فايز اشتيوي في وداع سميح القاسم:
لم يكن سميح القاسم شاعرًا كبيرًا ورمزًا من رموزنا في الشعر والمقاومة فحسب بل كان موسوعة تمشي على الأرض، في الشعر والجغرافيا والترجمة، كما عرفته عن قرب
كان سميح الشجرة المثمرة التي تفيأ شعراؤنا الشباب ظلالَها، وكان لهم الأب الحاني على أبنائه، لم يحدث أن غضب من أي منهم، بل دومًا احتضنهم بحب وحنان كونهم الجيل الذي سيتابع المسيرة
رئيس المجلس المحلي في الرامة شوقي ابو لطيف:
أول أمس فارقتنا يا أخي هذه الدنيا الفانية لتنتقل الى جوار ربك سبحانه وتعالى بعدما صارعت الموت لمدة طويلة دامت أكثر أربعة أعوام قاومت خلالها الآلام والأوجاع بصمت وهدوء وصبر لأنك امنت بما كتبه الله عليك
المطران الدكتور عطالله حنا :
أتينا تبجيلاً لشخصية عرفناها جميعاً ألا وهو شاعرنا وأستاذنا وابن قريتنا، الرامة، الشاعر والمناضل والمقاوم سميح القاسم، أتينا ونحن ننتمي الى ديانات متعددة ولكن نتوحد اليوم في وداعنا لهذه الشخصية الوطنية
القاضي الدكتور أحمد ناطور رئيس محكمة الاستئناف الشرعية:
أمة بحالها قد أتت شوقاً اليك جرعت من المحيط الى الخليج بحبها وشوقها لتصهر في رجل واحد أخذ معه قلوبنا ومضى، صارت أسمائنا تدل علينا بعد أن نسبت اليك، أما الزمان فذو حدين، منه ما كان معك ومنه ما سيكون
عضو الكنيست النائب محمد بركة :
نتكىء على قامته الأدبية والفكرية والانسانية، كي نكون أقوم عوداً وأبهى صموداً شكراً لك أبا محمد، شكراً لك أبا وطن، شكراً لك أبا وطن محمد شكراً لك سميح القاسم الاسم الشامخ من أسماء فلسطين، أبشر ومثلك للبشائر
شارك الآلاف من المشيعين من ابناء الشعب الفلسطيني من الداخل ومن الضفة الغربية والجولان المحتل، بينهم قيادات العمل الوطني والسياسي، اعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية عربية من الداخل وقيادات دينية بتشييع جثمان طيب الذكر شاعر المقاومة سميح القاسم رئيس التحرير الفخري لصحيفة كل العرب، وذلك بعد ان سجي جثمانه لساعات في بيت الشعب ومن ثم طافت به جموع المشيعين شوارع قرية الرامة وصولا لملعب كرة القدم في الحي الشرقي من الرامة. وقد تولى عرافة المهرجان الخطابي وديع عواودة والذي رحب بجموع المشاركين في التشييع ومقدم الشكر على برقيات التعازي التي وصلت الى العائلة ومنصة المهرجان الخطابي، مستذكرا عدد من المواقف الوطنية لشاعر المقاومة والتي زادته صلابة وقوة في مواقفه الوطنية والمبدئية.
اول المتحدثين كان رئيس المجلس المحلي في الرامة شوقي ابو لطيف والذي قال في كلمته:" أول أمس فارقتنا يا أخي هذه الدنيا الفانية، لتنتقل الى جوار ربك سبحانه وتعالى بعدما صارعت الموت لمدة طويلة دامت أكثر أربعة أعوام، قاومت خلالها الآلام والأوجاع بصمت وهدوء وصبر لأنك امنت بما كتبه الله عليك، نبكيك يا أخي آلامنا، ذكرانا، فخرنا، عزنا، نبراسنا، أيها الباقي معنا الى الأبد والى دهر الداهرين، المجلس المحلي قرر يوم أمس في جلسة طارئة اعلان الحداد اليوم الخميس وباتفاق الجميع تم اطلاق اسم القائد الوطني سميح القاسم على المدرسة الابتدائية في القرية". وقال الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة المعروفية الدرزية: "بعد انتحار القحط في صوتي... روائعه بلا حد... شيء يسمى في الأغاني، طائر الرعد، لا بد أن يأتي فقد بلغناها.. بلغنا قمة الموت، هذه الأبيات المعبرة نظمها راحلنا المسجى في هذا النعش الدامع الباكي الكئيب، نظمها عملاق الشعر والنثر والأدب وكأن لسان حاله يقول اعلم انك قادم يا هذا الموت وقد كنت معك على موعد الى حين وها هي الساعة قد أنزفت، وها نحن التقينا، وها نحن أيها المشيعون الكرام نقف حيال هذا الموقف وقفة الوداع، مرددين قول الشاعر "لولا مفارقة الأحباب ما وجدت لها المنايا الى أرواحنا سبلا" ، نعم الموت حق والايمان بالله عز وجل حق والرضا بأحكامه تعالى حق والتسليم لمشيئته حق".
المطران الدكتور عطالله حنا قال: "أتينا تبجيلاً لشخصية عرفناها جميعاً ألا وهو شاعرنا وأستاذنا وابن قريتنا، الرامة، الشاعر والمناضل والمقاوم سميح القاسم، أتينا ونحن ننتمي الى ديانات متعددة ولكن نتوحد اليوم في وداعنا لهذه الشخصية الوطنية كما نتوحد في كل يوم وفي كل ساعةٍ في دفاعنا لقضايا الأمة العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين، لقد أفنى شاعرنا وصديقنا سميح القاسم حياته في الدفاع عن شعبه فقام بتأدية رسالته ودافع عن عدالة القضية الفلسطينية وسافر وانتقل الى دول عدة مدافعاً عن فلسطين وعن شعب فلسطين وعن قضية فلسطين". وقال القاضي الدكتور أحمد ناطور رئيس محكمة الاستئناف الشرعية الاسلامية سابقا قال :"الفارس الذي يدفن مع درع الحديد، أمة بحالها قد أتت شوقاً اليك، جرعت من المحيط الى الخليج بحبها وشوقها لتصهر في رجل واحد أخذ معه قلوبنا ومضى، صارت أسمائنا تدل علينا بعد أن نسبت اليك، أما الزمان فذو حدين، منه ما كان معك ومنه ما سيكون، وإن نحن كنا نؤمن أن الحياة والممات بيد الله، وكل نفس ذائقة الموت، وأن الجنة للشهداء والصالحين، فإنه يعز علينا أن نفقد السقف في ليل الزمهرير".
اما فايز اشتيوي مدير عام مؤسسة كل العرب قال في كلمته:"أستاذي، معلمي، حبيبي، رفيقي الحاضر أبدًا، شاعرنا المقاوم العنيد كصخر فلسطين، أخي سميح القاسم، ترجل الفارس سميح القاسم، الشاعر المقاوم العنيد، صاحب الإنسانية والمواقف الأبية، يكفيني شرفًا أني عملت لجانبه في مكاتب "كل العرب" ما يقارب 15 عامًا... ماذا أحدث عنك وماذا أقول ومن أين أبدأ؟، تعاندني الكلمات الآن وقد كانت تنساب من شفتيَّ حتى لو حاولت حبسها، تعاندني كلماتي يا حبيبي لأنها تأبى تصديق رحيلك، ماذا أكتب فيك وأنا أرى كل الوطن ينتحب الآن؟". معلمي الحبيب: هل أبدأ من بداية معرفتي بك عام 92 وأستحضر السنوات بذكرياتها التي ما زالت راسخة في ذهني؟ وكيف أسميت صحيفتنا (صحيفة الجماهير العربية)، وكيف كنت تضفي جوًّا من المرح والفكاهة بين الموظفين، إنني ما زلت أسمع ضحكتك في جنبات مكتبي، وأحاول إعادة نكتة لك لأضحك طويلاً. حبيبي سميح: ما زالت جدران مكاتب صحيفتنا "كل العرب" تعيد صدى صوتك وأنت تمر على الموظفين تلقي نكتة هنا وطرفة هنا، ويفيض الضحك، وما زالت غرفة الطعام التي جمعتنا أعوامًا تعيد علينا نفس المشاهد حين كنا نجتمع للغداء، ويتهادى صوتك بيننا كماء الجدول الرقراق، ونضحك وتضحك، وكم اختلفنا وصرخنا، ثم عدنا واتفقنا. أستاذي الأغلى، رافقتك في تنقلاتك في الداخل وأسفارك للخارج، وما زلت أذكر أمسيتك في باريس، وكيف صُدم موظف الاستقبال في الفندق لكثرة الحضور، فاضطر لإحضار عاملات للرد على المكالمات، ويومها أدركت عظمة سميح القاسم، وقد بلغ الأمر بموظف الاستقبال أن راح يمعّط شعره في ذهول كونه ما اعتاد على حضور جمهور كتلك الليلة. صديقي ورفيقي سميح: منذ تعارفنا لم تنقطع علاقتي بك، ولن تنقطع اليوم وغدًا، وأعاهدك يا أخي الذي لم تلده أمي، سأظل وفيًّا لك ولذكراك ما حييتُ. شاعرنا العظيم سميح: اعذرني لذهولي وبكائي، فقد غلبني الدمع وطالما استعصى عليَّ، فألمي يفوق كل ألم، وحزني يربو على كل حزن، فإن كان شعبنا فقد رمزًا من رموزه، فإني فقدت روحي. شاعرنا المقاوم سميح: أسرح بفكري الآن، وأنت تسلم راية الشعر والمقاومة التي حملتها ورفاقك الذين سبقوك إلى جوار الله، وأتساءل في نفسي من سيتسلم الراية بعدك؟ وهل لدينا سميح آخر يتسلمها بعدك؟ شقيقي سميح: هل أذكر أنني الوحيدُ الذي كنتَ خلال مرضك الأخير تصرُّ على تقبيله وعناقه رغم منع الأطباء، وكنت ترفض الانصياع لأوامرهم حين تراني وتقبلني وتعانقني وأقبلك وأعانقك. ختامًا إلى شعبنا وأمتنا: لم يكن سميح القاسم شاعرًا كبيرًا ورمزًا من رموزنا في الشعر والمقاومة فحسب، بل كان موسوعة تمشي على الأرض، في الشعر والجغرافيا والترجمة، كما عرفته عن قرب، كان سميح الشجرة المثمرة التي تفيأ شعراؤنا الشباب ظلالَها، وكان لهم الأب الحاني على أبنائه، لم يحدث أن غضب من أي منهم، بل دومًا احتضنهم بحب وحنان، كونهم الجيل الذي سيتابع المسيرة، رحمك الله يا حبيبي، وأسكنك فسيح جناته، وألهمنا جميعًا الصبر وحسن العزاء" كما قال.
الكاتب الأديب محمد علي طه من كابول :"هل تذكر يا أخي عندما كنت صغيراً شقياً جميلاً متمرداً تطاردك الشرطة العسكرية وتتحداها رافضاً التجنيد وتأتي الي بيتي في كابول لتختفي بعيداً عن عيونها، أتذكر عندما وضعوك في الزنزانة التي سجنوا فيها المجرم ايخمان؟، أتذكر ما قاله لك أبو العبد فيصل في وجه الانتفاضة في ليلة مقدسية ندية؟، أتذكر ما قاله لك الشهيد أبو عمار في جامعة بيت لحم؟ أتذكر الدكتاتور الأحمق الذي حاول رسوله أن يغريك بزيارته في عاصمته ". وقال حسين الأعرج مدير مكتب الرئاسة الفلسطينية :" كان مناضلاً، حمل قضيته الفلسطينية وحمل الهم الفلسطيني في كل ترحاله، وكان مثالاً للمناضل الصلب الذي عمل بكل اخلاص لوطنه، نفتقدك يا أبا محمد اليوم والله ونحن في أعز وأحوج الأوقات اليك بما نمر به من ظروف، لقد كنت مثالاً للوحدة، ومثالاً ومجسداً لوحدة أبناء شعبك بفئاته جميعاً حيثما تواجدوا في الوطن والشتات، لا أريد أن أطيل عليكم، لقد كنت سعيداً أنني وتشرفت عندما وسمك السيد الرئيس بأعلى وسام تمثل القيادة الفلسطينية، لأنك والله تستحق ذلك، واليوم وما كنت أتوقع ذلك، أتشرف بأن أمثل السيد الرئيس والقيادة الفلسطينية في اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية والمجلس الثوري والمرأة الفلسطينية وكافة أبناء الشعب والقيادة، واسمحوا لي أن أقرأ على مسامعكم رسالة التعزية، التي كلفني الرئيس أن أوصلها في هذه المناسبة الحزينة، ولكن هذه مشيئة الله". وتلى كلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن.
كلمات القاسم الأخيرة: :أنا لا أحبك يا موت ولكنني لا أخافك
عضو الكنيست النائب محمد بركة قال: " نتكىء على قامته الأدبية والفكرية والانسانية، كي نكون أقوم عوداً وأبهى صموداً، شكراً لك أبا محمد، شكراً لك أبا وطن، شكراً لك أبا وطن محمد، شكراً لك سميح القاسم الاسم الشامخ من أسماء فلسطين، أبشر ومثلك للبشائر، ما بين الحرائر والسرائر، وانفض ترابك وانهض يا ابن عامر، انهض وانظر حولك، انظر شعبك، وانظر محبيك، اجتمعوا من كل حدب وصوب حول جسدك الواهن الزائل المسجى وحول ارثك العظيم الجميل النفيس الباقي أبد الدهر ليرسو بأسمائهم خارطة فلسطين. سميح القاسم القومي الثائر من أبناء طائفة الموحدين الدروز، ليضاف اسمه الى جانب الأسماء العظيمة، وعلى رأسهم سلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط، لقد بدأت علاقتي به دون علمه، فأنا أحمل في قلبي ذكريات صبي كان عمره ثلاثة عشر عاماً يجلس تحت شجرة التوت، في فناء ما كان بيت أهله في صفورية، وقد ألقيت على نفسي وظيفة غير مدرسية بأن أحفظ عن ظهر قلب القصيدة الأولى في الديوان الذي صدر لتوه بعنوان " دخان البراكين" عام 1968".
اما نبيه القاسم فقال: " شعبنا العربي عامة وكل محبي الحرية والسلام في العالم، هذه الجماهير الثائرة وضمير الأمة المنتفضة وصوت المقاومة الفلسطينية المتفجرة، فسميح القاسم الذي ولد في مدينة الزرقاء في الحادي عشر من شهر أيار عام 1939 ، وشهد ما لحق بشعبه وهو في التاسعة من عمره أدرك أن مكانه بين الناس ومع الجماهير والى جانب الحق وضد الظلم والظلاّم، وكانت كلماته المتفجرة ألماً وغضباً وكانت حروب الآلام التي سارها مع أبناء شعبه رافعاً صوت المقاومة صارخاً في وجه العدو متحدياً منتصب القامة مرفوع الهامة، وبعد تعرضه لحادث الطرق الذي كان يودي بحياته تحدى وتابع طريقه مؤمناً بصنع المستحيل، ويوم فاجئه مرض السرطان أدرك أنه لن يفلت من وخزاته فأعلنها صريحة متحدياً الموت مصراً على الحياة بكلماته الأخيرة :أنا لا أحبك يا موت ولكنني لا أخافك، وأدرك أن سريرك جسمي وروحي لحافك وأدرك أني تضيق عليك ضفافك، أنا لا أحبك يا موت ولكنني لا أخافك!".