عمر مصالحة في مقاله:
الأسرة هي المربي الأول والأساس
الآثار السلبية للعنف الكلامي على الطفل كثيرة منها تدني مستوى الاعتزاز بالنفس وانعدام الثقة بالذات
االطفل يحتاج إلى القبول والحب غير المشروطين ليشعر بالأمان ويحتاج إلى التشجيع والاستقرار والاهتمام
على الأهل ألا يترددوا أو يخجلوا أو يخافوا من الاعتذار لأبنائهم في حالة فقدانهم أعصابهم وتلفظهم بما لا يليق من القول
يُعرِّف علماء الاجتماع العنف الكلامي بأنه استعمال عبارات مخلة بالآداب والأخلاق، وتشير معظم الدراسات إلى أن ظاهرة العنف الكلامي ترجع لأسباب اجتماعية وحضارية وثقافية تتباين من مجتمع إلى مجتمع آخر. إن تفاقم وانتشار ظاهرة العنف اللفظي يتطلب أن يبدأ حل هذا المشكلة، أولاً بالأسرة، فهي المربي الأول والأساس، وذلك من خلال التوعية والتثقيف الأسري في البيت منذ نشأة الطفل.
إن الآثار السلبية للعنف الكلامي على الطفل كثيرة جدا، منها تدني مستوى الاعتزاز بالنفس وانعدام الثقة بالذات، تعطيل الطاقات الإبداعية، العقلية، النفسية، الاجتماعية، الأكاديمية والعاطفية. وعلى المدى البعيد تزداد نسبة الإصابة بالاكتئاب والانطوائية وتزايد روح العدوانية والقلق واضطرابات النوم والأرق والوساوس والخوف، وزيادة نسبة الإصابة بأنواع الإدمان المختلفة، وإلحاق الأذى بالنفس.
إن الدراسات التي تؤكد مدى التأثير السلبي المدمر للعنف اللفظي على الأطفال كثيرة ومتعددة، منها دراسة الأستاذة ناتالي ساكس أريكسون من جامعة فلوريدا، التي أكدت فيها أن الأشخاص الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع السباب خلال طفولتهم يصابون بالاكتئاب بنحو ضعفي أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب. وفي دراسات جامعة كاليجري، وجدوا أن العنف اللفظي يترك آثارا وأضرارا نفسية أكبر من الأضرار الناجمة عن العنف الجسدي.
نجد ديننا الإسلامي الحنيف يرفض العنف بكل أشكاله، اللفظي منه والجسدي، يدعو للرفق ويحذر من العنف والفواحش، وفي محكم التنزيل: "ولا تنابزوا بالألقاب"، وقال صلى الله عليه وسلم مخاطبا زوجه "مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش" رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه" رواه مسلم، وعن منع العنف ضد الأطفال قال صلى الله وعليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا" رواه أبو داود والترمذي. لم يكن صلى الله عليه وسلم لا سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، وقد أخرج البخاري من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم- سبابًا ولا فحاشًا ولا لعانًا"، وهذا مع الرجل البالغ الرشيد، فما بالك مع طفل صغير بين يدي أبويه يعنف بالألفاظ ويلقب بالألقاب وهو لا يقوى على الرد أو الصد.
إن الطفل يحتاج إلى القبول والحب غير المشروطين ليشعر بالأمان، ويحتاج إلى التشجيع والاستقرار والاهتمام، وعلى الأهل ألا يترددوا أو يخجلوا أو يخافوا من الاعتذار لأبنائهم في حالة فقدانهم أعصابهم وتلفظهم بما لا يليق من القول.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net