الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 03:02

البنية التحتية في البلدات العربية: واقع أم مأزق؟/بقلم: بلال شلاعطة

كل العرب
نُشر: 16/01/15 08:29,  حُتلن: 08:50

بلال شلاعطة في مقاله:

قضية البنية التحتية في السلطة المحلية تتشابك مع قضايا أخرى استهلاكية والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على ظروف المعيشة للمواطنين

لا يعقل أن تستمر سلطاتنا المحلية في إثارة الموضوع من باب رفع العتب ومن خلال نفس القالب بمعنى أن إثارته أصبحت عادية ودون تجديد

إثارة هذا الموضوع بالتحديد يجب أن تكون بطريقة متكاتفة ومن خلال اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية باعتقادي أن النقاش حول الانتخابات الأخيرة فرغ حتى قضية البنية التحتية ومدى أهمية تطويرها أو إنعاشها من مضمونها

ما الفائدة من بناء مؤسسات عامة على بنية تحتية مهترئة؟ الحل يكمن في النظر الى أصل المشكلة والتي تراكمت على مدار عشرات السنوات

العاصفة التي ضربت البلاد تستدعي الوقوف عند العديد من النقاط التي تخص المواطنين من جهة ودور السلطات المحلية في تهيئة الظروف اللازمة كمورد إلزامي للمواطنين. لا شك أن العاصفة "هدى" هي من أقوى العواصف التي ضربت بلادنا ومدى الاستهلاك السكاني كان واضحاً للغاية. من هذا المدخل أود ومن خلال المقال أن أخوض في موضوع البنية التحتية للسلطات المحلية العربية لأن هذا الموضوع من احد المواضيع الهامة والساخنة والتي تتصدر أجندة العمل البلدي على مدار أيام السنة. لا يعقل أن تبقى سلطاتنا المحلية العربية قابعة تحت طائل بنية تحتية متردية. هذا من احد المواضيع والقضايا الهامة باعتقادي والتي يجب العمل على حلها وبشكل سريع.

قضية البنية التحتية في السلطة المحلية تتشابك مع قضايا أخرى استهلاكية والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على ظروف المعيشة للمواطنين. على سبيل المثال وليس للحصر، وضعية الشوارع والتي تنعدم فيها أي ظروف ملائمة لمرور المركبات أو ألمشاة أو طلاب المدارس. من هنا يأتي دور قسم الهندسة في تهيئة ظروف جديدة والتي تعطي تجاوباً للمواطنين. معروف أن هنالك ميزانيات رصدت على مدار سنوات في تهيئة الظروف الكامنة في قضية البنية التحتية وهذا من احد المحاور التي يتم إثارتها في داخل السلطة المحلية ومدى علاقتها مع المؤسسات أو الوزارات الحكومية التي تمول المشاريع المحلية. لا يعقل أن تستمر سلطاتنا المحلية في إثارة الموضوع من باب رفع العتب ومن خلال نفس القالب، بمعنى أن إثارته أصبحت عادية ودون تجديد. إثارة هذا الموضوع بالتحديد يجب أن تكون بطريقة متكاتفة ومن خلال اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية. باعتقادي أن النقاش حول الانتخابات الأخيرة فرغ حتى قضية البنية التحتية ومدى أهمية تطويرها أو إنعاشها من مضمونها. قضية إثارة هذا الموضوع وبشكل جماعي ومن خلال السلطات المحلية قضية جوهرية في مركباتها فهي تتعلق أولا وأخيراً بالوضع الاجتماعي للمواطنين العرب. استغرب من مدى طرح قضية التوحد للأحزاب العربية عبر مواقع الانترنت ووسائل الإعلام حتى أصبحت هذه القضية بصورتها الشكلية هي التي تطغى على جوهر احتياجات المواطنين بل تقلل من أهمية تصدر مواضيع أخرى للأجندة اليومية.

إذا كانت إثارة المواضيع السياسية وبهذا الشكل تأخذ مظلة إعلامية هامة فما الذي يمنع ان تكون اثارة لمواضيع تتعلق بوضعية المواطنين مثل قضية البنية التحتية وعلى مدار السنة كجزء من وضعية المواطنين الاستهلاكية؟ فبنية تحتية متردية تؤدي بالتالي إلى مصروفات اقتصادية ومادية للمواطنين؟ ما المانع أن يكون هنالك دور للجمعيات الأهلية في تجنيد ميزانيات ومن خارج البلاد بهدف سد نواقص في البنية التحتية؟ هذا إذا كان اعتبار تجاهل المؤسسة الحاكمة هو جوهري؟ . نعم، تقع أيضا مسؤولية على الجمعيات المجتمعية العامة والتي حري بها أن تساعد في تقديم الخدمة للمواطنين من جهة وان تقوم بعكس حالتهم والتي تتعلق بالبنية التحتية للبلدات العربية من جهة أخرى. العاصفة الأخيرة باعتقادي أوجدت صورة متشابكة لما يجري في البلدات العربية فيما يتعلق بكمية السيول والفيضانات وكأن هنالك مشهداً قد تجذر ما بعد حرب أو معركة. هذا هو حال السلطات المحلية في ظل الواقع الموجود ولكن إذا اعتمدنا النظر على الواقع فهنالك إمكانية لإعادة ترتيب الأوراق في كل ما يتعلق بإيجاد احتياجات أو موارد او ميزانيات، ومن هنا يأتي دور التشبيك العملي والفعلي للسلطات المحلية العربية. من الجانب الآخر تقف مشاهدة عملية إذا نظرنا إلى الصورة المتكاملة لوضعية البنية التحتية كمأزق، بمعنى أن التعامل مع قضية البنية التحتية وإذا كانت مأزقاً عندها سنفقد قضية التعامل مع الموضوع بمنطقية وموضوعية وهنا اقصد التعامل المهني الحرفي للطرح.

يبدو أن هنالك مطلب ومن جميع المواطنين في السلطات المحلية العربية وهم الجمهور بحد ذاته لإيجاد إجابة حول وضعية البنية التحتية في هذه السلطات والأوجب ومع أقسام الهندسة في هذه السلطات أن توجد الحلول وليس طرح الذرائع للواقع أو للمأزق الذي وصلت إليه البنية التحتية بادعاءات هنا أو هناك. قضية البنية التحتية باعتقادي هي القضية الأولى وبامتياز لأنها وبالتالي تشكل أساساً لأي مشروع عمراني في البلدة العربية. ما الفائدة من بناء مؤسسات عامة على بنية تحتية مهترئة؟ الحل يكمن في النظر الى أصل المشكلة والتي تراكمت على مدار عشرات السنوات. وهنا لا بد وفي ذات السياق أن نستحضر المبالغ الكبيرة من الميزانيات التي تصرف هنا أو هناك على تعبيد نفس الشارع أو ترميم نفس المؤسسة العامة فهذه المبالغ إذا جمعناها سنجد في المحصلة ان المبالغ نفسها تكفي لبناء قصور وأبنية لمؤسسات عامة تعطي الخدمة للمواطنين. من هذا الباب، باب الخدمة لن تتلاءم مع وضعية الخدمة التي ستليق بالمواطنين حتى لو كانت هذه الخدمة بكفاءة عالية وبجودة عالية اذا كانت تقف على بنية تحتية سيئة، فالخدمة التي تحمل الجودة يجب ان تحمل في جوهرها بنية تحتية كفيلة أن تتلقى دعما وافياً من جودة الخدمة العامة للمواطنين، بمعنى ان اصل الخدمة العامة او الجماهيرية نصابها بنية تحتية ثابتة ودائمة للمواطنين.

هنالك علاقة مباشرة ما بين وضعية الخدمة ووضعية البنية التحتية لجميع السلطات المحلية. باعتقادي وجود جودة في الخدمة لن يعطيها استقرار مؤسساتي إذا لم ترتبط بوضعية متطورة للبنية التحتية. فحتى لو كانت الخدمة عالية المستوى وتعطى للمواطنين وبامتياز إلا أن منظر السيول والفيضانات عبر بنية تحتية هو الذي سيقزم من جودة الخدمة العامة وحتى كنت أقول سيتم تحديد مبالغ إضافية لجودة الخدمة لان البنية التحتية بطبيعتها سيئة. ليس صدفة أن الذي يرسخ في ذهن المواطنين هو منظر البنية التحتية أكثر من إعطاء خدمة مؤسساتية عالية وذات جودة في جميع أقسام السلطة المحلية. باعتقادي سيبقى وضع السلطات المحلية على ما هو عليه اذا لم تعطى الإجابة الكافية لتطوير البنية التحتية في سياق إيجاد الخدمة الملائمة والتي تتبنى تطوير بنية تحتية في تناغم أو انسجام معاً. هذا هو الواقع للسلطات المحلية العربية ويمكن تغييره حتى لا يتحول هذا الواقع الى مأزق ففي المحصلة إذا تحول إلى مأزق سيصبح جزءاً من وعي مجتمعي سلبي وإذا تم اعتماد الوعي المجتمعي السلبي عندها ستكون السلطة المحلية مشلولة في ضرورة إيجاد حلول للبنية التحتية كشكل من اشكال العمل البلدي المتكاتف. في النتيجة خدمة المؤسسات البلدية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في البنية التحتية مما يستوجب الوقوف عند هذه القضية كواقع وليس كمأزق.

الكاتب بلال شلاعطة: إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.