أيا تشرين، ما معدل خياناتك على مدى السنين؟! لطالما كنت تزورني في مثل هذا التوقيت من كل عام، ولطالما كانت أمطارك تبلل اطراف بناني، مارست الكتابة لأجلك، اتخذت القلم مهنتي لأكتب عنك وعن طفولة رعدك، قاومت سموم الحبر لأتغذى من غزارة بردك، وكتبت، كتبت كثيرا، كتبت عن تفاصيل صمتك، عن عقدة حاجبيك حين تبكي، وعن برودة غناءك حين ترعد... خصصت ابجدية كاملة من ذوق الافكار ورقي الحواس... وها انا ذا اتمرد عليك لأول مرة لأجل امرأة سكنت اعماقي...
سأكتب لأجل انثى لا تشبه باقي النساء، سأكتب لأنثى يزداد حسنها كلما غضبتْ... الانثى التي تزلزل ابجديتي كلما مرّ ذكرها بين السطور علنا... سأكتب عنها هي، هي التي تسرق من اللوم ابتسامة الغد الاجمل، هي التي تخفي خلف سحر عينيها بحرا من دموع الارهاق... هي التي سهرت لأكثر من عام من الأرق.. هي التي مشتْ على شاطئ الخذلان حافية القدمين مبتلة الأطراف، مكسورة الخاطر.. هي التي جار عليها الزمان وبات تشرين يخذلها لأكثر من المرة.. هي التي طوّقتْ عهدها لاكثر من ذات ودافعت عن المستقبل اليتيم برباطة جأش، هي سيدة الصمت عن ضجر، هي انثى!ومن لا يعشق انثى مثلها... مهما كتبت عنها، مهما بذلت جهودا لانتقاء الكلمات التي تليق بارهاق تقاسيمها وبجمالية ملامحها وبدفء حضنها، مهما استغرقت من الامسيات لأكتب عنها لن أعطها حقها...
هي التي صرخت بكاءا عند مولدي، هي التي تضاهيك بغلاوتها يا تشرين، هي تشبهك كثيرا بعطاءها لكنها لا تقاسمك الغدر ابدا فأنت سيد الغدر علنا، قد لا أثق بأحد، وقد يخونني الجميع، قد يفتقد الناس الى الوفاء حتى في امسيات ايلول... قد تختلط علي كل الفصول.. وحدها هي بجانبي وان طال علي المساء... لأجلها فقط اكتب ولأجلها استرق الانفاس، من خفقان قلبها أنتعش ومن جمال عينيها احترق حياءا... كيف لي أن لا أتعب كلما رأيتها تبكي؟! كيف لي أن لا أغضب حين يتجرأ أحدهم ويزعجها؟!!
هي قلب اعيش به ويعيش بي... هي صدف اسمع من خلاله أغلال البحر...
هي أمي! أعشقها وحدها... أعشق تفاصيلها، أعشق تلك الشهور التي قضيتها في جوفها، أقاسمها دقات قلبها وطعامها وحتى شرابها، اقاسمها الألم والحزن والسعادة... أعشق كل لحظة وهبني اياها رب العرش جل جلاله لأعيش بجانبها.. باختصار مبتكر وبكلمة تقي حواسي من الانخطاف في لغتها الاجمل فاني أعشق حياتي كلها لأجل هذه الاثى... لأجلها أعيش ولأجلها سأكبر، وسأكون لأجلها ذاك الحلم السحيق الذي لم يتسن لها تحقيقه...
فليضحك ثغرها... فجمال كجمالها وحسن كحسنها لا يليق به سوى ابتسامة عريضة المدى خارجة من الأعماق... فليضحك ثغرك يا سيدة قلبي.. لأجلك كتبت هذه المرة أمي. أحبك...
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net