أبرز ما استعرض الدكتور إياد زحالقة في كتابه:
أوضاع وظروف الأقليات المسلمة تؤثر على تنزيل الأحكام الشرعية
الأحكام الشرعية تراعي ظروف المسلمين في الغرب والتي تصعّب عليهم ممارسة الاحكام والفرائض الدينية
فقه الأقليات يربط بين الحكم الشرعي والمجموعة التي يوجه إليها ويحث على إقامة علاقات متبادلة مع المحيط غير الإسلامي
استقبل المحامي حسن محمد عثامنة رئيس مجلس محلي كفرقرع في مكتبه فضيلة القاضي الدكتور إياد أحمد زحالقة الذي زاره على شرف إصدار كتابه "شريعة في العصر الحديث". وقد أهدى الدكتور إياد زحالقة كتابه "شريعة في العصر الحديث" لرئيس المجلس المحلي مستعرضا أمامه أهم ما تناوله الكتاب، منظومة فقه الأقليات المسلمة. كما وشكر رئيس المجلس المحلي الدكتور زحالقة على هذا الإهداء القيم وأثنى عليه لما يحويه من فكر وأدب وتوعية وتثقيف، وعبر القاضي إياد زحالقة عن تقديره العميق للمحامي حسن عثامنة على حسن الحفاوة والاستقبال وقبول الكتاب كإهداء خاص، متمنيا له المزيد من التميز في العطاء لكفرقرع متطورة ومزدهرة.
من اليمين- المحامي حسن عثامنة والدكتور إياد زحالقة
الكتاب صدر عن دار النشر رسلينغ في تل أبيب الكتاب "شريعة في العصر الحديث- فقه الأقليات المسلمة"، المؤسس على رسالة الدكتوراة التي صادق عليها المجلس العلمي للجامعة العبرية في القدس. ويتناول الكتاب بحثا معمقا ومؤصلا في فقه الأقليات المسلمة وتطبيق الشريعة الإسلامية لدى الأقليات المسلمة في الغرب. إضافة إلى أنه يستعرض "منظومة فقه الأقليات المسلمة للتيار الإسلامي الوسطي المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، وهو أحد أكثر التيارات الإسلامية انتشارا بين المسلمين السنة في العالم، وذلك للوصول إلى حلول شرعية للإشكاليات والتحديات التي يواجهها المسلمون في مجالات الحياة المختلفة لوجودهم في حيز غير إسلامي مفتوح يتعارض مع نهج الحياة الإسلامي، وهي قضايا لا يواجهها المسلمون في البلاد الإسلامية. ويوضح القاضي زحالقة في كتابه أن فقه الأقليات إشتق من مبدأ عالمية الإسلام الذي ينظر إلى الدين الاسلامي كدين عالمي، يعني بكل الناس، في كل زمان ومكان، وينهج وفق مبدأ تغير الأحكام الشرعية بتغير الزمان والمكان والتيسير في الأحكام ورفع الحرج عن المسلمين، بحيث تراعي الأحكام الشرعية ظروف المسلمين في الغرب والتي تصعّب عليهم ممارسة الاحكام والفرائض الدينية، وهي أحوال لم يعهدها الفقهاء السابقون ولم يتناولوها في اجتهاداتهم الفقهية. وعليه فإن أوضاع وظروف الأقليات المسلمة تؤثر على تنزيل الأحكام الشرعية على ذلك الواقع المختلف، والمسلمون خارج الدول الاسلامية بحاجة إلى فقه خاص، يعتمد على اجتهاد فقهي صحيح، يراعي مكانها وزمانها وظروفها الخاصة. وذلك لعدم قدرة هذه الأقليات على فرض أحكامها الشرعية على محيطها وتضطر لمواجهة المجتمع المحيط مع أنظمته وقوانينه التي يتناقض بعضها مع الأحكام الشرعية".
فقه الأقليات والأحكام الشرعية
يرى الكتاب أن "فقه الأقليات يعتبر فقها عاماً وفقها أكبر، ويتناول قضايا فقهية من وجهة نظر شاملة وفق مبادئ شرعية عامة، تضمنها القرآن الكريم، وحسب القيم العليا الملزِمة ومقاصد الشرعية لتبقى الشريعة الإسلامية ملائمة للناس على المدى البعيد. بذلك، يخرج فقه الأقليات من إطار البحث عن مبيحات قد تؤدي إلى نتيجة سلبية – إلى إطار رؤية شرعية إصلاحية عامة تحاكي واقع الجماعة المسلمة وتتعامل بروح ايجابية مع المحيط وتكوين علاقات متبادلة وبناءة معه. وعليه فإن فقه الأقليات يربط بين الحكم الشرعي والمجموعة التي يوجه إليها، ليتلاءم مع أحوالها الخاصة، فالأحكام الشرعية بذاتها هي حكم جزئي ويجب ربطه بالواقع حتى يكتمل، بحيث يُنزل الحكم على الظرف الخاص لكل حال. هذا التوجه الفقهي والفكري، تأثر إلى حد كبير بفكر ومنهج الإمام الغزالي (توفي عام 1111) وابن قيم الجوزية (توفي عام 1350)، تلميذ ابن تيمية (توفي عام 1328) والشاطبي (توفي عام 790 هجري)، ويعتمد هذا التوجه الفقهي مصدرين هامين في تجديد الأحكام الشرعية: المصلحة ومقاصد الشريعة. ويرى فقه المقاصد الذي اعتمده الإمام الشاطبي أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقق 5 مقاصد وهي (1) الحفاظ على الدين، (2) الحفاظ على النفس، (3) الحفاظ على العقل، (4) الحفاظ على العرض والنسل، (5) الحفاظ على الأموال. وعليه فإنه يترتب على كل حكم شرعي تحقيق مقصد من هذه المقاصد، والتي تعتبر اساساً مستقبلاً للإفتاء. أمّا مبدأ المصلحة في استنباط الأحكام الشرعية فقد وسعه الإمام الغزالي حيث استعمل وطبق لتحقيق غايات أخرى وهي الاحترام والسلام والحقوق والحرية. وقد اشتقت هذه الغايات من أساس العدل ورفع الظلم وكمال الإنسان وتيسير الحياة اليومية، وهي غايات توفر حيزاً كبيراً للاجتهاد الفردي".
وقد خلص الكتاب إلى أن "فقه الأقليات يحث على إقامة علاقات متبادلة مع المحيط غير الاسلامي ويشجع أبناء الأقليات على الاندماج فيه مع الحفاظ على هويتهم الدينية الإسلامية وإقامة شعائر الدين. وأن هذا التوجه الفقهي قد أعمل مفهوم التيسير بالفقه الذي يدعو إلى التيسير على العباد ورفع الحرج عنهم، وكذلك تطبيق القواعد الكلية الشرعية والتي توفر منطلقاً لتجديد الفقه الاسلامي وفق اصول منهجية ثابتة ومعروفة سلفا، تراعي ظروف هذه الأقليات واحتياجاتها لتحافظ على استمرارية وجودها وتطورها في محيطها".