محمد كناعنة في مقاله:
حينَ يتمحور برنامَجُكَ في إسقاط اليمين فأنتَ تضع نفسَكَ في حضن مُعسكر همحنيه هتسيوني أو بمصطلح نبيل عمرو مُعسكر "اليسار"
في العام 2001 وبعد إنتفاضة القُدس والأقصى جرت إنتخابات الكنيست لرئاسة الحكومة بشكل مباشر وخَرجَ جمعٌ غفير من بعض الأحزاب العربية في الدعوة للتصويت لبراك في مواجهة اليمين
تصريحات أيمن عودة أضعَفت من حضور شعار كنس الأحزاب الصَهيونية في حملة المُشتركة الإنتخابية، وجعلت البعض يتحدث عن التناغُم بينَ المُعسكرين والتنسيق المُشترك فيما بينهما فإسقاط اليمين غاية الجميع
"إن السجين المظلوم الذي يستطيع أن يهدم جدران سجنه ولا يفعل يكون جبانًا"، جبران خليل جبران. صبيحَة هذا الأربعاء 4.3.2015 قالَ نبيل عمر، أحد قيادات سُلطة رام الله بأنهُم، أي السُلطة، يدعمونَ معسكر السَلام في "إسرائيل" في إشارة لدعمهم للقائمة المُشتركة وللمعسكر الصَهيوني برئاسة هرتسوغ ليفني، هذا المُعسكر الذي يَتوَدَّد إليهِ العَرب ويسمونَهُ بمُعسكر السلام إسمهُ الحقيقي وباللّغة العبرية (همحنيه هتسيوني – المعسكر الصَهيوني).
وفي صبيحة ذات اليَوم كانَ منَ المُفتَرض إنعقاد ندوة طُلابية في جامعة النجاح الوطنية من تنظيم جبهة العَمل الطلابي التقدمية ويشارك فيها من الداخل تيار المُقاطعة وألغيت بأمر من إدارة الجامعة وبطلب من سلطة دايتون وإشارة من بعض أقطاب المُشتركة، وذلك تحتَ ذريعة منع الفتن وإثارة الخلافات في الحَرم الجامعي بينَ الطُلاب، أمّا دعوة بعض المُرشّحين الذين قد يكونوا لم يعرفوا مواقع هذه الجامعات سابقًا للتجنيد للمُشاركة في الإنتخابات، ترتيب السَفر والباصات على حساب سلطة دايتون لا يُعَد إثارة للفتن، نشاط فريق أوسلو ويسار التفريط في الدعوة للتصويت هو عمل "مُقاوم" لِفصائل غادرت خندق المُقاومة منذُ عُقود، ندَوات عُقدت في المَدارس العربية وأمامَ الطُلاب العرب الجيل الناشئ وبحضور أقطاب المُشتركة بالشَراكة مع عَرب الأحزاب الصَهيونية دونَ خجل أو وَجَل، وفي ذات الوَقت هُناكَ فيتو على تيار المُقاطعة، مُناظرات على الهَواءِ مُباشرة مع الأحزاب الصَهيونية وعربها العاربة وحملة مُشتركة ضدّ تيار المُقاطعة، تظاهرة في وادي عارة للتصدي للأحزاب الصَهيونية، قَمع ومُعتقلين وضرب حَدَّ التشويه الجسَدي، وتشويه من بَعض أقطاب المُشتركة على طريقة التصدي هذه، يجب أن نكون حضاريين وأن نسمع ليفني وهرتسوغ ونُصغي جيدًا ونحاربهم "حضاريًا"، وخرجَ علينا البَعض بموعضة جديدة قد تكون من بنات أفكار ضرورة إسقاط اليمين، إعتبار أنَّهُ من حق الأحزاب الصهيونية عَرض أفكارها بصورة ديموقراطية في قرانا ومُدننا العربية، نعم ديموقراطية غير شكل! ديمقراطية تحمي المُعتدين اليهود الصهاينة على حنين زعبي في تل أبيب وتضرب بوحشية متظاهرين أمام إجتماع لتسيفي ليفني في عارة، إنَّها الديموقراطية الحقيقية التي تَتجَلّى أمامنا على مدارِ ستَةِ عُقود وسبعَة أعوام من الإحتلال، ويبقى مشروع الوعي في مجتمعنا هو الرافعة الحقيقية للمواجهة، ولكن كيف لنا أن نواجه، وعن أي وعي نتحَدَّث!؟ وسيبقى هذا السؤال مفتوحًا للحوار.
في أول تصريح لهُ عقب إنتخابهِ في مجلس الجبهة قال السيد أيمن عودة "إنَّ ألإنجاز الأكبر للجماهير العربية في البلاد هو منع اليمين من الوصول إلى الحُكم"، وبعد تشكيل القائمَة المُشتركة قالَ أيضًا: " مهمتنا رؤية نتياهو وليبرمان في المقاعد الخلفية للكنيست"، وتحدّثَ في ندوة كفر ياسيف عن إمكانية الحصول على رئاسة لجنة الداخلية في الكنيست، طبعًا هذا في حال فازَ معسكر "السلام"، هذه التصريحات وغيرها أضعَفت من حضور شعار كنس الأحزاب الصَهيونية في حملة المُشتركة الإنتخابية، وجعلت البعض يتحدث عن التناغُم بينَ المُعسكرين والتنسيق المُشترك فيما بينهما فإسقاط اليمين غاية الجميع، اليمين الذي قتلَ 2200 شهيد في غزة و"اليسار" شو عمل بغزة! اليمين الذي سنّ القوانين العُنصرية، و"اليسار" ومعسكر "السلام" من دير ياسين ومجزرة الحولة عام 1905 وتدمير حيفا وتهجير عكا ومجازر يافا واللد والرمله ومسح بيسان وصفد وصفورية أين كان ال"يسار"..! وتَذَكَّروا جيدًا بأنَّ هذا الشعار سيُدخل "يساركم" إلى حقلكُم كَمن يُدخل الدب إلى كرمِهِ.
حينَ يتمحور برنامَجُكَ في إسقاط اليمين فأنتَ تضع نفسَكَ في حضن مُعسكر همحنيه هتسيوني، أو بمصطلح نبيل عمرو، مُعسكر "اليسار"، ولنعود قليلًا للوراء، في العام 2001 وبعد إنتفاضة القُدس والأقصى جرت إنتخابات الكنيست لرئاسة الحكومة بشكل مباشر وخَرجَ جمعٌ غفير من بعض الأحزاب العربية في الدعوة للتصويت لبراك في مواجهة اليمين، وحصل ذلك مع بيريز بعدَ إغتيال رابين، وكانَت دماء أطفال قانا لَم تجف بعد، وَجُيّرت المَساجد والكنائِس وعَربات الأحزاب وبعض أقطاب الوِفاق هَلَّلوا لرجل السلام وأرعبوا الأطفال والكبار بقدوم اليمين الفاشي المُجرم، وتوالَت خيبات العَرب من مُعسكر "السلام" ولَم يتخلوا بَعد عن رهانهم هذا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net