المحامي أحمد دراوشة في مقاله:
في الآونة الاخيرة علت اصوات نشاز تغرد خارج اطار مصلحة الجماهير العربية متعارضة مع موقفها حاملة بين طياتها أجندة تناقض بها ما تعلن حينا وما تتستر عليه حينا آخر
قام أحدهم بتجهيز أبواقه بعد نفسه وأقلامه ومع إعلان موعد الانتخابات بدأت هذه "الحرب" سعيا لتحقيق شعبية مفترضة تصور مفتعلها أن وجهها المزين بالشعارات سيغطي عيوب باطنها المليء بالأنا والأنانية
اريد أن اوجه رسالتي الى قادتنا جميعا دون استثناء والى كل من يريد توجيه الانتقاد لممثلي الجمهور العربي اجعلوا انتقادكم في خانة الانتقاد البناء فهو امر صحي ومفيد للمجتمع وابتعدوا عن الانتقاد لاجل الانتقاد فهذا لن ينفعك
كيف يمكن الجمع بين الدعوة الى الوحدة للوحدة والطعن في من تدعونهم الى الوحدة بتصريحات والفاظ سلبية جدا ومحاولة الغائهم والتشكيك بنشاطهم ؟
يعتقد البعض أن بامكان القائد جر الناس خلف موقفه المناقض لموقفه ولكن اقول أن القائد الفذ هو من يشكل انعكاسا لرغبات الجمهور وتطلعاتهم ومن يحترم شعبه سيقدره
استهل مقالتي بقول القروي "إذا عصف الغرور برأسِ غَرٍ ، توهم أن منكَبه جناح "، للأسف الشديد، هذا ما اصاب البعض، حتى وصل الأمر بأحدهم أن صعد على السلم ولم يجد سبيلا لنزول، فبقي معلقا في الهواء، وينطق الكلام الهراء، ظنا منه انها حنكة ودهاء، ولكنه في الحقيقة تطبيق آخر لقول القروي، فيتوهم المعلق أن منكبه جناح ويستفحل في الغباء.
في الآونة الاخيرة ، علت اصوات نشاز تغرد خارج اطار مصلحة الجماهير العربية، متعارضة مع موقفها، حاملة بين طياتها أجندة تناقض بها ما تعلن حينا، وما تتستر عليه حينا آخر. فقد قام أحدهم بتجهيز أبواقه بعد نفسه وأقلامهم ، لينفجروا في وجه كل من يتفوق على معلمهم، اختاروا للمعركة الانتخابية أن تكون ضد ابناء شعبهم، فلم نسمع منهم طرحا انتخابيا غير التهجم على كل من هو فوقهم، والمهمة صعبة ، فما اكثر من فوقهم.
مع إعلان موعد الانتخابات بدأت هذه "الحرب" سعيا لتحقيق شعبية مفترضة، تصور مفتعلها أن وجهها المزين بالشعارات سيغطي عيوب باطنها المليء بالأنا والأنانية. فبدأ في حربه ضد الأحزاب العربية جهرا ووقف يحاول اقناع الناس بأن هناك من يخدعهم ويستغلهم . فحارب المتفوقين ، ربما كرد جميل غير مقصود للأحزاب الصهيونية ، ثم انتقل الى محاربة شخصيات داخل حزبه سعيا منه للوصول الى رأس الهرم في حزبه بعد فشله في مجرد محاولة اعتلاء الهرم العام للجماهير العربية في الداخل ، ثم كانت الورقة الأخيرة بعد شعوره بفشله في حربه الداخلية ، فراح يحارب الجماهير العربية باوصاف تعادي ارادة الشارع العربي ، وبدأت اصوات من ذات الجسم بمحاولة الانعاش عن طريق كيل ذات الاتهامات حتى وصل الأمر لأن يشبه حالنا بحال " يوليوس قيصر في التحدث الى جموع الرعاع " ، ويطل اخر بهجوم على الدكتور احمد الطيبي منتقدا تصريحه بأن " الأقصى مكان صلاة للمسلمين فقط " .
فعلا ، من طعن رفيق دربه في العلن لا غرابة في ان يتمادى على منافسيه وأن يحرض ابواقه ليتمادو . وهنا اتسائل !! الى أي منزلق وصلنا ؟
تساؤلات
هنا اريد أن اوجه رسالتي الى قادتنا جميعا دون استثناء، والى كل من يريد توجيه الانتقاد لممثلي الجمهور العربي، اجعلوا انتقادكم في خانة الانتقاد البناء ، فهو امر صحي ومفيد للمجتمع ، وابتعدوا عن الانتقاد لاجل الانتقاد ، فهذا لن ينفعكم ، كون شعبنا واعي ويقدر مجهود وتضحية قادته الذين يبدعون ويتميزون في تطبيق رغبات الشارع من خلال عملهم البرلماني .
لكي لا يتم وضعي في خانة التنظير ، أردت ان اعطي مثالا للانتقاد البناء ، وذلك من خلال عرض تصريحات احد اعضاء الكنيست وطرح تساؤلات حولها . وهنا اخترت عضو الكنيست باسل غطاس ، عن حزب التجمع الوطني الديموقراطي .
- في احدى المقابلات قبل انتخابه عضوا في الكنيست صرح بأن " أفضل مكان لتصدي للفاشية هو من على منصة البرلمان وكذلك في استخدام موقعنا ودورنا كأعضاء برلمان ومنتخبي جمهور لكي نصل بصوتنا الى محافل وأوساط كان من الصعب الوصول اليها بدون ذلك " .
وهنا اتسائل ، لماذا تغير الموقف اليوم فأصبح النضال الجماهيري في الشارع اهم، ووصف العمل البرلماني والحديث من على منبر الكنيست بالصراخ والعروض البهلوانية حين يكون الحديث عن خطاب لطيبي مثلا، في حين يصفق ويهلل لاعتلاء المنبر بالكوفية ؟
- في نفس المقابلة سئل عن " التحريض الأخوي ممن هم من بين ظهرانينا " في اشارة الى الاحزاب العربية الاخرى فأجاب بأن التحريض الأخوي " يؤدي فقط الى زيادة الاحباط والعزوف عن التصويت ، ونحن احوج الآن الى العمل المشترك لزيادة نسبة التصويت واقناع الناخب العربي بقوته وامكانية التأثير على مستقبله وعلى مصير المنطقة " .
قبل فترة قصيرة صرح بأن هناك أزمة قيادية في الجبهة ، كما ووصف رئيس الجبهة محمد بركة باقبح الاوصاف وبلغة يغلبها طابع الاستعلاء والعنجهية .
وهنا اتسائل ، لماذا تغير موقفكم وبدأتم بمهاجمة الأحزاب الاخرى بمقالات وخطابات، حتى وصل الأمر بكم الى أن تصفوا اخوتكم " بالضفادع " وغيرها من الاوصاف ، الا يؤدي هذا الى الاحباط وعزوف الناس عن التصويت ؟
- في مقابلة قبل انتخابه عضوا للكنيست صرح بأنه " ليس ممن يسعون للحصول على الصورة السهلة والعنوان الفج "،وانه "يؤمن بالعمل المدروس والمثابر والمتراكم والذي يؤتي ثماره للمجتمع باسره "، ولا " يؤمن بالزبد والفقاعات فهي لا تصنع القادة ولا تخلق التغيير وهما ما نحتاج اليه " .
وفي مقابلة مصورة بعد انتخابه صرح بأن ارتدائه للكوفية عند الاعتلاء الى منبر الكنيست عاد عليه بناتج اعلامي كبير، وانه " بالطبع سعيد لهذا الناتج كونه يزيد من رصيده اعلاميا، وهو ما يسعى اليه كل سياسي " . وفي لقاءات عديدة لاحقة انتقد اسلوب غيره في الخطابة والمواجهة المباشرة في الكنيست واصفا اياها بما لا يستحق ذكره .
وهنا اتسائل ، لماذا كل هذا التخبط في تعريف العمل البرلماني واختلافه باختلاف الموقف والحالة ؟
بعد انتخابه عضوا للبرلمان التقى بسيادة المطران موسى الحاج مطران الطائفة المارونية في البلاد، في اطار زيارات ولقاءات تهدف الى استعراض القضايا والتحديات الرئيسية التي تواجهها الكنائس والمسيحيين العرب في البلاد. كما وتطرق الى موضوع " تجنيد المسيحيين في جيش الاحتلال ومسألة قرية برعم واقرث المهجرتين"، ووعد بأن تأخذ هذه المواضيع قسطا جديا من عمله البرلماني في الفترة القادمة. وفي مقابلة تلخص عمله البرلماني أجريت قبل فترة وجيزة، صرح بأن "مناهضته لتجنيد المسيحيين في جيش الاحتلال لا تعتبر جزء من عمله داخل البرلمان". ثم عاد في نفس المقابلة وقال "أن موضوع تجنيد المسيحيين في جيش الاحتلال هو مسؤولية كل النواب العرب ".
وهنا اتسائل، كيف يفسر كل هذا التناقض في التصريحات ؟
- كيف يمكن الجمع بين الدعوة الى الوحدة للوحدة ، والطعن في من تدعونهم الى الوحدة بتصريحات والفاظ سلبية جدا ومحاولة الغائهم والتشكيك بنشاطهم ؟
- صرح وكتب في اكثر من منبر بان الاستطلاعات تظهر ان غالبية الجمهور العربي مع القائمة المشتركة واشاد بنزاهتها ودقتها ، في حين شكك في نتائج الاستطلاعات التي تشير الى تفوق الدكتور احمد الطيبي ،مع العلم أن الجمهور المجيب على الاسئلة هو ذات الجمهور ومن يقوم بالاستطلاع هي ذات الجهة ، كما وصرح بان الانتخابات لا تبنى على نتائج استطلاعات رأي .
وهنا اتسائل ، كيف بامكانكم التشكيك والاشادة في نتائج نفس استطلاع الرأي ؟ واذا كانت الانتخابات لا تبنى على نتائج الاستطلاعات ، فلماذا تربطون موقفكم من الوحدة بنتائج الاستطلاعات التي تفيد بدعم غالبية الجمهور لها ؟
- قبل انتخابه عضوا كنيست صرح بانه يحضر تجربة غنية ومتنوعة من مجالات الاقتصاد والهندسة والبحث العلمي ، وعند اعلان النتائج صرح بان الاضافة النوعية التي سيعمل على استثمارها هي القضايا الاقتصادية في الوسط العربي ، حيث سيعمل على حل وطرح مبادرات وامور جديدة تناسب وتساعد المواطنين العرب .
بينما في رد على سؤال وجه خلال احدى المقابلات الصحفية حول انجازاته خلال وجوده في الكنيست قال انه نجح باعطاء نموذج خاص والذي يجمع بين المهنية والمثابرة والاصرار والمنهجية في العمل داخل البرلمان وما بين الموقف السياسي الوطني لتجمع . كما وانه قام بفضح ثمان وزارات فيما يتعلق في كيفية توزيع الميزانيات . واضاف ان له انجازا اخرا في مسالة معاصر الزيتون جيث نجح في التواصل مع ثلاثة وزارات للمساهمة في حل المشكلة .
وهنا اتسائل :
ماذا استفاد المجتمع العربي من تجربته الغنية في مجال الاقتصاد ، الهندسة والبحث العلمي ؟
اين وما هي القضايا الاقتصادية التي وعد بان يقوم بها في الوسط العربي ؟
ماذا استفاد المجتمع العربي من نجاحه باعطاء "النموذج الخاص " ؟
ما الجديد في فضح سياسة الحكومة التي تميز في توزيع الميزانيات ؟
بالنسبة لانجاز معاصر الزيتون لا تسائل لدي، فهو انجاز يضيف لرصيدكم الكثير .
كان هذا نموذجا بسيطا لكيفية الانتقاد البناء بصورة موضوعية ، مع طرح للحقائق . هذا هو الاسلوب الاقرب الى الناس ، اما التنظير الذي يستعمله البعض فهو اسلوب قديم لا يسمن ولا يغني . القاسم المشترك الوحيد بينهم وبين جموع شعبنا ، هو اعترافهم بنجومية ، تألق وتفوق من يهاجمون . والاختلاف في محاربتكم لارادة الشارع وموقفهم .
يعتقد البعض أن بامكان القائد جر الناس خلف موقفه المناقض لموقفه ، ولكن اقول ، ان القائد الفذ هو من يشكل انعكاسا لرغبات الجمهور وتطلعاتهم . من يحترم شعبه ، سيقدره . وهنا انهي مقالتي بمقولة لاروشفوكو " الأنانية كريح الصحراء : إنها تجفف كل شيء " . فابتعدوا عن ما يفرقنا وابحثوا عن ما يجمعنا ويلم شملنا حتى لا تكتووا بريح الصحراء فتجفوا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net