د.محمد خليل مصلح في مقاله:
نتائج الانتخابات ستعكس دولة غير مستقرة مضطربة ليس سياسيا وامنيا بل على صعيد الهوية ستشهد دولة الاحتلال صراع الهوية والثقافة صراعا على غرار صورة الصراع في العالم العربي
لم يتعرض زعيم صهيوني من قبل للنقد والتشهير والتشكيك في نواياه ووطنيته وفي افكاره واعتقاداته مثل ما يتعرض له بيبي نتنياهو اليوم، لذلك يجب ان نتفحص الصورة الكلية للوضع الحزبي، وللمشهد الانتخابي الاسرائيلي في نفس الوقت، وحتى لا نخطئ في تحليل الموقف ومن ثم نستقرأ السيناريوهات المتوقعة؛ جراء معركة الانتخابات الاسرائيلية؛ نتنياهو خاطر بكل شيء، اقتحم البيت الداخلي، ووقف امام مجلسي اعضاء النواب والشيوخ، ووجه خطابه للشعب الامريكي، بغير رضى الرئيس الامريكي ولا ادارة البيت الابيض الامريكي؛ فزج اسرائيل داخل الانتخابات الامريكية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهذا وجد ترحيبا للجمهورين كمادة انتخابية ضد الديمقراطيين لإضعاف اوباما والحزب الديمقراطي؛ والسؤال: لمصلحة من اقدم نتنياهو على تلك الخطوة؛ واضح جدا انه لم يغير موقف الادارة الامريكية من المفاوضات مع ايران على الملف النووي، بل استمرت؛ مع ان الهدف الرئيس من الخطاب كما اظهره نتنياهو مصلحة اسرائيل وحمايتها من التهديد الوجودي للدولة، نتنياهو كعادته يتراجع عن اهدافه الكبيرة اذا اخفق في تحقيقها الى المتواضعة جدا؛ حيث اقتصر عندما انتهى من المعركة؛ على هدفين متواضعين؛ ذكر واحدًا منهما؛ انه اعاد اهتمام الرأي العام الدولي من داعش الى الملف الايراني النووي، والصحف العبرية ذكرت الهدف الحقيقي؛ هدف حزب الليكود ورئيسه استقطاب الاصوات الإسرائيلية في الانتخابات القادمة، وهذا يبدو تحقق من الغالبية التي تؤيد موقف نتنياهو من الملف الايراني النووي بمعنى ان نتنياهو نجح بوضع الأمن كأولوية لاهتمامات المواطن الإسرائيلي كما كان منذ نشأتها.
تحقق لنتنياهو الغرض من خطابه؛ وأين المشكلة في ذلك؟ لا شك انها في المصلحة عندما تختلط ويتعمد البعض في خلطها؛ فأي منها تهم المواطن؛ مصلحة الوطن او مصلحة الزعيم او مصلحة الحزب؛ اذن عندنا ثلاث مصالح يستحيل الجمع بينهما بالنسبة لشخصية نتنياهو؛ وهو امر طبيعي وحاجة فطرية عندما تتنافس وتتزاحم في بيت افكار الزعيم او الرئيس والحزب من جهة والمصلحة العامة ( مصلحة الدولة اليهودية)، ولذلك أسباب؛ السبب الاول: الخلط المتعمد وحرص الرئيس والحزب على اظهار ان المصلحة الوطنية جزء من مصالح الحزب الحاكم، والسبب الثاني: جهل الجمهور العام بالأهداف الجماعية القومية بسبب غياب الوعي والتفكير الجمعي، والثالث: فلسفة الاحزاب وعنصرية الثقافة واحتكار الفهم والوطنية على اعضاء الحزب، ويشجع ذلك الجنوح نحو اليمن الاعمى والكراهية للآخر داخل الكيان الصهيوني.
التخوين وهي ظاهرة قديمة جديده لكنها اليوم في المجتمع الصهيوني تتفاقم بسبب التطرف الديني والشوفينية الحزبية واحتكار الحقيقة هذا كله سببت خلل العلاقة بين الاحزاب؛ تعكسها الدعايات الانتخابية السلبية داخل البيت الواحد؛ اليميني واليساري العلماني؛ دولة الاحتلال اليوم تفتقر الى المنطق والوعي للمتغيرات من حولها؛ ما زالت تعيش الهواجس والمخاوف وكراهية الأمم والشعوب لليهودي بصورته وطبيعته الاستغلالية ناكرة الجميل لكل من مد يده لها؛ بل تستخدم التخويف في معاركها الانتخابية اليوم؛ فتغلب المصالح الشخصية والحزبية المصالح الوطنية برعاية الجهل و تصاعد التيار اليميني المتطرف الحالم بطرد الفلسطينيين من ارضهم لإقامة دولة يهودية خالية من غير اليهودي؛ لذلك تجد اليوم ان الصوت المسموع والذي تطرب اليه الاذن الصهيونية المتطرف؛ الصوت الذي ينادي بالطرد والقتل والترهيب ضد العرب الفلسطينيين.
تصدع داخلي
هذه الصورة لواقع دولة الاحتلال؛ تعكس بكل تأكيد؛ مأزق دولة الاحتلال؛ الخوف على الوجود لدولة الاحتلال اليهودية؛ لا يتوقف على العدو الخارجي؛ بل الاكثر اليوم ؛ العدو الداخلي؛ مركب الدولة اليهودية مختل وغير واقعي؛ برغم انها دولة مدادها القومية الدين بمعنى الدين قومية والقومية دين، الا انها لم تسطع حتى اليوم صهر هذه الاثنية العرقية في قالب واحد؛ ما زالت الفوارق الاثنية والعرقية قائمة؛ كل منها تحافظ على هويتها الثقافية؛ مرجعيات دينية للشرقيين واخرى للغربيين؛ الزعامات سياسية الغربية تتقدم في المناصب السياسية؛ وما زال الفوارق في المناصب المتقدمة لمصلحة الاشكناز الغربيين، وي مازالت دولة منبوذة في محيطها؛ قائمة بالإرهاب، وبدعم خارجي سياسيا واقتصاديا وامنيا واسلحة ومعدات عسكرية متطورة لن يتحمل العالم هذا العبء الى ما لا نهاية.
وخلاصة القول إنّ نتائج الانتخابات ستعكس دولة غير مستقرة مضطربة ليس سياسيا وامنيا بل على صعيد الهوية؛ ستشهد دولة الاحتلال صراع الهوية والثقافة؛ صراعا على غرار صورة الصراع في العالم العربي؛ ستفقد معه الكثير من العناصر تلك التي تستغلها لخداع العالم انها واحة الديمقراطية والحضارة في وسط دول شعوب متطرفة وجماعات ارهابية وانظمة متخلفة متسلطة لا تؤمن بالديمقراطية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net