يوسف شداد محرر موقع العرب في مقاله:
من حسن حظ الأحزاب العربية أن الشارع العربي لم يعاقبها حتى الان ولم يصفعها لتجفل وتهتز اركانها وتصحو
الازمة بين المتفاوضين ليست ايديولوجية فكرية مبدئية إنما هي أزمة كراسي وترتيبها بل قل إنها أزمة استعراض العضلات
الاحزاب العربية تصر على أرجحة الناخب بين متاهات صراعاتها مع بعضها، وأطماع بعض من قيادتها في رحلة تمسكهم بكراسيهم وتقوده الى التخلي عنها في مرحلة ما
الاحزاب العربية متفقة على الآتي: نحن لا نتفق على أي شيء إلا على اننا موحدون في موقفنا بعدم التنازل لبعضنا، وأن مفاوضاتنا واتصالاتنا مغموسة بخبث السياسيين
الشارع العربي لا يريد سباقًا بين احزابه على مقاعد المقدمة ولا يريد من قادته أن يسيل لعابهم للظفر بالمقعد رقم 1 و2 زعامة، إنما يبحث عن شخصيات شبابية أخّاذة، متعلمة، شعبية
الاحزاب العربية تغامر من خلال ممارساتها في المفاوضات الدائرة واذا خسرت المعسكر الموالي لها في الشارع العربي وهو ما تبقى لها فسيكون طريقها نحو زوالها ممهدا
المعطيات المذكورة هي أرضية خصبة لنمو تيارات مقاطعة للإنتخابات ومستاءة من ممارسات الأحزاب العربية
تستدعي المفاوضات المتعثرة بين الاحزاب العربية لتشكيل قائمة مشتركة، حوّلها المتفاوضون الى "قائمة المصالح المشتركة" للعبور الى الكنيست، وقفة يكتب فيها ما يجب أن يقرأه كل ناخب عربي في البلاد، حول ما يحدث من استدارة عن مشروع الوحدة الذي يطالب به الشارع العربي منذ سنوات.
الازمة بين المتفاوضين ليست ايديولوجية فكرية مبدئية، إنما هي أزمة كراسي وترتيبها، بل قل إنها أزمة استعراض العضلات، التي ستؤدي الى ولادة مشروع القائمتين لخوض انتخابات الكنيست. فالتباعد واضح والثقة معدومة والأجواء العامة هي كالآتي: نحن لا نتفق على أي شيء إلا على اننا موحدون في موقفنا بعدم التنازل لبعضنا، وأن مفاوضاتنا واتصالاتنا مغموسة بخبث السياسيين.
ما من شك في أن استمالة الشارع العربي للتصويت للأحزاب العربية ورفع نسبة التصويت من 57% في المجتمع العربي في انتخابات الكنيست ال19 الى نسبة تضمن اكثر من 11 مقعدًا ستكون مهمة صعبة جدا، مع أجواء كهذه غير قريبة أصلا للوحدة يطغى عليها التعنت و"الانا" والتغطرس، وبالأخص لأن الأحزاب العربية لم تدرس بعمق نتائج انتخابات السلطات المحلية، التي أطاحت بمن اعتقد انه كان مضمونًا واكدت على اختلاف نمط وسلوك الناخب العربي، وتمسكه بمن يخدمه وبمن هو الأقرب اليه وقادر على تحقيق طموحه الاجتماعي وتغيير الوجوه القديمة كامتداد لما يحصل في العالم، وما يقرأه في مواقع الانترنت ويشاهده عبر الشاشة الصغيرة.
من حسن حظ الأحزاب العربية أن الشارع العربي لم يعاقبها حتى الان ولم يصفعها لتجفل وتهتز اركانها وتصحو، بل على العكس ما زال متمسكًا بها حتى لو أن نسبة التصويت منخفضة (57%) في المجتمع العربي، إلا أن هناك شريحة كبيرة من الناخبين تنعش امالها وتطلعاتها بها وتعول عليها وما زالت تراهن على نوابها، وهنا يظهر حجم المغامرة الكامنة بممارسات الاحزاب العربية في مفاوضاتها مع بعضها وهي التي اذا خسرت المعسكر الموالي لها في الشارع العربي وهو ما تبقى لها، فسيكون طريقها نحو زوالها ممهدًا، ولن يجد من يريدون المشاركة في الحياة السياسية البرلمانية في اسرائيل طريقًا أمامهم سوى تشكيل احزاب شعبية عشوائية ترجمة لرؤيتهم، لانهم وبصريح العبارة لن يقبلوا بالعيش في ظل الاحزاب العربية التي لا تتغير قياداتها ولا تقبل بهم شركاء في وضع تصورها.
الشارع العربي لا يريد سباقًا بين احزابه على مقاعد المقدمة، ولا يريد من قادته أن يسيل لعابهم للظفر بالمقعد رقم 1 و2 زعامة، إنما يبحث عن شخصيات شبابية أخّاذة، متعلمة، شعبية وعن تمثيل نسائي وجغرافي وطائفي الى جانب المحنكين والمجربين واللامعين. والاحزاب العربية التي تعلم علم اليقين كل ما ذكر انفًا تصر على أرجحة الناخب بين متاهات صراعاتها مع بعضها، وأطماع بعض من قيادتها في رحلة تمسكهم بكراسيهم، وتقوده الى التخلي عنها في مرحلة ما، أمام مشهد سياسي ابطاله الجبهة والتجمع والاسلامية والعربية للتغيير، وغيرهم من القوائم الصغيرة التي اضطرت المناشدة للوحدة للبقاء على الساحة، يهيمن عليها الارتباك والانشقاق، في معادلة لن تضمن ولا بأي شكل من الاشكال المصلحة العامة، ولن تلغي ما حفر في وعيها اجتماعيًّا وسياسيًّا.
هذه المعطيات التي تعكس ما يدور في هذه الأيام في الحلبة السياسية العربية في البلاد تقوّي التيار المنادي بمقاطعة الإنتخابات وتعزز من موقفه، وتعتبر أرضية خصبة لنمو تيارات شبابية مستاءة الى جانب قطاعات واسعة من أبناء شعبنا التي ستنادي بمقاطعة الإنتخابات عقابا للأحزاب العربية، وهذا طبعا سيشكل إذا حدث ضربة أليمة لمستقبل الأحزب العربية في البلاد.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net