تتوجه عبير بالأساس للمجتمع ككل لأن يكون منفتحا لتقبل الآخر وأن يترك أبناؤه الأفكار المسبقة والابتعاد عن النعوت المختلفة
عبير بحوث مركزة النادي:
نادي الياسمين يوفر جوا مريحا واجتماعيا لرواده حيث يلتقون معا ويبنون صداقات ويخرجون من إطار البيت ويحققون ميولهم ويطلقون قدراتهم من خلال الدورات والنشاطات والورش التي يقدمها لهم النادي
بعد ثلاث سنوات ونصف على ولادة "نادي الياسمين"، يطمح هذا النادي القاطن في "مركز المارشال" في الحي الشرقي من مدينة شفاعمرو، والذي شب على طوق التبني، يطمح لأن تكون له بناية مستقلة يمارس فيها نشاطاته وبرامجه وتمكنه من توسيعها، ويحضن أعضاءه من ذوي الاضطرابات النفسية في أجواء سليمة وصحية ومنتظمة، هذا ما خلصنا اليه بعد زيارة النادي ولقاء مركزته العاملة الاجتماعية عبير بحوث، التي تحظى بثقة ومحبة الأعضاء والأهالي ولقاء عدد من رواد النادي وأبناء عائلاتهم.
من يحصل على شهادة طبية من مؤسسة التأمين الوطني تقر فيها بأن الشخص يعاني من اضطراب نفسي بنسبة 40% يحق له أن يلتحق بالنادي أو نعمل على ضمه للنادي، تقول مركزة النادي عبير بحوث وتضيف حسب الاحصائيات والأبحاث المختلفة في هذا المجال فان 1% من سكان كل بلدة يعانون من اضطرابات نفسية، بناء عليه واذا اعتبرنا أن عدد سكان شفاعمرو 30 ألف مواطن فان 300 شخص يعانون من تلك الحالة. لكن عدد أعضاء ورواد النادي اليوم يتراوح بين 25-30 عضوا أي أن أقل من 30% من الذين يعانون من الاضطرابات النفسية يصلون الى النادي فقط، والمؤسف في الأمر أن مجتمعنا العربي عامة لا يستغل ما يستحقه من سلة التأهيل الحكومية كما هو الحال في المجتمع اليهودي.
وقالت مركزة النادي عبير بحوث: "نادي الياسمين يوفر جوا مريحا واجتماعيا لرواده، حيث يلتقون معا ويبنون صداقات ويخرجون من إطار البيت، ويحققون ميولهم ويطلقون قدراتهم من خلال الدورات والنشاطات والورش التي يقدمها لهم النادي. فهناك دورات علاج بالدراما التي تساعد الأعضاء على الراحة النفسية، علاج بالموسيقى، هناك ورشات عمل للأعضاء والأهالي مثل الفنون والأشغال اليدوية لصناعة الحلي، اكساب المهارات. اضافة الى الفعاليات الاجتماعية والترفيهية في النادي وخارجه مثل: رحلات، نزهات، احتفالات بالمناسبات المختلفة والأعياد بمشاركة الأهالي".
وتضيف عبير بأن تلك الفعاليات تتم وتنفذ خلال ثلاثة أيام في الأسبوع والتي يعمل فيها النادي ضمن مركز مارشال، وهي أيام الثلاثاء، الخميس والجمعة.
مركزة النادي: ندعو أبناء المجتمع لأن يتقبلوا الآخر ويبتعدوا عن الأفكار المسبقة
وتؤكد عبير على أهمية حضور أولئك الأشخاص الى النادي حيث يسدون فراغا اجتماعيا كبيرا في حياتهم، كما أن تواجدهم في النادي يساعدهم على التأقلم مع المجتمع والاندماج فيه، وهناك من استفاد فعليا نتيجة ما اكتسبه من النادي من خلال الدورات المختلفة مثل الحاسوب والأشغال وبات يعمل في تلك المجالات.
لهذا فان عبير تدعو جميع الأشخاص الذين يواجهون الاضطراب النفسي أن لا يخجلوا ويحضروا للنادي ولهم أن يسألوا من سبقهم والتي سنقرأ بعض شهاداتهم في هذا التقرير، المهم ألا يبقى أسير البيت والنظرة المسبقة للمجتمع ويحكم على نفسه بالعزلة والوحدة، في النادي يمكن لكل شخص أن يتعلم ما هو جديد تؤهله للعمل والانخراط في المجتمع.
تتوجه عبير بالأساس للمجتمع ككل لأن يكون منفتحا لتقبل الآخر وأن يترك أبناؤه الأفكار المسبقة والابتعاد عن النعوت المختلفة. من ناحية أخرى نتوجه لأصحاب المقدرة المالية وذوي القدرة على تقديم الدعم المالي، ألا يبخلوا على نادينا بعدما عرفوا وتعرفوا عليه وخدماته التي يقدمها لشريحة هامة في مجتمعنا.
مشاركات في النادي: كسرنا قوالب كثيرة وأصبحنا في عداد البشر
التقينا في النادي باحدى الفتيات التي تعمل في مشغل لمدة 5 أيام في الأسبوع، ومنذ افتتاح النادي وهي تتردد عليه وتلقى التشجيع من أهلها الذين يدعمونها ويقفون الى جانبها كما تقول، بل أن تعاملهم معها تحسن بعد التحاقها بالنادي، فباتوا صبورين ومتفهمين أكثر لوضعها، بعدما مروا بجلسات ارشاد من مركز (ميلم) الذي يدعم العائلات ويساعد على التأقلم وتفهم المواجه. وتؤكد لنا تلك الفتاة أن شخصيتها تطورت بعد التحاقها بالنادي حيث باتت تعرف كيفية التعامل مع نفسها ومواجهة الضغوطات والتغلب على التحديات. وتشيد الفتاة بطاقم النادي المؤهل والكفؤ، كما تنوه الى زملائها وزميلاتها في النادي حيث أن وجودهم معا خفف كثيرا مما عانوه سابقا وفتح آفاقا جديدة أمامهم.
رفضت إحدى الأمهات الأعضاء في النادي في البداية فكرة القدوم رغم التوجهات العديدة من قبل مركزة النادي، لكن بعد حضورها وبدعم من أبنائها وجدت أن الأمور مختلفة واندمجت بالفعاليات الجمة في النادي وباتت حريصة على الحضور بل تنتظر ساعة القدوم الى النادي. وتشيد تلك الأم بمركزة النادي عبير والمرشدة سمر، بتعاملهما وارشادهما وتفهمهما للأعضاء واحتياجاتهم.
والتقينا بشابة ترافق والدتها الى النادي منذ العام تقريبا، فتقول: "دائما كنت قلقة على أمي وأرغب بايجاد إطار مناسب لها وتغيير حياتها حيث كانت منعزلة في البيت دائما، وخلال إحدى زياراتي لعيادة في عكا مع والدتي أخبروني هناك أن من حق والدتي الحصول على خدمات معينة، ووجهوني إلى نادي الياسمين في شفاعمرو الذي لم أكن أعرف عنه من قبل. وفعلا توجهت للنادي وبالتعاون مع المركزة عبير أحضرت والدتي التي بدأ التغيير يظهر عليها من البداية، حيث بنت علاقات صداقة في النادي وأخذت تتعلم القراءة والكتابة وتفتحت آفاقها، وباتت تتحدث وتعبر عن نفسها على عكس السابق".
ارشاد في التعامل
وتضيف الابنة اكتسبت بدوري فائدة حيث كنت أتردد على مركز (ميلم) للحصول على ارشاد في التعامل مع المضطرب نفسيا، وانتقلت الى دورة مركزة في الموضوع بمشاركة مجموعة من أهالي وأبناء الذين يعانون من الاضطرابات النفسية، حيث تعرفنا على المعاناة المشتركة وكنا نتبادل الخبرات وكان الهدف من اللقاءات مواجهة الحالة ودعم المريض والتخفيف عن معاناته، وتلك اللقاءات زودتنا بأدوات عملية لمواجهة الحالة في البيت، وبناء على تجربتي مع والدتي أقول أنني استفدت كثيرا، ومن حق الشخص أن يعيش حياته ويحافظ على خصوصياته ويضع حدودا لنفسه. وهكذا فاليوم أصبحت مرشدة مؤهلة للعمل في الموضوع. واني أؤكد أن نادي الياسمين من الضروري أن يستمر في عطائه ووجوده لخدمة أعضائه وكل أبناء تلك الحالات.
سمر سواعد، مرشدة تأهيلية في نادي الياسمين منذ عام 2010 وتحمل اللقب الأول في العمل الاجتماعي، تقول أن دور النادي يكمن أيضا في توجيه الأعضاء الى مجالات تناسب قدراتهم، من خلال دورات ملائمة وبالتالي تحقيق اندماجهم في المجتمع. وتدعو سمر أصحاب حالات الضرر النفسي ألا يسجنوا أنفسهم في البيوت، لأن ذلك يساعد على تفاقم وضعهم، لكن الخروج والالتجاق بالنادي يزيل الكثير من الصعوبات والعوائق أمامهم ويخفف العبء عن العائلات.