مؤسسة حراء في مقالها:
لقد اهتم علماؤنا قديماً وحديثاً بمفهوم الأدب وتعريفه فقد أوصى به الصحابي الجليل " عبد الله بن عباس " – رضي الله عنه – فقال: "اطلب الأدب فإنه زيادة في العقل ودليل على المروءة ومؤنس في الوحدة وصاحب في الغربة ومال عند القلة "
أول الأدب وأعظمه يكون مع الله عز وجل وذلك بإخلاص العبادة له وترك عبادة ما سواه والإيـمان به وبكل ما أخبر به سبحانه في كتابه العظيم على لسان رسوله محمد عليه الصلاة والسلام
الأدب خلق كريم وفهم سليم لمقاصد شرعنا الحنيف ، وضروري لكل مسلم ومسلمة ، فهو شامل لكل جوانب الحياة ، فقد عنيت النصوص الشرعية بمختلف الآداب وثمارها في الدنيا والآخرة ، حيث أرشدنا إليها الله عز وجل وعلمنا إياها رسوله صلى الله عليه وسلم ، على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والغني والفقير ، والعالم والعامي ، والرجل والمرأة ، حتى يظهر أثر هذا الدين في واقع الحياة العملي .
لقد بين الإسلام كيف ينبغي أن يكون الأدب ملازماً لحياة المسلم كلها ، في طعامه وشرابه ، وتهنئته وتعزيته ، ومجالسته وحديثه ، وجده ومزاحه ، وقيامه وجلوسه ، وسلامه واستئذانه ، وغير ذلك من الآداب التي لا حصر لها ، فمما لا شك فيه أن هذه الآداب التي جاءت بها الشريعة الإسلامية هي من أساسيات هذا الدين لتقويم حياة الناس ، ليتميز المسلم عن غيره ، ليظهر سمو هذه الشريعة الغراء وكمالها .
أيها الشباب :
لقد اهتم علماؤنا قديماً وحديثاً بمفهوم الأدب وتعريفه ، فقد أوصى به الصحابي الجليل " عبد الله بن عباس " – رضي الله عنه – فقال : "اطلب الأدب فإنه زيادة في العقل ، ودليل على المروءة ، ومؤنس في الوحدة ، وصاحب في الغربة ، ومال عند القلة " ، وعرفه الإمام ابن حجر العسقلاني - رحمه الله – في كتابه فتح الباري فقال : " الأدب استعمال ما يُحمد قولاً وفعلاً " ، فالأدب سُمِّيَ بذلك لأنه يؤدي بالناس إلى المحامد والمقامات العالية ، لذا على المسلم أن يجتهد في الوصول إلى ذلك من خلال التحلي بأخلاق الإسلام العظيمة ، وعرّفه العلامة الفيومي في المصباح المنير : " الأدب تعليم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق" .
ما أجمل أن يكون هذا الخلق شعاراً لشبابنا المسلم وسمة جميلة ، يتخلقون بأخلاق القرآن ويقتدون بالنبي العدنان ، فيعيشون مع الأدب في كل مجالات حياتهم ، مع أنفسهم وفي مدارسهم وجامعاتهم ، في مساجدهم وحاراتهم ، يشار إليهم بالبنان فيُقال : هؤلاء الشباب المسلمون الذين يحبون الله ورسوله ، ويحبهم الله ورسوله ، زينتهم الأدب والسمت الطيب الكريم في حطهم وترحالهم ، من أجل ذلك يفتح لك مركز حراء القرآني في بلدك فرصة عظيمة للانضمام إليه في حلقة تربوية أسبوعية ، لتنهل من معين الأدب والعلم والتربية الصالحة ، والعيش مع القرآن الكريم حفظاً وتدبّراً وتطبيقاً ، وتطبيق الإسلام واقعاً في حياتنا ، خصوصاً وأن كثيراً من شبابنا اليوم قد ضيع كثيراً من هذه الآداب وتخلى عنها ، واستبدلت القيم والأخلاق الحسنة بسلوكيات وتصرفات غير مقبولة لا تُرضي الله عز وجل ورسوله الكريم ولا أحداً من عباد الله الصالحين .
وأول الأدب وأعظمه يكون مع الله عز وجل ، وذلك بإخلاص العبادة له، وترك عبادة ما سواه، والإيـمان به، وبكل ما أخبر به سبحانه في كتابه العظيم، على لسان رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ، عن أسمائه وصفاته وعن الآخرة، والجنة والنار، والحساب والجزاء وغير ذلك ، والأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم بمحبته واتباع سنته واحترامه وإجلاله عليه الصلاة والسلام ، والدفاع عنه ، والإكثار من الصلاة عليه وخفض الصوت بحضرته وبعد وفاته ، والتأدب عند زيارة قبره عليه الصلاة والسلام ، والأدب مع العلماء باحترامهم وتوقيرهم وحضور مجالس العلم عندهم ، والأدب مع الناس بحسن المعاملة وطيب الكلام وغير ذلك من الأمثلة .
وفي الختام :
قال الإمام عبد الله بن المبارك – رحمه الله - : " لا ينهل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب " ، فانظر أيها الشاب إلى هذا العالم الفقيه الرباني ابن المبارك الذي يؤكد على أهمية الأدب قبل العلم ، فهو زينة حياة المسلم ، وطاعة لربه عز وجل يتجسد ذلك ، بالسمت الطيب وحسن المعشر ، وأن يكون الشاب المسلم مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر ، خلقه القرآن ، يحب الله ورسوله ، ويدافع عن الإسلام بكل ما أوتي من قوة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.