دعوة مفتوحة لقراءة التاريخ من أبرز أركان القوات المسلحة الإعلامية المصرية يشكر عليها بالرغم من أنه لم يفصح عن أي تاريخ يتحدث. إذا كان المقصود عظمة مصر الفرعونية فإنها ذكرت في كافة الكتب السماوية، وأسهب في تفاصيلها المؤرخ والباحث أريك كلاين في كتابه معارك "هرمجدون" أو جبل مجدو، إذ بدأه بمقارنة بين حملة الفرعون تحتمس الثالث عام 1479 ق.م بمجدو (الحدود الجنوبية لمرج بن عامر في شمال فلسطين الذي تحده عين جالوت من الشرقه وحطين من الشمال) والهجوم المباغت على الجبهة التركية من قبل قوات الجنرال اللنبي في نفس المكان خريف عام 1918 الذي أخضعت فيه الجبهة التركية وأدى إلى نهاية الحرب في الشرق الأوسط مع النصر الساحق للجيش البريطاني وتدمير الإمبراطورية العثمانية.
إريك كلاين بمقارنته بين المعركتين يرجح بأن التاريخ يعيد نفسه وأن الجنرال اللنبي استلهم مواضع حسم معركته من معرفته بمعركة الفرعون تحتمس الثالث بمجدو التي ما زالت إحدى القرى الفلسطينية في مرج بن عامر تحمل ذكراها باسم "كفر مصر". قد تختلف وجهة نظر مردخاي بار-أون في مقاله معارك مجدو باستنتاجه أنه ليس هناك شيء يرتبط بالطبيعة البشرية وبثبات نظريات الحرب وبتكرار التاريخ، إنما هو العامل الأكثر ديمومة وثباتا: تكوين المشهد الذي اضطر المحاربون للتعامل معه مرة تلو الأخرى، ليس من بين أبطاله بشر أو أسلحة الحرب وإنما البيانات الجغرافية والتضاريس التي لم تتغير في الماضي ولن تتغير في المستقبل.
كلاين يشير لأهمية مجدو، يوكنعام، تعناخ-منطقة مرج بن عامر في شمال فلسطين- لحماية المسار الحيوي الذي ربط منذ آلاف السنين اثنتين من أعظم حضارات العالم القديم: حضارة وادي النيل وحضارة ما بين النهرين.
سلاسل الجبال هي التي حددت المعارك للأولين من أمثال الفراعنة، العرب، المغول، ونابليون واللنبي في العصر الحديث، والآخرين من أمثال ظاهر العمر وحتى الجيش الإسرائيلي. بالنسبة للأولين سلاسل الجبال شكلت خط الدفاع الذي يجب عبوره بين الذين جاؤوا من الشمال والذين جاؤوا من الجنوب، للوصول إلى مراكز الإمبراطورية المعاكسة.
وفقا لما ورد، التاريخ هو الذي حدد الأهمية الجيو إستراتيجية الكبرى لفلسطين في الممالك القديمة، بما أن الطبيعة الجغرافية لا تتغير بتغير الأمم والشعوب المتعاقبة، ليس هناك مكان حتى للتفكير أن الدور الجيو إستراتيجي لفلسطين قد ولى. آفي يونا في مقاله: "النقب وقيمته العسكرية والإستراتيجية بالأيام القديمة" يذكر بأن القيمة الإستراتيجية لمنطقه ما ترتكز على واحد من ثلاثة عوامل:
1. قيمة المنطقة بالسكان، صناعه أو مواد خام.
2. قيمته لمنع المرور مثل صحراء أو جبال.
3. قيمة خطوط المواصلات التي تمر منه أو بجانبه.
إن هجر ما يتجاوز التصور البشري من سكان فلسطين وأصبح اللجوء منزلهم، لا يعني أن سلاسل جبالها قد هجرت. إن استحوذت وسائل النقل الجوية على حيز نافذ من مشهد المواصلات في العقود الأخيرة، لا يعني عدم جدوى الطرق البرية. إن قذفت الطائرات بطون الحمم التي تحملها لا يعني أنها قادرة على حسم المعارك وتسيير جحافل وجيوش. وإن استجدت مصر عداء غزه لا يعني أن مصر قد استعادت هيبتها وعظمتها من كتب التاريخ خصوصا أن أرييه كشر يذكر في مقاله، معالم في تاريخ مدينة غزه خلال الهيكل الثاني: "مكان غزه على الطريق البحري، على طول شبه جزيرة سيناء، بمدخل أرض اسرائيل من ناحية وصحراء سيناء من ناحية أخرى، منحها أفضليه جيو إستراتيجيه وأهميه اقتصاديه وعسكريه خاصة حتى في الأزمنة القديمة جدا، عدا عن كون المدينة رأس جسر منه ابتدأ الفراعنة حملة احتلال لأرض إسرائيل وسوريا، كما استخدمت نقطة انطلاق ضرورية لمحتلي مصر من الشمال". ويستدل أرييه كشر على أهمية غزه من شهادة "إريانوس (ب،26،4) على أن احتلال غزة تحول لأهمية كبرى زمن الاسكندر، بسبب أهمية المدينة من الناحية العسكرية كنقطة انطلاق بحملته ألمزمعه لاحتلال مصر". مما دون التاريخ: أن قوة مصر وهيبتها بانطلاقها من غزة وفلسطين وغير ذلك ما هو إلا دليل قاطع على زمن الأفول المصري وليس العظمة المصرية.
ماجستير قانون براءات اختراع- جامعة حيفا
ماجستير إعلام – علاقات عامه – جامعة حيفا
لقب أول أوبتومتري- فحوصات نظر- كلية هداسا- القدس
لقب أول علوم طبيعيه- بيولوجيا- الجامعة المفتوحة الإسرائيلية
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net