أستطيع طرحها وكم من أحداث واجهتها وفي جميعها اضطررت أن أكون ذئبه وقوية لكي لا يأكلونني رجال مجتمعي. أذكر رجلا عملت معه في مشروعي وفي محادثتنا الاولى استرجلت بنبرة صوتي كي لا تكون المحادثة التالية في مقهى تحيطه الشموع والانغام الموسيقية، فهنالك صعوبة في تميز العلاقات، من علاقة عمل لعلاقة رومانسية ومحاولة استغلال عواطفي من خلال دعوات عشاء بحجة انه لا يستطيع التحدث في مكان العمل بسبب الضجيج . وبعد أن اصبح شريكا في مشروعي بدأت لغته تشبه بقية الرجال الذين صادفتهم بحياتي العملية، وهنا أصبحت في صراع داخلي إذ أن الحدود بيننا لم تكفِ حتى اضطررت ان احذفه من قائمة شركائي.
تقسم المرأة في قاموس الرجل الى عدة نساء : شريفة، نظيفة، طاهرة، عذراء، زانية وسافلة. ونسيتم ان تصنفوا انفسكم، فكم من امرأة غير عربية تلطخت بوسخكم، تتكلمون عن الحرية لكن عندما تصبح المرأة زوجتكم أو اختكم لا تخرج من قاموسكم ولا يصبح للحرية أهمية عندكم.
ألا يكفيكم أن المرأة العربية تعيش داخل صراع دولة يحكمها رجال وتحكمها أغلبية يهودية، وعليها أن تثبت نفسها لكي تتطور وتتقدم، لكن صراعها وحصارها لا يتوقف على الدولة اليهودية إنما عليكم يا رجال مجتمعي، فالوحشية بنظراتكم تقتل تلك المرأة، تقتل جسدها ونفسها. تشغلون انفسكم بالتحدث عن عذريتها وعن أهمية الحفاظ على شرفها، تظنون بأنها جرأة حين بأعينكم يتم اغتصابها وتقولون: "هي سمحت لنفسها" ويبدأ سيناريو التبرير بطرح أسباب رخيصة. فتفكير اغلب الرجال في كل المجتمعات ينبع من رغبات جنسية تلبيها انثى كخارطة جسدية.
أصبحنا في زمن الخيانة، الأقنعة، الكذب النفاق والعنف. ففي مجتمعي العنف وسيلة حضارية لتربية المرأة، فكم من مرأة ضربت على يد زوجها بحجة تقصيرها بواجبات على الرجل ايضا القيام بها. لا يقف زماننا على العنف انما على النفاق ايضا، فرجل آخر بعد ليلة ساخنة مع زوجته يذهب لتجديد ليلة ساخنة مع امرأة اخرى كي يتذوق جميع الأطعمة الرخيصة امثالهم.
سياسة، حب، عائلة وزواج. في جميع تلك المؤسسات أرى مجتمعي يضطهد المرأة، بالسياسة عامة، وبالانتخابات خاصة لا تتلقى الدعم الكافي بكونها امرأة. على سبيل المثال: عندما رشحت عضو الكنسيت حنين زعبي نفسها للانتخابات الأخيرة في مدينة الناصرة، ولم تحصل على دعم من سكانها، وبغض النظر عن مبادئها وعن الحزب الذي تنتمي له، فقط لكونها امرأة وسمعتها بأذني أكثر من مرة " شو بده يطلع من المرة غير مشاكلها"، حتى نساء مجتمعي المحترمات يتنافسن مع بعضهن ولا يستطعن رؤية امرأة متقدمة.
ومثال اخر عن امرأة تدعى "انا ": عندما رشحت نفسي لانتخابات مجلس الطلاب العرب في كلية سابير عام 2012 تلقيت العديد من الانتقادات وتم تشجيعي للانسحاب من هذه الخطوة بنفس الادعاءات المسبقة.
اما في الحب، فالرجل العربي يحافظ على عذرية المرأة لأنه لو لم تكن نصيبه فلن تتزوج بعده وستصبح زانية بنظر المجتمع، وإذا فقدت عذريتها فشرفها يترجم بغشاء، وكم من امرأة قتلت على خلفية شرف العائلة، ودفنت بعذريتها. من السياسة الى الحب فالعائلة. بتلك المؤسسة كل الضغوطات والمسؤوليات تقع على المرأة، يقولون لها :"أردت الحرية، أردت التقدم، ناضلت لأجل تحقيقهم لا يهمنا اعملي في الداخل وفي الخارج وأيضا في الفرشة". فكيف على المرأة ان تدمج بين عملها الداخلي كربة منزل، وعملها الخارجي كموظفة او طالبة جامعيه تسعى لتحقيق الاهداف. وبالرغم من الضغوطات الا انك نجحت في تحقيقها ودمجها معا ولك كل الفخر. اما في المؤسسة الاخيرة وهي الزواج، فقد أصبحت بعيدة كلياً عن التعاون، التفاهم والحب، والقريبة من التملك والسيطرة.
أما بعد لن أنسى البعض الآخر من رجال مجتمعي الذين أرفع رأسي بهم وأفتخر بوجودهم فهؤلاء يدركون أهمية المرأة العربية، يقدرونها ويحترمونها. ونظرتهم للمرأة نظرة خجل تترجم الاحترام والغيرة وليست نظرة جنسية نابعة من غريزة. وفي النهاية، هدفي من وراء هذا المقال النقد وليس التهجم على رجال مجتمعي، فانتقدكم كي تتوقفوا عن تبريرات اعمالكم، وقبل ان تفكروا بتحرير أمتكم وتحرير أرضكم اسعوا وراء تحرير عقولكم وافكاركم، فسجون الجهل قد امتلأت، اريدكم ان تنظروا الى المرأة كروح، بشر، زوجة وحبيبة. فادم بحاجة لحواء، وحواء بحاجة لادم .
الكاتبة طالبة للعمل الاجتماعي في كلية سابير
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net