أما آن لهذا الشرخ أن يلتئم؟/ بقلم: عبور درويش

كل العرب
نُشر: 01/01 17:01,  حُتلن: 08:28

عبور درويش في مقالها:

يزلزلني ذاك الشرخ القابع بين خلايا مجتمعنا وذاك التلوث الفكري المطبق على عقولنا وتلك العنصرية العمياء التي تجرنا بسلاسلها وذاك الضعف المبطّن بشجاعتنا

إننا شعب فسدت أخلاقه وتعفنت حالته وما عادت معاييره وقيمه سارية المفعول في زمن أصبحت اللاإنسانية به تجول وتصول

 شبابنا يمارسون طقوس الشراسة ويصلبون أخلاقهم على خشبات اللا ضمير جعبتهم مكدسة بالفراغ ووجهتهم أروقة لا تصل إلا لمحطات الضياع

نحن شعب تنهش كيانه مسلة الخلافات، بتنا صبحًا وعشية نقتات من أطباق الضغينة، نشرب من كؤوس الكراهية ونرفع نخب التقدير لمن تمكّن منّا ومن ثم نحني رؤوسنا طاعة لمن فرّق أطرافنا وشل قوتنا. إننا كالهشيم تذروه رياح الغضب لكل الجهات، نسمة مُعبقة بالغل قادرة أن تؤرق مضاجعنا وتشتت شملنا، هيهات لو واجهنا إعصارا هيهات.

يزلزلني ذاك الشرخ القابع بين خلايا مجتمعنا، وذاك التلوث الفكري المطبق على عقولنا، وتلك العنصرية العمياء التي تجرنا بسلاسلها، وذاك الضعف المبطّن بشجاعتنا، وتقهرني هذه الستائر المزركشة والمتدلية فوق عيوبنا، مرت علينا سنوات وعقود تغير خلالها جلدنا وتضخم الأنا فينا ولكننا بقينا كالنعام مخبأة رؤوسنا ومقزّمة عقولنا.

إننا شعب فسدت أخلاقه وتعفنت حالته وما عادت معاييره وقيمه سارية المفعول في زمن أصبحت اللاإنسانية به تجول وتصول، صرنا كحبل مطاطي بيدٍ تحركنا، تارة تشدنا وتارة ترخي أناملها من حولنا، وما هذا إلا لغاية ندركها ولكننا لا نعترف بعجزنا عن صدِّها، فتقوقعنا في صومعة خيباتنا حتى صرنا نتخاذل على بعضنا فتفككت روابطنا الأسرية، وتخلخلت جذورنا القومية وتهدمت بنيتنا الاجتماعية وصارت صلة الرحم والمودة بيننا أوهن من بيت العنكبوت.

موحش هذا الوضع حد الظلمة الدامسة، فها نحن نربي جيلا سوف يستند بعدنا على بقايا خراب، نشيد بيوتا أسقفها تتعالى بلا أساس ولا عماد، خيرنا شحيح والشر فينا مستفحل لا يردعه رادع ولا يعيقه عائق.  بتنا لا نعرف حق الجار ولا حرمة الديار، أحدنا ظالم والآخر جبار، صغيرنا طاغ وكبيرنا أكثر إيلاما لغيره من الكفار. شبابنا يمارسون طقوس الشراسة ويصلبون أخلاقهم على خشبات اللا ضمير، جعبتهم مكدسة بالفراغ ووجهتهم أروقة لا تصل إلا لمحطات الضياع. نساؤنا معنفة، براءة أطفالنا مستباحة، وقار شيبنا موصوم، ألحقنا به الخزي والعار. إننا نتفنن بارتكاب ما لا تقبله المعايير الإنسانية ونعلق ذنوبنا على شماعة الدين والعقائد الشرعية والتعاليم السماوية.

حزني عليكم كبير يا أنبياء الله يا سلفنا الصالح، حفاة عراة جلتم صحارى وجبالًا لنشر التعاليم الإلهية، سراً وعلانية رددتم وصايا الرحمة والألفة بين البشر، ذقتم الفظائع وأكثر لنشر الخير بين الناس وجعل البسيطة تنعم بأمن وأمان، وها هنا شعبي لا يعترف بأبسط مفاهيم الإنسانية... محبة، أخوة، تسامح، صفح عفو احترام... ما هي إلا كلمات ذبحت معانيها على عتبات هذا الزمان... وعلى نفس الأرض التي داستها خطاكم ذات وقفة تحت عرش الرحمن...!!
يا أبناء هذه الأرض الطيبة..
يا أيها المتناحرون.. ألستم تحت قومية واحدة تتربعون؟... ألستم تحت وطأة الظالم تقبعون؟؟؟
كفاكم ما تفعلون.. أما آن لهذا الشرخ أن يلتئم..؟؟
أطفئوا نيران البغض قبل أن تلتهم جذوركم فما يبقى لكم أساس عليه تتكئون!!
ولنزرع سويا بذور العفو ونسقيها من جرار المغفرة والسماح ولنتذكر دوما أنه من ذوات صدورنا ومن رحم بيوتنا يبدأ الإصلاح... فإن الأعاصير الهدامة بدأت نسمات ورياحًا!.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة