د. محمود الخطيب – محاضر في الكلية الأكاديمية أونو في مقاله:
إدارة ميزانية المنزل لم تحتجْ في الماضي إلى مهارات حيث كانت المصاريف معروفة، ولم يكن الموضوع ملحّا لكن الحياة تغيّرت ولم تتغيّر معها النظرة إلى أن إدارة ميزانية المنزل تحتاج إلى اكتساب مهارات وعلم، ولا تنتقل بالوراثة، ولا يمكن اكتسابها بشكل تلقائي من البيئة
كنت قد وضحت في مقالات سابقة الواقعَ الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الأسر في البلاد والأسر العربية بشكل خاص، والذي يتجلى بمديونية عالية تعيشها الأسر، والذي ينتج عن إهمال في إدراة ميزانية الأسرة، وبينت ووضحت الأسباب التي أدّت إلى هذا الواقع وقلت: إنّ هنالك أسباب كثيرة لإهمال كثير من الأسر بإدراة ميزانيتها المنزلية، أهمها: السبب التاريخي، بمعنى أنّ إدارة ميزانية المنزل لم تحتجْ في الماضي إلى مهارات حيث كانت المصاريف معروفة، ولم يكن الموضوع ملحّا، لكن الحياة تغيّرت، ولم تتغيّر معها النظرة إلى أن إدارة ميزانية المنزل تحتاج إلى اكتساب مهارات وعلم، ولا تنتقل بالوراثة، ولا يمكن اكتسابها بشكل تلقائي من البيئة. السؤال المطروح هو كيف يمكن أن ندير ميزانية المنزل؟
مركبات اقتصاد الأسرة
قبل أن ندخل في كيفية إدارة ميزانية المنزل دعونا نتعرف على مركبات اقتصاد الأسرة، المركب الأول: الإدارة الجارية، والمقصود بالإدارة الجارية هو أن تحصي الدخل الشهري للأسرة من مصادره المختلفة، وأن تحصي نفقات الأسرة المختلفة في محاولة لضبط نفقات الأسرة الشهرية حتى تكون مساوية أو أقل من مدخولات الأسرة الشهرية.
المركب الثاني: السكن، نفقات السكن تحتلّ نسبة كبيرة من نفقات الأسرة، تصل أحيانا إلى أكثر من 30%!! والتعامل مع السكن يتم من عدة أوجه، الوجه الأول أن يقوم الأب والأم ببناء البيت "من طقطق لسلام عليكم" وإعطائه للولد عند الزواج، وهنا لا تعتبر نفقات السكن أحد مركبات اقتصاد الأسرة، أو أن يقوم الأهل بتوفير مسكن زمني للابن حتى يعمّر أو يشتري بيتا، أو يقوم الابن باستئجار بيت إلى حين يشتري بيتا أو يعمر بيتا، وبغضّ النظر عن الوسيلة التي تمّ فيها شراء البيت أو تعميره، أكانت تعتمد على توفير مسبق أو من خلال الحصول على قرض إسكان، فإنّ نفقات السكن تعتبر خلافا لنفقات الأسرة الأخرى التي يمكن إدراجها تحت بند الإدارة الجارية، تعتبر بندا مستقلا في اقتصاد الأسرة.
المركب الثالث: الاستعداد للمخاطر، يشمل هذا البند كل أنواع التأمينات الموجودة، تأمينات الصحة بمختلف أنواعها، وتأمينات الدخل مثل تأمينات التقاعد وإصابات العمل، وتأمينات الأضرار على الممتلكات مثل تأمينات السيارة وما إلى ذلك، النفقات على هذا البند تعتبر نسبتها عالية نسبة لنفقات أخرى، لكن الأهم من نسبتها العالية هو تعقيدها والحاجة إلى المعرفة والاطلاع الجيد حتى يمكن التعامل معها بنجاعة.
المركب الرابع: المدى المتوسط والمدى البعيد، المقصود هنا هو كل المصروفات التي تحتاج إلى توفير واستعداد مسبق، مثل شراء سيارة، تعليم الأولاد، رحلة إلى خارج البلاد وما إلى ذلك.. هذه الأمور تظهر في بند واحد في الميزانية الشهرية للأسرة وهو بند التوفير، لكن تفصيلها يأتي في الخطة الكاملة التي تضعها الأسرة لنفسها.
المركب الخامس والأخير: السلوك، وهو تلك العادات والسلوكيات الاستهلاكية التي اعتاد الناس عليها، وعادة ما تكون هذه العادات ناتجة عن قناعات، وحتى يتم تبديل هذه العادات بعادات أفضل يجب أن يُعمل على تغيير القناعات التي تقف خلفها، ولا يمكن للأسرة أن تتبنّى نظام حياة جديد يترتب عليه تنظيم ميزانيتها دون أن تغيّر قناعاتها؛ لأنّ اتباع النظام الجديد يترتّب عليه تبنّي عادات جديدة والتخلّص من عادات قديمة.
هذه المركبات الخمسة في اقتصاد الأسرة: الإدارة الجارية والسكن والاستعداد للمخاطر والمدى البعيد والمتوسط والسلوك هي المركبات التي يجب على كل شخص ينوي أن يدير ميزانية أسرته بمسؤولية ونجاعة أن يلمّ بها الماما أساسيا على الأقل، في المقالات القادمة سنتحدث عن كل واحد من هذه البنود على حدة، وسنفصلّها تفصيلا مسهبا إن شاء الله.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net