دكتور سائد عبدالله الحاج يحيى في مقاله:
الإنتخابات في الطيبة تشبه حربا أهلية عائلية الطموح لكرسي رئاسة السلطة المحلية يحول المنافسة الى وعود لا يمكن تنفيذها، وبعض رؤساء السلطات المحلية الفائزين ملتزمون لأبناء عائلتهم وحلقتهم المقربة جدا
هل ستلحق الطيبة ربعها مع الربيع العربي في إتجاهه الذي لا يحمل الأمل من المستقبل؟ الذي يبدو واضحا أن الجماهير التي اسقطت الطغيان إنما إستبدلته بطغيان جديد تشير كل الظواهر الأولية انه سيكون أشد طغيانا من سابقه ؟؟
كلنا مع الربيع العربي لإسقاط الطغيان وأملي بربيع جديد يعيد للثوار ما سرق منهم ونريد الطيبة للطيباويين وليس لمفرقي الصفوف
الطرف المنتصر بالانتخابات او العائلة المنتصرة بالإنتخابات لا تزال تنفق أموال الجمهور في الإحتفالات التي أقيمت في المتنزهات والشوارع ولا تزال المفرقعات تدوّي حتى ساعات الليل المتأخرة
السبب للأسلوب الذي تمت به الإنتخابات هو عدم إيمان المجتمع العربي بقدرته على التأثير في السياسة الإسرائيلية او حتى على إدارة شؤونه المحلية
بدأت أولى ملامح الإنتخابات المحلية في الطيبة، تأخذ مساحة في تفكير ونشاط مختلف الحركات والعائلات، وهو أمر مشروع وطبيعي. بعد إعلان وزارة الداخلية تحديد موعد الإنتخابات لبلدية الطيبة بدأت بعض العائلات والأحزاب في الطيبة بتهيئة نفسها لخوض معركة الإنتخابات الوشيكة رغم أن موعد الإنتخابات يبعد عنا تسعة اشهر.
الإنتخابات في الطيبة تشبه حربا أهلية عائلية. الطموح لكرسي رئاسة السلطة المحلية يحول المنافسة الى وعود لا يمكن تنفيذها، وبعض رؤساء السلطات المحلية الفائزين ملتزمون لأبناء عائلتهم وحلقتهم المقربة جدا، وتنظيمهم السياسي او الاطار العائلي البغيض الذي أوصلهم للرئاسة. لكن السؤال المحرج عن أي نهضة وتغيير منشود ونضال وطني تحت شعارات عائلية، او قائمة عائلية، تغيب الأحزاب وتتقدم العائلية، كل شيء يتراجع، كل ما بنيناه ينهار. هل من منطق خوض قائمة بتركيبة عائلية لإنتخابات بالطيبة؟ لسنا ضد رئيس بلدية من أي عائلة كانت، ولكن أن يكون رئيسا يجمع عليه أبناء الطيبة بغض النظر عن الهوية العائلية. التغيير تحت لواء هوية عائلية مرفوض.
هل ستلحق الطيبة ربعها مع الربيع العربي في إتجاهه الذي لا يحمل الأمل من المستقبل؟ الذي يبدو واضحا أن الجماهير التي اسقطت الطغيان إنما إستبدلته بطغيان جديد، تشير كل الظواهر الأولية انه سيكون أشد طغيانا من سابقه ؟؟ كلنا مع الربيع العربي لإسقاط الطغيان، وأملي بربيع جديد يعيد للثوار ما سرق منهم. ونريد الطيبة للطيباويين وليس لمفرقي الصفوف.
بالطبع هناك عقلانيين لكني أراهم صامتين. المؤثر السلبي الكبير على المجتمع العربي في اسرائيل، هو التراجع الحاد في واقع الأحزاب العربية في الحلبة المحلية، وللأسف دورها في اطار مجتمعنا المدني يتلاشى ويقل تأثيره. أضحت أقرب الى قوائم إنتخابية. لا طروحات فكرية لا نقاش إيديولوجي لا نشاط ثقافي وسياسي مؤثر. والحديث النظري عن قائمة واحدة لمعركة إنتخابات الكنيست مثلا، (وليس السلطة المحلية فقط)، لضمان عدد أفضل من الأعضاء العرب، صعب جدا، إذا لم نقل مستحيلا. الأحزاب في عملية شخصنة ( تحول الشخص الى القيمة الجوهرية للتنظيم) تزيد من الضحالة السياسية.
الطرف المنتصر بالانتخابات او العائلة المنتصرة بالإنتخابات لا تزال تنفق أموال الجمهور في الإحتفالات التي أقيمت في المتنزهات والشوارع ولا تزال المفرقعات تدوّي حتى ساعات الليل المتأخرة. ولكن بعد أن تنتهي الإحتفالات سيصحو أهل الطيبة، المنتصر والمنهزم ليجد الخزانة فارغة من الميزانيات والشوارع طافحة بالمجاري والمياه مقطوعة عن الأنابيب الرواتب غير مدفوعة، الإضرابات في المدارس مستمرة، الى جانب شح الأراضي البطالة وعدد لا يحصى من النواقص. بإختصار سيصحو ليجدو أن الكابوس لا يزال مستمرا: بلد مشلول المعاناة فيه نصيب كل العائلات وكل الأحزاب.
إن السبب للأسلوب الذي تمت به الإنتخابات هو عدم إيمان المجتمع العربي بقدرته على التأثير في السياسة الإسرائيلية او حتى على إدارة شؤونه المحلية. لقد شطبت الجماهير العربية نفسها كجسم سياسي كجسم له حاجات وطموح كأي مجتمع. ان مواصلة الاقتتال الداخلي في الطيبة او في الوسط العربي هو أفضل حالة تتمناها السلطات الإسرائيلية وعلينا القول بوضوح أن إتهام دولة اسرائيل بكل مصائب العرب يصبح بلا مصداقية عندما نضيّع من أيدينا كل الفرص لإدارة مجتمعاتنا المحلية بأنفسنا.
*كاتب المقال من مدينة الطيبة
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net