الدكتور بشارة بشارات مدير مستشفى الناصرة ورئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي في البلاد:
عملنا في المناطق الفلسطينية ليس على حساب الخدمات التي نقدمها لأهل مدينة الناصرة والجليل
مستشفى الناصرة هو أقدم مستشفى في البلاد وفي إحدى حقبات الزمن كان المستشفى الوحيد في فلسطين وسورية والأردن
عندما تصل طواقمنا الى المناطق الفلسطينية وتلتمس الامراض المتراكمة والعالقة تكون في غاية الدهشة لأننا لم نتوقع أن تكون هذه الإحتياجات متواجدة في القرن العشرين
رلى بولس– لبس مديرة مشروع خدمات طبية لمناطق البدو في الضفة:
إذا أردنا أن نعلم أطباءنا الانسانية والرأفة والقيم عليهم أن يتعلموها في تلك المناطق
بما اننا نعتبر أنفسنا مجتمعا واحدا وعائلة واحدة قررنا اجتياز حدودنا الجغرافية لتقديم الخدمات لأهلنا الفلسطينيين في مناطق البدو
نقوم باستدعاء الأطفال والمرضى الذين يحتاجون الى عمليات جراحية الى المستشفى في الناصرة لتقديم العلاج اللازم لهم مع الإهتمام بكيفية توفير التصريحات اللازمة لذلك
يقوم مستشفى الناصرة (الإنجليزي) بتقديم عدة خدمات طبية للأهل في المناطق الفلسطينية. وأطلقت رلى بولس- لبس من مدينة الناصرة، مشروعا خاصا في هذا السياق، قام خلاله وفد من مستشفى الناصرة بزيارة محافظة طوباس، بهدف استعراض أوضاع الجهاز الصحي في المحافظة واستكشاف حاجات المنطقة من النواحي الصحية. وخلال المشروع تمت زيارة عين البيضا، وهي قرية صغيرة تقع في محافظة طوباس، ويسكنها حوالي 1600 شخص، وهي المنطقة الأولى التي اختارها المشروع للإنطلاق منها، بحيث افتتح طاقم المستشفى عيادة بالتنسيق مع مديرية الصحة في محافظة طوباس، فكانت بداية العمل في الأول من شباط الماضي. تعمل العيادة مدة خمسة أيام في الأسبوع، ويتم تحويل الحالات المستعصية الى مستشفى الناصرة الذي يهتم بدوره بإصدار تصريح دخول للمرضى الفلسطينيين. وضم الوفد: "د. يوسف نجم – مدير قسم الأطفال في مستشفى الناصرة، د. كارم أمونه – طبيب أطفال، د. محمود نجار – طبيب اطفال، د. عادل جبور – مدير المختبر في مستشفى الناصرة، د. أمين عدوي –طبيب أطفال، د. زاهي عواودة – أخصائي أعصاب أطفال".
صورة من مكان الحدث في المناطق الفلسطينية
ويقول الدكتور بشارة بشارات مدير مستشفى الناصرة ورئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي في البلاد لموقع العرب وصحيفة كل العرب: "عندما شاهدنا الاحتياجات الموجودة في الضفة وخاصة في المناطق سي، قررنا مع إدارة المستشفى أو بالأحرى المؤسسة الأم في اسكتلندا، أن نعطي دعما وعطاء للمحتاجين للعلاج لدى الشعب الفلسطيني".
ويؤكد د. بشارة بشارات: "مستشفى الناصرة هو أقدم مستشفى في البلاد وفي إحدى حقبات الزمن كان المستشفى الوحيد في فلسطين وسورية والأردن، ومن هذا المنطلق نحاول متابعة التواصل حتى لا تبقى خدمات مستشفى الناصرة محصورة على منطقة الجليل".
د. بشارة بشارات مدير مستشفى الناصرة ورئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي في البلاد
وأشار بشارات الى أن "غالبية الأطباء يتوجهون الى تلك المناطق كمتبرعين. وبعد أن سمع العديد من الأطباء من مؤسسات أخرى -بالإضافة الى المستشفى الإنجليزي- من منطقة الناصرة، حول هذا المشروع، انضموا الى طاقم المستشفى الإنجليزي متبرعين". ونوّه بالقول: "عملنا في تلك المناطق ليس على حساب الخدمات التي نقدمها لأهل مدينة الناصرة والجليل".
وتابع د. بشارة بشارات حديثه لموقع العرب وصحيفة كل العرب: "عندما تصل طواقمنا الى المناطق الفلسطينية وتلتمس الامراض المتراكمة والعالقة، تكون في غاية الدهشة، لأننا لم نتوقع أن تكون هذه الإحتياجات متواجدة في القرن العشرين. مثلا هنالك أطفال (7 او 8 سنوات) يحتاجون لإجراء عملية جراحية، كان من المفترض أن تنفذ منذ سنوات".
وحول المشاريع المستقبلية للمستشفى الإنجليزي، قال مدير مستشفى الناصرة ورئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي في البلاد: المشروع الكبير الذي سنبدأ به هو تخصص الطب العائلي داخل المستشفى، بما يشمل أطباء فلسطينيين" وفقا لأقواله.
من اليمين: رلى بولس– لبس مديرة مشروع خدمات طبية لمناطق البدو في الضفة
أما رلى بولس– لبس مديرة مشروع خدمات طبية لمناطق البدو في الضفة فتقول إن "هذه المبادرة أتت من الدكتور بشارة بشارات، وبما أننا نعتبر أنفسنا مجتمعا واحدا وأهل وعائلة واحدة، قررنا اجتياز حدودنا الجغرافية وغير الجغرافية، من أجل تقديم الخدمات لأهلنا الفلسطينيين في مناطق البدو".
وتضيف رلى بولس – لبس ردا على سؤالنا: "الأمر بالغ الأهمية في هذا المشروع هو أننا نقوم باستدعاء الأطفال والمرضى الذين يحتاجون الى عمليات جراحية، الى المستشفى في الناصرة لتقديم العلاج اللازم لهم، مع الإهتمام بكيفية توفير التصريحات اللازمة لذلك. المشروع بدأ في قرية، والآن نعمل في نحو 13 قرية في المضارب البدوية، ونتمنى أن تبقى استمرارية من أجل ذلك، وبالتالي نجري أبحاثا مستمرة في مختلف المناطق العربية لنرى الحاجة بتوسعنا للوصول إليهم".
وفي إجابتها على سؤالنا بخصوص التعب والعناء في الوصول الى المناطق الفلسطينية بشكل دائم، قالت: "لا أنسى ما كشف لي عنه، الدكتور يوسف نجم مدير القسم، عندما قال لي: "إن أجمل يوم لديه هو الخميس لأنه يشعر بأنه يخدم أشخاصا هم حقا بحاجة إليه"، وبالتالي، إذا أردنا أن نعلم أطباءنا الانسانية والرأفة والقيم عليهم أن يتعلموها في تلك المناطق" كما قالت بولس- لبس.
يذكر أنه تم تسليط الضوء في هذا المشروع على منطقة المضارب البدوية الواقعة شرق مدينة طوباس، وتتكون المنطقة من 27 تجمعا سكانيا، تمتد من منطقة حمصة وحتى منطقة الجمة، منها 13 تجمعاً سكانياً مأهولا بالسكان، و14 تجمعاً مهجرا. أما التجمعات البدوية فهي: المالح، الحديدية، سمرة، الفارسية، عين الحلوة، عاطوف، يرزة، ابزيق، سلحب خلة مكحول، الفارسية، منطقة عين الميتة.
يشار الى أنه خلال العام 2013 واجهت منطقة المالح والمضارب البدوية 270 قرارا بما يشمل قرارات هدم أو ترحيل، بحجة تدريبات عسكرية للجيش الإسرائيلي على أراضي المنطقة، حيث أقيت ست مستوطنات زراعية، وسبع معسكرات للجيش أكبرها معسكر "الناحل" المقام على أراضي منطقة المالح، وهي منطقة دون ماء وكهرباء وظروف صحة جيدة أو تعليم، بحيث يضطر سكان المنطقة لجلب المياه من مسافة عدة كليومترات، بالإضافة الى سفر الطلاب يوميا عدة كليومترات، للذهاب إلى مدارسهم في قرى تياسير وعين البيضا في حافلة وفرتها السلطة الوطنية الفلسطينية لهذا الغرض، والخدمات الصحية تقدم عبر عيادات صحية تمر في المنطقة في أيام محددة.
ووفقا لمشروع مستشفى الناصرة، تبيّن أن "منطقة المالح والمضارب البدوية، تعاني حالها كحال غيرها من التجمعات السكانية في مناطق الأغوار بشكل عام، بسبب تصنيفات A,B,C وفق اتفاقيات اوسلو التي وضعت كل صغيرة وكبيرة في المناطق C بيد الإحتلال".
وجاء في المشروع أن "أطباء مستشفى الناصرة يعملون في منطقة المضارب البدوية بقمة الإنسانية والتفاني. فمشاعر التلاحم بالأهل والعائلات تجسدت حين بدأ المشروع يلتمس معاناتهم ويعيش ألمهم، ذلك عندما تنظر في عيون طفلة.. فيخترق حزنها قلبك .. فتصبح عاجزا، حائرا امامها ، فتمتد يدنا لتمسح دمعة حائرة تنزف ... تمتد يدنا لتلتحم بيد عائلاتنا في هذا الفضاء الواسع ... نستمر".
أطفال فلسطين.. مأساة حقيقية من الناحية الطبية أيضا