الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 00:02

في وَصفِ الهامِش: كَأنَّها حَفلَةٌ خَيرِيّة/ بقلم: محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 30/01/15 21:18,  حُتلن: 07:33

محمد كناعنة في مقاله:

ما أن بَدأت الحَفلَة بوَضع أوزارها حتى نبتَ على جُدرانِ الطريق المُؤدية إلى هُناك عَشرات الطُحالب وكانَ عبد الوَدود الحاضَر الأقوى في مُراقَصة الجَميلة

حَضَرَ برنارد شو حَفلَة خَيريَّة، وأثناء الاحتفال دَعتهُ إمرَأة لِلرَقص مَعَها
فوافق، وهو يُراقِصُها سَألَها عَنْ عُمرِها.
فقالت: خَمس وَعُشرونَ!
فَضَحكَ وقالَ لَهَا: النِساء لا يَقُلنَ أعمارَهُنَّ أبدا، وإن قُلنَها فَهُنَّ يَقُلنَ نِصفَ العُمر فَقَط.
فَقالَتْ غاضِبة: أتَقصِد أنَّني في الخَمسين مِن عُمري يا سَيّدي؟؟
فَردّ عَلَيها: بالضَبط.
فَصاحَتْ بهِ: إذا لماذا تُراقِصُني؟
رَدّ عَلَيها بِكُلِّ هُدوء: أنسيتِ أنَّنا في حَفلَةٍ خَيرِيَّةٍ سَيّدَتي!


------------------------------
في غَفلَةٍ من الزَمَنِ وعلى عَجَلٍ من أمرِهِ أعلَنَ الغِمدُ تَمَرُّدَهُ على السَيفِ، فَخَرجَ من صَدرِ صاحبِهِ وتَركَ الجُرحَ نازفا، عازِفا على أوتارِ الماضي السَحيق، فَبَحثَ لَهُ عن عُكازٍ لِيَتَكِئ عَليهِ، فَهَربَ منَ الفِكرَةِ، فَقَد كانَت العَكاكيزُ صِفة يَحمِلُها أتباعُ السُلطانِ وخاصّة العَسَس، ومع تَطَورِ العِلمِ وصناعةِ كلَّ شيءٍ في الصينِ، يقال بأنَّ الصين تُصَدِّرُ للعالَمِ كُلَّ أمتِعَةِ وَمُتعَةِ الرِجالِ، فَكيفَ لا تَخلِقُ شبها بينَ العَكاكيزِ، الخَشَبِ والحَديدِ والتَنكِ وتلكَ التي من لَحمٍ بلا دَم، حتى باتَ من السَهلِ شراء العُكازَ والاتكاءُ عَلَيها، فَالعُكازُ يبقى عُكازا وإن أجلسوه/ا على مَقعَدٍ من حَرير، وَلَن أستَعمِلَ مُصطَلح الكُرسِي حتى لا أتَهَمُ بالتَدَخُلِ في قضايا مَصيرية كَانتِخاباتِ الكنيست على سَبيلِ الحَصرِ، فالأمثِلَةُ قَد تُوقِعُنا بالمَحظورِ، وعَ قولِة المَثَل: "طول عُمرِك يا زبيبة"، وما عرفنا شو مالها زبيبة غير لَمّا شُفنا حزب الكَراسي، عذرا حَرب الكَراسي، وبين يوم وليلة مُمكن يكون في عنا قائِد جديد ومُفَدّى كَمان، ويلي زعلان يدُق راسه بالحيط، وأنا عَم ابحَث عَن حيطه أدُق راسي فيها حَسيت حالي عند حائط "المبكى"، والله يلعَن يلي بِبالي، كل حيطان البَلَد مخَزَّقَه من كُثر ما في ناس داقه راسها، وأخيرا نَجوت بجلدة راسي ووجدتُ الحَل: برايمِرز، جَمَعتُ العائلة، والقبيلة والعَشيرة والطائِفة، بالأحرى تَجَمَّعوا لوحدِهم لِنجدَتي وأصبَحتُ أنا المُرَشَح القائِد القادِم على لَحنِ المَوتِ ومن رَحمِ الشَعب، من أجل الجماهير، خِدمة لِقضايا الأمّة وَمُستَقبلها وأجيالها، وما حدا يسألني وين كنت غايب، لأني كنت مشغول عَنكُم بِكُم، وعَ قولة عبد الحليم حافِظ: "مشغول عَنك بيكِ وماليش حَد بالدنيا غيرِك"، ومن بَعد أن أنجَح لَن أنساكُم أبدا حتى تنتهي ولايتي ومن بعدها حتما سأعود لِأنشَغلَ عَنكُم بِكُم ومن أجلِكُم وإن لَم تروني في مناسباتِكُم العائلية من أعراس وأتراح وطهور حتما أنا مشغول في ترتيب عَودَتي المُستقبلية لأخدِمَكُم على أحسَنِ وجهٍ وحال، وبعدها إبقوا راجعوني.

وَما أن بَدأت الحَفلَة بوَضع أوزارها حتى نبتَ على جُدرانِ الطريق المُؤدية إلى هُناك عَشرات الطُحالب، وكانَ عبد الوَدود الحاضَر الأقوى في مُراقَصة الجَميلة، يَلفُ كلتا يديهِ حولَ خصرها، ليسَ حُبا فقط، بل وخَوفا أيضا، خَوفا من أن تَسقُط منهُ، أو أن يَسقُط عَنهَا، فَيلتَقطها أحدٌ آخر منَ العابرين، فَيكفي عابرَ سبيل نَشيط، أو ناشِط لكي يُراقصَ الجَميلة ويلُفّها تحتَ إبطَيّهِ من دونِ حَرج، وهكذا يَفقد هذا العابر سبيلهُ الأوَّل ليمتطي سبيلا جديدا ناعِما مُنَعَّما، وَيقِفُ ذاكَ العائِدُ على أكوامِ الجَماجمِ عندَ بَوابَةِ المَلِك لِيَخطُبَ بالناس، حاملٌ لِشهادةٍ جامعية، أكاديمي، وكانَ خلفَ زُجاج الكافيتيريا في كل المناسبات الوطنية في الجامعات داعما للعمل الطلابي بعلامةِ أنَّهُ كانَ يُلوّح لَهُم مؤيدا من وراءِ الزُجاج، سُبحانَ الله صار مُحلّلا سياسيا ويوم بقاطع ويوم بناطح، ولا ننسى ذاكَ الخريج من جامعَةِ صناديق فورد وأبراهام وأبرَهَة لا يُهم من أينَ جاءَ وكيفَ ولماذا، فورد قَطَر واشنطُن تلَّ بيب بلهجة الغَزاوية المُشَدَّدة، المُهم أنه أكاديمي والباقي عند صعلوك القُدس فوزي البكري.

وأقسَمَ عبد الوَدود أن يُقاتل من أجل الناس، ولن يحملَ حقدا مثلَ باقي القيادات، فهو لا يهمُّه من أينَ تأتي الأصوات، سنية شيعية درزية عَلوية مسيحية يزيدية آشورية قبطية مَدينية فلاحة ولا بنت فلاحة المُهم صوتها صالح وعَورتها مش بالصوت، يا ساتر يا سُتار من هذا الكلام، الشيوعيون "كفار" والنصارى "عَ النار" والدروز ذَبحهُن مش حلال، والقَوميون مُلحدون والوطنيون مُزاودون والمسلمون رَجعيّون ومتخَلفون والحَبل عَ الجَرار، والتُهَم على قفى مين يشيل، آه صحيح، نسيت المُقاطعين، أولاد كينغ، وأصحاب ليبرمان وخُدام عند اليمين، أي عَلَي ما عَلَي ومية يمين إنهن بيقبضوا من ناتنياهو، ويمكن، يمكن هَ مش أكيد، هِني يَلي قالولو يقصف لِقنيطره ويدعَم جَبهة النُصرة ويفتَح مستشفيات "إسرائيل" للمُقاتلين "المُجاهدين" نِكاحا في سبيلِ السَبيل، وداعِش عَ الحدود عم بيتفرَّجوا وجماعِتهن زعلانين، مين قال لسماحة السَيّد يرُد، ومش بس هيك، وكمان يوجّعهُم، أكيد جماعة المُقاطعة ما إلهن علاقة.

وجاءَ حامِلٌ لِلنَبأ، أبشِروا يا عَرب، ها هوَ اللواء العَربي يَتقَدّم، واعتقَدنا أنَّهُ أصبَحَ على مَرمى حجر من تحرير الساحل، وإذ بهِ لِواء العَكاكيز الجُدُد، طبعا في صهيونيين جُدُد ومسيحيين جُدُد ومحافظين جُدُد، وعكاكيز جُدُد ومجَدَّدِة وزعلانين جُدُد وقُوّاد جُدُد ودَواعِش جُدُد ومُفَكرين جُدُد ورقّاصين جُدُد وبَهاليل جُدُد، والرزق عَ الله يا جماعة.

فعلا هي حَفلة رَقص وَكَأنَّها خَيرِيَّة..

الكاتب عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البَلَد

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.