خالد منصور عضو المكتب السياسي لحزب الشعب في مقاله:
أحيانا أقول ولأن الاحتلال هو المستفيد من هذه الفوضى ان الاحتلال هو من يقف وراء ما يجري، لإحباط أي تعزيز للمقاومة الشعبية، ولإضعاف السلطة الوطنية ليسهل ابتزازها سياسيا
أسميناها بالربيع العربي تلك الأحداث التي انفجرت قبل بضعة أعوام (ومازالت قائمة) في أكثر من قطر عربي، فرحنا لها لأنها حينذاك أرادت الإطاحة بنظم الدكتاتورية والاستبداد، وشيئا فشيئا بدأت قلوبنا تهتز ونحن نرى طاقات تلك الدول الشقيقة تتدمر تحت أعيننا، وجغرافيتها تتمزق، وتسيل الدماء شلالات في شوارعها، ويجرفها الطوفان إلى المجهول، الأمر الذي جعلنا كفلسطينيين نقول أن عمر الاحتلال قد طال 50 عاما على الأقل. ونسينا -ونحن ننتسب لأمة سريعا ما تنسى كل شيء- نسينا ما كانت قد قالته كوندليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة ( حامية أنظمة القهر والفساد والديكتاتورية في العالم ) حين لوحت قبل بضعة سنين بالفوضى الخلاقة لإقامة شرق أوسط جديد.
ومع تحول العنف الداخلي في بلادنا إلى ظاهرة، ومع العودة التدريجية للفلتان الأمني القبيح الواضح الجلي بأهدافه وشخوصه، وفي الوقت الذي لا نرى الجهات المعنية بحفظ الأمن وتطبيق القوانين تواجهه بالحزم والشدة لوأده في مهده، واجتثاثه من جذوره، وتتميّع القوانين والإجراءات التنفيذية التي من المفترض بها أن تكون الأداة الصارمة في مواجهته، هنا يحق للمواطن أن يفكر ويتساءل: هل ما يجري ( فوضى خلاقة على طريقة كوندليزا رايس ) أي عمل مخطط له؟ ام هو عمل ناجم عن ضعف أدوات الحكم .. ؟ هل يقف وراءه الاحتلال؟ أم يقف وراءه ويسنده من يريد تحقيق مكاسب من خلال ابتزاز الحكام؟ وإلا ما معنى أن يكون لدينا مئات المخبرين والمناديب وعشرات أجهزة الأمن.. ومع ذلك يبقى الفاعل للجريمة دائما مجهولا.. كيف يحدث أن يلعلع صوت الرصاص والقنابل وتدور المعارك في شوارع مخيماتنا ومدننا وقرانا في الضفة، بين امن السلطة وبين المجهولين المعلومين.. وتحدث التفجيرات لمنازل وصالونات ولمؤسسات وتمارس المجموعات الإرهابية التكفيرية نشاطا شبه علني في غزة.. هل هو فلتان امني.. أم هو تفليت امني؟
الأمن السياسي ناشط وفعال... وكل السلاح غير المعروف وجهته والى أي جهة سيصوب تم جمعه تحت شعار سلاح واحد ولا سلاح الا سلاح السلطة، خوفا من أن يعرض التزاماتنا الأمنية الواردة في الاتفاقيات مع عدونا للخطر. فكيف يمكن ضبط كل ذلك السلاح ؟ بينما سلاح الفلتان يتنامى ويتكاثر، والقائمين على جزء منه معروفين في كل مكان، وجزء منهم ضبط وقدم اعترافات عن جرائمه ولم يمكث بالسجن إلا لفترة وجيزة وكأنها استراحة ونقاهة.
في سنوات الانتفاضة الثانية نشأت ظاهرة الفلتان في ظل غياب السلطة، بعد أن وجه لها المحتل ضربة قاسمة، وحينذاك كنا اقل نقدا للسلطة على ضعف مواجهتها للفلتان، ولكن لا يمكننا اليوم أن نغفر أو نسكت عن ضعف أو سوء أداء أو تغاضي أو انتقائية التعامل مع الفوضى والفلتان الجاريان في الضفة وغزة، خصوصا ونحن نرى القدرات الأمنية الضخمة المتضخمة للسلطتين القائمتين هنا وهناك.
أحيانا أقول ولأن الاحتلال هو المستفيد من هذه الفوضى ان الاحتلال هو من يقف وراء ما يجري، لإحباط أي تعزيز للمقاومة الشعبية، ولإضعاف السلطة الوطنية ليسهل ابتزازها سياسيا.. ولكني وأنا أرى الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع (الفلتانين) ومن يقف وراءهم، وكيف تخضع السلطة أحيانا لابتزازهم أقول أن هناك في السلطة من يسهل للفلتان طريقه بقصد أو بدون قصد.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.net