البجر ذلك العالم الساحر، وتلك اليتافيزبقا الزرقاء الناصعة الرائعة وهو يغدو بوسعه اللامتناهي والممتد بمثابة الرفاه الروحي من كل القلق والتوترات الارضية حيث تستقر المشاعر وتهيج بسماع هدير الماء وطالما تخاطب البحر لتحكي همومها وترسم احلامها عنه ينقلها الى اناكن اخرى مما يعرف بادب البحر.
هذا الادب اشتهر به الروائي الامريكي هرما منفل 1819- 1891 في روايته موبي ديك حيث جسّد فيها صراع الانسان مع قوى الطبيعة الغاضبة. ارنست همنغواي الذي ولد 21.7.1899 كاتب أمريكي يعتبر من أهم اشهر الروائيين وكتاب القصة الأمركيين، كتب الروايات والقصص القصيرة لقّب بالبابا. غلبت عليه النظرة السوداوية في البداية، الا انه جدد افكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الانسان، غالبا ما تصوّر افكاره على تمجيد عذه القوة وهي تتحدّى القوى الطبيعية الاخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والإنطوائية.
شارك في الحرب العالمية الاولى والثانية، حيث خدم على سفينة حربية امريكية مهمتها اغراق الغواصات الالمانية وحصل في كل منهما على اوسمة، حيث اثرت الحرب في كتاباته ورواياته. ولد همنغواي في في اوال بارك بولاية الينوي الامريكية لاب طبيب وام متزمتة اهتمت بالموسيقى، في عام 1909 اشترى له والده بندقية صيد اصبحت رفيقة عمره الى ان قتلته منتحرا عام 1961.
دخل مهنة الكتابة بسن مبكرة، حيث عمل صحفيا بجريدة ( كنساس ستار) ثم متطوعا للصليب الاحمر الايطالي 1918 في اواخر الحرب العالمية الاولى وهناك اصيب بجروح خطيرة اقعدته شهورا في المستشفى خضع لعمليات جراحية عديدة وقد حصل على رتبة ملازم ثم عمل مراسلا لصحيفة تورنتو ستار في شيكاغو، ثم هاجر الى باريس عام 1922 حيث عمل مراسلا واجرى مقابلات مع كبار الشخصيات والادباء مثل كليمانصو وموسوليني حيث وصفه متمسكن وهو اكبر متبجح اوروبي بنفس الوقت.
رواية الشيخ والبحر
تجسّد رواية الشيخ والبحر مبداّ صراع الانسان مع الحياة وذلك من خلال سردها لتجربة حدثت مع صياد عجوز يدعى سنتياغو مصاب بسوء الحظ فهو لم يصطد اي سمكة خلال 84 يوما ولقد ظل صبي يساعده لكن ابويه منعاه ان يخرج مع الرجل العجوز وذلك لعدم الفائدة المادية من مرافقته.
حين خرج العجوز ذات صباح وحيدا في تيار الخليج الذي يتحرك فوق جزيرة كوبا وعند الظهر تقريبا حيث توجه الى منطقة لم يكن فيها من قبل اصطاد سمكة مارلين ضخمة سحبت قلربه الى الشمال والشرق مدة يومين وليلتين، ثم تعلق بالخيط التقيل مضاهيا بقوته وتحمّله قوة وتحمل السمكة الضخمة وفي اليوم الثالث يجذب سمكة المارلين نحو السطح ويقتلها بحربة كانت معه ثم يربطها بقاربه اذ كان طولها 18 قدما وينشر شراعه الصغير ويبداّ رحلة العودة الطويلة، حيث تنقضّ اسماك القرش وتمزق لحم السمكة وملبث الصياد العجوز ان يقاتلها ويبعدها، ضاربا بالهراوة التي كانت بحوزته وطاعنا اياها فيتهشم مجذافاه، وحين يعود ليرسو في المرفاّ لا يكون قد بقي من السمكة سوى راّسها والهيكل العظمي والذيل، ثم يرسو بقاربه مبقيا علىهيكل السمكة مربوطا بالقارب، يصل الى كوخه منهك القوى يحضر في الصباح الغلام ورغم سوء حظ الرجل العجوز.
تعتبر رواية الشيخ والبحر من اعظم الروايات وثاني اعظم رواية في ادب البحر التي صوّرت الصراع بين الانسان وجسّده في بطلها سنتياجو مع اسماك القرش المتوحشة والسمكة العملاقة الجبارة. تميّزت الرواية بخبرات واقعية بعا لم البحر، يظهر لك قوة الانسان وتصميمه وعزمه على نيل اهدافه والوصول الى ما يصبو اليه وامكانية انتصاره على قوة الشر والطبيعة وفقا لمقولته المشهورة الانسان يمكن هزيمته، لكن لا يمكن قهره.
العجوز هو عشب الخليج الاصفر الذي ينشر على وجه الماء اشعاعات فوسفورية في الظلام.
في الرواية يخاطب العجوز السمكة كما يخاطب الطائر الصغير الذي حط على القارب وخاطب النجوم سيقتل السمكة ولكن لا يقتل النجوم فيقول تصوّر...لو حاول الناس كل يوم ان يقتلوا القمر ان القمر يستطيع ان يهرب ويلوذ بالنجاةتصور لو حاول الانسان ان يقتل الشمس.. من حسن الحظ اننا ولدنا هكذا
عاش ليرثي السمكة ولكن رثاءه للسمكة لم يخفف من شوقه الى قتلها.
في مناجاته يقول امرا رائعا، انه من حسن الطالع لا ينبغي ان نحاول قتل الشمس والقمر والنجوم، حسبنا ان نعيش على الماء ونقتل اخوتنا الصادقين في الود.
نرى همنغواي يصوّر بتركيز شديد على بطله وهو يعبّر بعمق عن البحر وعالمه وقواه الطبيعية مجسّدا صراعات الانسان مع قوى الطبيعةوتاّكيد قوة الانسان العقلية المتمثلة بروح المقاومة والامكانية الانسانية التي ميّزته عن باقي المخلوقات.
عندما يصطاد سنتياجو سمكته الضخمة تبداّ المعركة المحورية بين ارادة الانسان وروحه المقاومة وبين قوى الطبيعة الجبارة.
انهامعركة الشيخ ونصميمه على احراز النصر انها المعركة بمهارة وذكاء قوة ارادةوبين قوى الطبيعة الجبارة لاتقتصر فقط على ذلك، بل ويقاوم ايضا جروحه وضعفه وكبر سنه ووحدته في ذلك البحر العظيم متحملا كل الام الظهر التي سببتها له السمكة في معركة الحياة والموت.
لقد كسب سنتياغو بطل الرواية كسب اغلب جولاته وخسر الجولة الاولى ولكنه لم يهلك وام يقهر، تجمعت جحافل القرش لتنهش بقية لحم السمكة حتى التهمت هراوته ولكنه اجبرها على الهرب بقضيب حديد ولكن السمكة كانت قد انتهت تماما بين انياب القرش وهنا عانى العجوز مرارة الهزيمة ويقول الصبي بان السمكة لم تهزمه فيوافق العجوز ويتفقان على معاودة الابحار ويتشجيع من الصبي رمز الانسانية المتجددة.
ويستخلص الصياد العجوز الدروس من تجربته الاخيرة مع سمك القرش والبحر لتعينه في صراعه المقبل الدائم مع الاسماك وقوى البحر.
والمغزى الذي يرمي اليه المؤلف: يبقى الامل الانساني المستمر رغم كل الصعوبات والفشل فقد اكدت الرواية بحزم أن الرجال لم يخلقوا للهزيمة، وقد يهلك الانسان ولا يهزم فلذا يقول العجوز عن خبراته وقوة عقله ينبغي لي أن افكر لان التفكير هو كل ما يقي لي القوة .. فلا مكان للياّس انها لحماقة ان يستولي الياّس على الانسان كما اعتقد أن الياّس هو خطيئة.
لابد ان اسجل ملحوظة بين عامي 1936-1938 غمل همنغواي مراسلا حربيا لتغطية الحرب الاهلية الاسبانية وهذه الفترة سمحت له التعبير عن عداوته الشديدة للفاشية الضاعدة بل دخل الحرب ضد النازيين والفاشيين، ودخلت معه زوجته الثالثة (مارتاجنلهورن) مراسلة على الجبهة الروسشية الصينية وكانت هذه السنة فارقة في ادب همغواي حيث نشر لمن تقرع الاجراس التي تجاوزت منبعا تها المليون نسخة في السنة الاولى لنشرها ونال 150 الف دولار عن حقوق الفيلم الماّخوذ عنها وكا وقتها رقما قياسيا.
لقد حاز همنغواي عل جائزة نوبل للاداب عام 1954 فقط بعد عامين على نشرها وقبل ذلك حاز على جائزة بولتزر الاميكية وذلك لاتاذيته في ادب الر واية.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net