من مجموعتي الشعرية الأولـى:
ثـورة على الألـم
*********************
جَنَّ النَّهارُ فَلا نَسْمٌ وَلا زَهَرُ *** قسا المَسـاءُ فَلا حُبٌّ ولا سَمَرُ
أحِسُّ بالوَحْشَةِ الخَرْساءِ تَلْسعُنِي *** ففي حَشايَ سِياطُ النَّارِ تَسْتَعِرُ
كأَنني عابِرٌ في دربِ مَقْبَرَةٍ *** ومــارِجُ الْهَمِّ يَغْشاني فَأنْـصَهِرُ
قَلْبي حَزينٌ بِبَحْرِ الشِّعْرِ مُضْطَرِبٌ*** نَجْوايَ بَوْحٌ فَلا سِرٌّ ولا خَـطَرُ
إنَّ السَّعادَةَ فيما كان يُشْغِلُني *** إذ حبَّبَ العِشْــقَ لي في غَزْلِهِ عُمَرُ
أعودُ مِنْ رِحِلاتِ الحُبِّ في لَهَفٍ *** فَلا أزالُ مِنَ اللَّذَّاتِ أعْتَصِرُ
ما قِيمَةُ الحُبِّ في دُنيايَ مُحْتَبـسًا **** ما نَفْعُ أغْيَدَ حَاكى حُسْنَهُ القَمَرُ؟
بَيْنا أعيشُ عَلى الأعْصابِ يَبْعَثُني *** صَوْتُ الضَّميرِ فهل أُبْقي وَهل أذَرُ؟
مَنّي عَلى الدّهْرِ عَهْدٌ لَن أُناجِزَهُ *** أن أنشـدَ الحَقَّ حَتّى يَوْمِ أنْتَصِرُ
يا أيها الألَمْ الجَبّارُ مُتْ فَأنا *** أسـًى بذاتي وَوَصْبٌ كادَ يَنْفَجِرُ
لأبْلُغَنَّ بُلوغَ المُنْتَهى عَطِشًا *** للنصرِ والحُبِّ ، فَلْيَمثُـلْ لِيَ القَدَرُ!
أُريدُ أنْ أُرْجِعَ الماضي بِرَوْعَتِهِ *** مع الشُخوصِ التي في ذَكْرِها خَدَرُ
أَرْنو إلى الحُبِّ هَيْمانًا أسَامِرُهُ *** كم يطْلُبُ الحُبَّ في التَّحْنانِ منتظرُ
حَيثُ المَنى رَفْرَفتْ بالبِشْرِ خافِقَةً *** والطَّيْرُ تَذْرو أناشيدًا فَتَنْتَثِرُ
إنّي أعيشُ عَلى الآمالِ أرْقُبُها *** أن يُفـصِـِحَ الصُّبْحُ، والآلامُ تَنْحَسِرُ
في انتظار القطار. نابلس: جمعية عمال المطابع- 1971، ص 83-85.
*****
مع أبي القاسمِ الشّابي
...........................
كتبت القصيدة بعد أن قرأت قصيدة الشابي (الصباح الجديد) ومطلعها:
اسكني يا جراح *** واسكتي يا شجون
مات عهد النواح *** وزمان الجنون
وأطل الصباح *** من وراء القرون
أعيد نشر القصيدة في ذكرى وفاته الثمانين (6 أكتوبر 1934)، ولكني بالطبع أخاطب نفسي في القصيدة:
....
أثْقَلَتْكَ القُيودْ *** فِي مَتَــاهِ الأبَدْ
والنَّوى والصُّدودْ *** طَاوَلَتْكَ الأمَدْ
وَحَياةُ الشُّرودْ *** لَعْـنَةٌ فِي الْجَسَدْ
يا زَمانَ السُّدودْ *** يا سُدودَ الزَّمَنْ
.....
شَاغَلَتْكَ الْحَياهْ *** فِي ظِلالِ الوَهَمْ
لَمْ تَجُدْكَ الشِّفاهْ *** قُبْلَةً مِـنْ نَغَمْ
فلماذا الصَّلاهْ *** فِي رِحـابِ العَدَمْ
يا زمانَ الْمَتاهْ *** يا مَــتاهَ الزَّمن؟
......
راقَبَتْكَ الْمَنونْ *** في سَريرِ الْمَـلَلْ
سَاهَرَتْكَ الْجُفونْ *** تَرْتَعي بالْمُقَلْ
فلماذا تَكونْ *** لُقيَـــةً لِلْعــِلَلْ
في زَمانِ الشُّجونْ *** في شُجونِ الزَّمَنْ؟
.........
حَوْلَ قَلبي نِصالْ *** من دُموعِ الْجَفافْ
عَثْرَتِي لا تُقالْ *** فِي جُموعِ العِجافْ
نَظْرَتِي كالْمُحالْ *** لَيْسَ فيها ضِفافْ
يا زَمانَ الضَّلالْ *** يا ضَلالَ الـزَّمَن!
اِسْتَطَبْتُ السُّهادْ *** كَي أنـامَ هَنِيءْ
فانْتَظِرْ يا فؤادْ *** فِي تَحَدٍّ جَـريءْ
سوفَ نَقْضي الْمُرادْ *** وَيغيبُ الْمُسيءْ
فِي زَمانِ البِعاد *** فِي قَريبِ الزَّمَنْ
من مجموعتي الأولى- "في انتظار القطار". نابلس: جمعية عمال المطابع- 1971، ص 90- 92.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net