الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 16:01

الإعلام العربي وقطع رأس الحقيقة/ د.شكري الهزَّيل

كل العرب
نُشر: 08/10/14 14:45,  حُتلن: 06:26

د.شكري الهزَّيل في مقاله:

نشأت شريحة من الاعلاميين من انشأوا لهم مواقع الكترونية في الوطن او المهجر وجمعوا حولهم جيش من المعقبين على كتاباتهم الى حد أن اكثرية هؤلاء المعقبين لا يقرأون الفحوى 

المراقب لمزاج القراء والمتابعين والمشاهدين الغلابة يلحظ أن ثقافة مديح الحاكم والبلاط امتدت الى جميع وسائل الاعلام العربية

الإستبداد والفساد توأمان ولدا تاريخيا من رحم واحد لكن الاخطر من خطير أن يصبح الفساد والاستبداد ظاهرة ثقافية اعلامية ودورها الحفاظ على كينونة الجهل والتضليل 

لو كنت رسام كاريكاتور سياسي لرسمت العربي مسلح بفضائية أو بوسيلة اعلامية، وذخيرته أخبار في أخبار فيما يحمل على ظهره وخصره حزامًا مليئًا بالخبراء والمختصين، الذين من المفروض أن يرسموا لجمهور المشاهدين والقراء والمستمعين، خارطة طريق فهم الاحداث وتفسيرها في محاولة مساعدة هؤلاء "الغلابة" على فهم ما يدور حولهم، وبالاضافة للمختصين نشأت شريحة من الاعلاميين من انشأوا لهم مواقع الكترونية في الوطن او المهجر، وجمعوا حولهم جيش من المعقبين على كتاباتهم الى حد أن اكثرية هؤلاء المعقبين لا يقرأون فحوى مقالة "فارس الكلمة" ويمطرونه بالمديح في ظل غياب الرأي الاخر بالكامل، بمعنى أن الرأي الاخر وإن وُجد لا يُنشر رأيه، حتى لا يؤثر على قدسية ومصداقية هذا الكاتب المغترب أو ذاك، في وسيلة الاعلام هذه او تلك، وهذه المصداقية لا علاقه لها بالموضوعية ولا ببناء وعي الانسان العربي، لا بل لها علاقه بزيادة رصيد هذا الكاتب من المعقبين والقراء أو زيادة عدد المشاهدين لهذه الفضائية او تلك، وبالتالي المراقب لمزاج القراء والمتابعين والمشاهدين الغلابة يلحظ أن ثقافة مديح الحاكم والبلاط امتدت الى جميع وسائل الاعلام العربية، وتجلت في مديح هذا الكاتب او الشخص التي صنعته فضائيات السلاطين وأخرجته للعامة، كخبير ومختص بهذا الشأن أو ذاك، رغم أنه ليس ذلك وفي اكثر الاحيان يكون سليل ثقافة هذا النظام العربي او ذاك او سليل هذه المؤسسة او تلك في منظومة الانظمة العربية الفاسدة.

معنا من بيروت ومعنا من لندن ومعنا من الرياض ومعنا من عمان الخ... الخبير فلان او علان سمفونية تعود عليها المشاهدون للفضائيات العربية وهذه السمفونية خلقت جمهورها ووجدانها الخاص حين تطرح او تعرض الفضائيات او وسائل الاعلام الاخرى هذا الشخص او ذاك كخبير دون التطرق لخلفيته السياسية او موقعه في هذا النظام الدكتاتوري العربي او ذاك ليقوم الاخير بدوره تمرير فكر الفساد والتضليل الاعلامي على مرآى من جمهور عريض من الشعوب العربية واللافت للنظر ان بعض المغتربون العرب الذين يزعمون " الفهم والوطنيه" يكتبون لجمهورهم: اكتب اليكم من هذه العاصمة العربية او من بنت خالتها من عواصم عربية اخرى وهذا الفهمان التضليلي لا ينشر في موقعه ولو مقال واحد ناقد لانظمة الهلاك والفساد العربي ويترك فقط المواضيع العائمه على شبر ثقافه زائفه تمر وتذهب للنشر لا بل كما هو حال مدرسة الفساد الاعلامي العربي هذا " الفهمان الدونكيشوتي" يترك اصدقاءه يعتلون قائمة المقالات والكتابات لعدة ايام على الصفحه الاولى بينما يضع الاخرون في اسفل القائمه فيما هم في الحقيقه افضل كتابيا وموضوعيا من الصديق المفضل لهذا الناشر البهلوان..؟

ناشر يستهتر بعقول القراء من جهة وبألقاب الكُتاب من جهة ويفضل عليهم صديقه من جهه ثانية، وبالتالي هذه ظاهرة ثقافية دونية منتشرة في المواقع الالكترونية لبعض الصحف والصحف الالكترونية التي تصدر من لندن وغيرها من عواصم الحكام العرب.. صحف ومواقع الاغتراب العربي تحولت الى اذرعة لنشر ثقافة البلاط العربي ونشر البطولات" الدونكشوتيه" لهذا المحرر او الناشر الذي يفتخر بعلاقته مع الانظمة ويسرد الامر كبطولة والمهم ان يكون جيش المعقبين بخير والبطل اللتي خلقته فضائيات البترول بخير...بطل الى حدود نقد هذا النظام العربي او ذاك...هنا تنتهي البطولات ويقوم البطل المزعوم بالتهميش والتعتيم على المقالات الناقده مثلا للنظام السعودي وتبعيته للسياسة الامريكية.. لا ينشرها خوف من سيده واسياده الذين يضمنون له تكرار زيارة العواصم العربية والكتابة لجمهوره:اكتب اليكم من عمان او الرياض او القاهره...ياحيف.. لا فلسطين حررنا ولا ثقافة وطنية صنعنا ورقاب الشعوب العربية ما زالت تعيش في ظل المقاصل والسيوف الحادة في حين يقوم جيش من الاعلاميين الفاسدين والخبراء والمختصون المزعومين بحرث العقل العربي وحرفه عن مسار الوعي نحو تبجيل الحكام والفاسدين و الاشخاص والكُتاب والخبراء المزعومون التي تستضيفهم وسائل الاعلام العربية سواء المرئية منها او المكتوبة او المسموعة.. هنالك ظاهرة تهميش وتعتيم على كثير من الكُتاب والمختصين الوطنيين الحقيقيين في العالم العربي بينما يظهر الاعلام العربي وعلى رأسه فضائيات السلاطين صناعاته من كُتاب ومختصين يلائمون مساره الاعلامي البلاطي ليصبحون نجوم الاعلام ونجوم المرحلة.. خليط من الكتاب الاسلامويون والعلمانيون والفرانكفونيون انضموا لفضائيات السلاطين وساهموا ويساهموا في تضليل الرأي العام العربي بما يتعلق بمصير الشعوب العربي’ الى حد تبرير وتمرير التدخل والعدوان الغربي على الاوطان العربيه...هؤلاء هم دواعش اعلام البلاط العربي...سبحان الله..داعش البعبع صنع تحالف عالمي ضخم مضاد له بينما لم يجد اطفال غزة احدا يتحالف معهم او ينصرهم حين قطَّعت القنابل الامريكية الاسرائيلية اجسادهم اربا اربا...اطفال ونساء العراق وسوريا يُذبحون ويُسلخون منذعقد من الزمن والمجرمون طليقون واحرار ويتحالفون مجددا فيما بينهم لقتل وتشريد ما تبقى من عرب سوريين وعراقيين..!!

الاستبداد والفساد توأمان ولدا تاريخيا من رحم واحد لكن الاخطر من خطير أن يصبح الفساد والاستبداد ظاهرة ثقافية اعلامية، دورها الحفاظ على كينونة الجهل والتضليل بهدف تبجيل الانظمة الفاسدة والخائنة ومشتقاتها من فاسدين يتقمصون دور الخبراء والمختصين،  ويبجلون افعال الانظمة في وسائل الاعلام المختلفة، لا بل يعيدون تأهيل قصة" لورانس العرب" من جديد بحجة " داعش"،  وعرب لورانس الجدد هم نسخه طبق الاصل من عرب لورانس القدامى ولورانس يعيد قصته كامله من خلال تحويل الغرب العرب والاكراد الى جنود مرتزقه يحاربون في صفوف تحالف غربي هدفه النهائي بالتأكيد ليس داعش وحرب الثلاثون عاما القادمه لابل هدفه تقسيم العالم العربي من جديد وإطالة عمر حكم طال عمره في الجزيره العربيه والخليج العربي...الفاسدون الذين يتقمصون دور الخبراء والمحللين والمختصون في الشؤون الدوليه والعربيه يسوقون التحالف الغربي والعربي الرجعي كضروره ضد " داعش" ولا يتطرقون لمساهمة انظمة الدواعش العربيه في خلق تنظيم داعش ولا حتى لهذا التحالف الامريكي الغربي الذي هو اصل كل المصائب والمأسي في المشرق والمغرب العربي.. الامانة الاعلامية اصبحت اكبر خيانه في العالم العربي حين يحارب الاعلام اصحاب الاقلام والضمائر الحرة والنظيفة واصحاب المبادئ ويترك الملوثون يلوثون العقول العربية ويبررون خيانة الحاكم العربي الذي يعيش داخل المحميات الامريكية في الوطن العربي..الفضائيات العربية وعلى وجه الخصوص الخليجية خلقت نجومها وخبراءها ومختصونها المزعومون بمقومات ومعطيات تناسب الخط الاعلامي التخديري والتضليلي اللتي تنتهجه هذه الفضائيات ولُب هذا النهج عدم نقد الحكام والتعرض لهم في الاعلام والامر نفسه يجري على المواقع الالكترونية التابعة لهذه الفضائيات او التابعة لمشتقات هذه الفضائيات كالمواقع العربية التغريبية الصادرة في لندن..عطيوه الصحفي"الكومي" وبشيره المفكر " العريبي"هم قصة كذاب لندن وكذاب الدوحه ومثال على ارتزاق المرتزقه بمرتزقه تتطرق لكل شيء ما عدى جلالة الملك وسمو الامير وفخامة الرئيس..نسوا فلسطينهم في هيعة الشهره والمجد!...فاسدون يضللون الشعوب لا يتعرضون للحكام الخونة لا من قريب ولا من بعيد...خبراء عسكريون مزعومون خريجي مدارس جيوش الهزائم العربية يخرجون بإخراج خاص للمشاهد العربي.. ومعنا من بيروت او عمان الخبير العميد المتقاعد ابو هزيمة... وظيفتهم تحليل الاهداف والمناطق العربيه المرشحه للقصف الامريكي والغربي..قصف وقتل وتشريد ملايين العرب مش مهم..صار امر عادي والمهم والاهم هو تحييد ونترلة العقل والوعي العربي الى حد قبوله قسريا بشرعنة ذبح فلسطين وشعبها من جهه وقبول وتقبل العدوان الغربي على سيادة الاراضي العربيه من جهه ثانيه وتحضرني في هذه الاثناء هذه المفارقه الهزليه وهي ان الجيش اليمني وبدلا من تحرير صنعاء قام بإلباس الحوثيين الزي العسكري اليمني حتى يبدو كجنود يمنيون في شوارع صنعاء؟...غدا سيجلبون للمشاهدين العرب خبراء عسكريون من هكذا جيش؟؟

نحن لا نعتقد ان تسلل وتغلغل الانتهازيون والبلاطيون والجهله الى دوائر وصفوف ما يسمى بالخبراء والمختصين دون حملهم المؤهلات اللازمه لهذا الدور كان محض صدفه لا بل ان الامر مدبر ومفبرك بفبركه مشتركة بين وسائل الاعلام العربية وهؤلاء الفاسدون سليلي وخريجي مدارس البلاط المناط بهم دور تحييد الشعوب العربية وترويضها وترسيخ شيم الجبن والخنوع الى حد القبول بالعدوان الخارجي عليها بمؤازره من الحكام والطغاه العرب..هؤلاء الخبراء المخبرون يقدمون للمشاهدين والمستمعين العرب كخبراء وهم في الحقيقه نماذج سيئة الذكر وعاشت في ظل انظمه فاسده وكجزء لا يتجزأ من منظومة الفساد والديكتاتورية ...خبراء في صفوف الثورات الرجعيه المضاده كانوا اصلا معارضين لثقافة الديموقراطيه يأخذون دور الخبير والمختص والملم في الامور اللذي يتكلم للشعوب العربية عبر الفضائيات ونشرات الاخبار والبرامج الحوارية.. الصنف الاخر هم الخبراء العرب المغتربون ويعيشون في الغرب الذين يبحثون عن موطأ قدم في الوطن العربي عبر الفضائيات وهؤلاء يعيشون البحبوحة والحرية في الغرب وينظرون ويروجون لعكسها في فضائيات السلاطين..الصنف الاخطر من خطير هو صنف ما يسمى بالخبراء والمختصين الامريكيون والغربيون بشكل عام فهم سفراء الامبرياليه الغربيه في الاعلام العربي ودورهم مكمل لاصدقاءهم" العرب" في عملية تضليل وتخدير عقول ووعي الشعوب العربيه...هؤلاء يتحدثون للشعوب العربيه وكأنهم قطيع غنم ؟..بمعنى انهم يتحدثون عن المعارضه الرشيده والحكم الرشيد وعن ضرورة تصدي الاكراد والعرب لداعش على الارض وكأن امريكا والغرب لاعلاقه لهم لا بعيد ولا من قريب بالجاري وما حدث.. ببساطه خبراء ومختصون فضائيات العرب يعفون الغرب وامريكا من اي مسؤوليه ويجعلون منهم مصححي مسار ومقدمي نصائح في كيفية محاربة " الارهاب" الذي هو بطبيعة الحال من انتاج العرب والمسلمين ولا علاقه لامريكا والغرب بهذه الظاهره..!

واخيرا وليس اخرا، وإذا كانت داعش تقطع رؤوس البشر وامريكا وحلفائها من عرب الرده يذبحون ويشردون ملايين العرب لكن في نفس المسار والمنوال يقوم الاعلام العربي بقطع رأس الحقائق ومعها قطع راس الوعي والوجدان العربي... الاعلام العربي : فاسدين يتقمصون دور خبراء ومختصون بهدف قطع رأس الحقائق وتشويه وعي العرب حول ما هو جارٍ في العالم العربي ؟؟!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة

.