محمد خليل مصلح في مقاله:
الدولة في أزمة البعض لا يرى تلك الابعاد ويغرق في التحليل المادي السياسي العسكري دون ان يلحظ هذا البعد الخطير الذي ولأول مره تنجح المقاومة المبدعة قذفه في الوعي اليهودي
دولة تعجز عن حلول جزئية وحماية مستوطنيها كيف ستعالج الصدمات النفسية والهوس والقلق إلا بالعودة الى الانكماش والغيتو والهجرة
نتنياهو يبحث في كل مكان عن مخرج قبل أن تقتله أفكاره وينهار وأن ما يقوله البعض ويتحدث به أن اسرائيل ستتحمل حرب الاستنزاف وأن نكتفي بما تم تحقيقه على الارض وهو نصر والذهاب الى المفاوضات
أزمة عميقة نتجت عن عجز العقول الاسرائيلية في مجارات عقل المقاومة وتكتيكاتها الحربية والحرب النفسية الايديولوجية التي يخوضونها مع الاحتلال
بعد ان نجحت حماس في رص صفوف المقاومة صفا واحدا ؛ وغدوا جيشا له خصوصيته في الحرب يرعب " نصرت بالرعب "؛ وأجبرت دولة الاحتلال بكل مركباتها ؛ أن تعيش الواقع والحقيقة جراء الاحتلال لشعب ووطن لا حق لهم فيه ، وأنها لم تعد المكان الآمن للعيش والرفاهية ؛ ما دفعها الى الاخلاء القصري الفردي والجماعي ؛ يائير لابيد وزير المالية لدولة الاحتلال " لا يمكن اعطاء أوامر بإخلاء المستوطنات القريبة من غزة ؛ لكن نستطيع القول أن المستوطنات أصبحت فارغة ؛ لكن من يستطيع أن يهرب فليهرب " ؛ ولهذا أبعاد عقائدية فكرية لدولة الاحتلال التي تعتبر الاستيطان عقيدة ولروح الشعب اليهودي ؛ الدولة تعتمد على هذا العنصر من الاساس ؛ لولا الهجرة لما كانت دولة اسرائيل ولما كان هناك صراع في المنطقة.
الدولة في أزمة؛ البعض لا يرى تلك الابعاد ويغرق في التحليل المادي السياسي العسكري؛ دون ان يلحظ هذا البعد الخطير الذي ولأول مره تنجح المقاومة المبدعة قذفه في الوعي اليهودي اليوم ولأول مرة بمكاننا ان نتحدث عن كي الوعي اليهودي لا العكس كما حدث منذ تأسيس دولة الاحتلال " الكيان الصهيوني " ؛ وأكثر من يشعر بهذه الازمة اليوم رئيس الحكومة واليمين المتطرف ؛ نتنياهو وليد المدرسة العقائدية الجابوتنسكية وابن ابيه صاحب ورائد الفكر اليهودي التي لا تعترف بالوجود ولا الحق الفلسطيني ؛ نتنياهو في حالة من كي الوعي فهو يخاف الهمس حتى لا تسمعه آذان شركائه في الحكومة ؛ تحيطه الكلاب المسعورة تنتظر سقطته النهائية لحذفه من سفر القادة المهمين في تاريخ الدولة ؛ ازمات نتنياهو تتسع ؛ الازمان تتغير ؛ فهو لسوء حظه يعيش في زمن غزة ؛ ازمة مع النفس والفكر والواقع والعالم والمحيط ؛ كل ما حاول كتابته وفعله لم يتحقق ؛ فكرة " استئصال الارهاب " الذي كتب كتابه حولها تتبخر اليوم امام واقع المقاومة في زمن غزة ؛ تشبيهاته لحماس بأنها داعش تعكس حقيقة الازمة التي يعيشها مع افكاره ونفسه ؛ بعد ان قضى معظم فترات حكمه في الحري وراء ملف ايران النووي وكل التضخيم والعمل الدبلوماسي وتحركاته وتهديداته و ازماته مع الولايات المتحدة ادارة اوباما والأوروبيين لن تنجح في النهاية ؛ هل وجد نتنياهو ضالته في داعش بوصف حماس بأنها شبيهة لها ونسي ان داعش التي يمثلها اكثر فتكا ودمارا على العالم ؛ من شدة حمقه وغباءه نسي انه تحدث الكثير عن ارتباط حماس بالإخوان المسلمين؛ والأخوان لهم فكر ابعد ما يكون عن التفكير و القتل وعلى خلاف مع الوهابية بظلاميتها وعقمها في الفهم السياسي والحكم ، وانه لو كان الاخوان الام مثل داعش لما سمحوا لرجل مثل السيسي ان ينقلب عليهم ويزجهم بالسجون ويصدر في حكمهم الاعدام في الوقت الذي لم تصدر عنهم احكام تمثل الظاهرة السيسية – النتنياهية ؛ فكر الاخوان مواجهة الحكام الظالمين بصدورهم العارية ؛ فأين الشبه بين حماس وداعش يا داعش الصهيونية؟.
نتنياهو يبحث في كل مكان عن مخرج قبل أن تقتله أفكاره وينهار، وأن ما يقوله البعض ويتحدث به أن اسرائيل ستتحمل حرب الاستنزاف، وان نكتفي بما تم تحقيقه على الارض وهو نصر والذهاب الى المفاوضات والبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه حفاظا على الدماء ؛ للأسف هذا ما سمعته من الرئيس ابو مازن ان هدفنا في المفاوضات وقف النزيف والعدوان ؛ حتى لو رجعنا الى نقطة الصفر ؛ هذا حرف وتحريف وقبر للمقاومة و للدماء الزكية التي ذهبت في هذه الحرب ، وفي رأي هذا والمطلب الاسرائيلي هدوء مقابل هدوء سيان ، وأخشى أن يتطور الى هدوء مقابل نزع سلاح المقاومة و الإعمار المشروط بعودة السلطة للسيطرة على قطاع غزة بمهمة محددة ؛ تحليل ناتج من شدة الضغط النفسي وهول الحرب التي للأسف انعكست على تحليلاتهم مع التقدير لهم ، وفي نفس الوقت هذا لا يمنح البعض الآخر ؛ ان يسبحوا ويحلموا بعيد عن عمق الازمة والمعضلة ؛ الصراع طويل الأجل والحلول الدائمة ونهاية الصراع ؛ ما زال الحديث فيه ليس وقته ؛ إلا اذا كان من باب رفع المعنويات ؛ فالأمر شبيه بما يدور عند قيادة الاحتلال فهم يتحدثون عن الحل النهائي والدائم لكن بشروطهم ؛ فهم يبحثون عن ضربة قاضية لكنهم لا يمتلكونها ؛ أزمة عميقة نتجت عن عجز العقول الاسرائيلية في مجارات عقل المقاومة وتكتيكاتها الحربية والحرب النفسية الايديولوجية التي يخوضونها مع الاحتلال ؛ الجيش يفقد الثقة والاحترام من نفوس المستوطنين يكال لهم الاتهامات بالعجز والتقصير ويطالبونه بالعمل أكثر من ذلك فجوات كبيرة داخل الكيان ؛ الازمة الفكرية وفكرة كي الوعي بالتهجير ليس بوسع نتنياهو التعايش معها في ظل حكومته المعارضة له ؛ يتحدثون اليوم عن خطة اخلاء للمستوطنين لم تحدث إلا كجزء من اتفاقيات كامب ديفيد المصرية عهد مناحيم بيغن.
خلاصة القول دولة تعجز عن حلول جزئية وحماية مستوطنيها؛ كيف ستعالج الصدمات النفسية والهوس والقلق إلا بالعودة الى الانكماش والغيتو والهجرة؛ والساعات القادمة ستشهد الشيء الكثير من الصور ؛ الجيش لن يخاطر بالدخول الى قطاع غزة ، ودولة الاحتلال لن تتحمل حرب استنزاف طويلة الاجل ؛ قذائف هاون المقاومة اصبحت المشكلة لجيش الاحتلال وقيادته والصناعة العسكرية لخلق منظومة تتصدى لها حتى الان ، والهروب الى الامام لا يرضي اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو ؛ لم يعد امام نتنياهو إلا تفكيك حكومته والذهاب الى انتخابات مبكرة قبل أن تنهار منظومته الفكرية والعقائدية وينضوي بعيدا كما فعل نتنياهو يتعايش مع ازماته حتى يقبر ؛ لذلك من يتعايش مع يوميات الحرب وينتظر ويصمد له الغلبة في النهاية ؛ النصر صبر ساعة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net