ممدوح اغبارية في مقاله:
لا بد من الاشادة بدور أيمن عودة الريادي في قضايا النقب قبل وبعد انتخابه للكنيست
اختار السيد أيمن عودة المسير من النقب إلى القدس حسبه هدفه المعلن لإعلاء صوت أهالي النقب والقرى الغير معترف بها ولكن ما حصل على الأرض أنّ المسيرة لم تضف إلا لنجومية أيمن عودة
أكاد أجزم أن قرار المسيرة متسرع وغير مدروس جيدا وسوف تترتب عليه نتائج سلبية ولن يضيف لنضال أهالي النقب
انتظرت قليلا حتى جفت أجبنة المشاركين في مسيرة أيمن عودة من النقب إلى القدس إلى ديوان رئيس الدولة. لا يمكن إحداث نقلة نوعية في الاداء السياسي والبرلماني للأحزاب العربية والقائمة المشتركة دون امتلاك وعي نقدي لممارساتنا السياسية والوطنية فهذا الوعي شرط اساسي للنقلة النوعية التي نرجوها شعبا وأفراد وكوادر أحزاب بعد تجربة القائمة المشتركة.
ومن ضمن المفاهيم التي يجب تناولها بوعي نقدي هو مفهوم القيادة، فهذا المفهوم في تراثنا السياسي في الداخل يتماهى في بعض نقاطه مع مفهوم الفردانية والزعامة والنجومية والبهلوانية، والزعيم الأوحد، والمنقذ الذي لا يبارى أو لا يقبل المناقشة، فهو، أي القائد، منزه عن النقد هذا ما نلمسه، وهكذا في نظام تراتبي/ أبوي دواليك. وتصبح عملية المشاركة غائبة تماما، بل في حالة حدوثها تعني التنازل عن السلطة عند القيادة، أو زعزعة لها، وفي هذا السياق الجامد يُنظر إلى الناس باعتبارهم أدوات تنفيذ لسياسات مقررة مسبقا وبمعزل عنهم، وبالتالي تظهر ردود أفعال الأفراد في عدم الثقة إزاء القيادة التقليدية، وأيضا اللامبالاة والانصراف عن الشأن العام والتمركز حول المصالح الضيقة والمحدودة للفرد هذا بنسبة للناس والقيادة.
اختار السيد أيمن عودة المسير من النقب إلى القدس حسبه هدفه المعلن لإعلاء صوت أهالي النقب والقرى غير المعترف بها. ولكن ما حصل على الأرض أنّ المسيرة لم تضف إلا لنجومية أيمن عودة. لذا أكاد أجزم أن قرار المسيرة متسرع وغير مدروس جيدا وسوف تترتب عليه نتائج سلبية ولن يضيف لنضال أهالي النقب.
لا يملك مقال رأي المساحة للإدلاء بكل القرائن والبراهين لتأكيد على أهمية القيادة كفعل جماعي. لكن للحقيقة يعرف كل من برأسه عينين أن تجارب التاريخ الإنساني عبر مسيرته الطويلة دلت على أن القرارات التاريخية المتعلقة بمصائر الأمم والشعوب ينبغي أن تكون قرارات جماعية صادرة عن قيادات جماعية، حيث لا يوجد فرد لوحده منزه ومعصوم عن الخطأ ولا يصيبه الزلل والملل ليكون مؤهلا وقادرا على اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية الاستراتيجية. حيث أن نجاح أيمن عودة بتسويق نفسه كقيادي حقيقي وليس " جيميك " يعود لعدة عوامل أساسية أبرزها اعتماده على مبدأ القيادة الجماعية للقائمة المشتركة والتنظيم الجيد لها على كل المستويات.
أعرب الجميع عن أسفه لهذه الخطوة المتسرعة وباركها آخرون ولكن نعتوها بالمبادرة الفردية. على قيادة الجماهير العربية أن تذوّت قيم واستحقاقات العمل الجماعي لتعبر عن تطلعات شعبها. وأكدت العديد من الاستطلاعات التي اعدّتها مراكز الاحصاء في الدولة أن المواطنين العرب متعطّشون لرؤية أداء سياسي وحدوي لإنتاج مجتمع تتشابك فيه الامكانيات والقدرات من خلال استيعاب التميز الفردي لكل فصيل وصهر كافة الأعمال في بوتقة العمل الجماعي الذي يقود في النهاية إلى تطوير المجتمعات وبنائها بناءً سليماً من الناحيتين الاجتماعية والسياسية. إن ضرورة التهيئة الجماهيرية المستندة على فكر ايديولوجي هي من ابجديات النضال الجماهيري وهذا ما نتوخاه وليس نضال النجومية المستندة على الإثارة و "الشوو" والنجم الأوحد. ولتحقيق تلك الأهمية لابد من تهيئة الرأي العام تهيئة بالإمكان الاستناد إليها للخروج بنتائج أكثر عمقاً في التأثير والنتائج بدل الاكتفاء بالقشور.
ما أجمل مسيرة الاعتراف لو أنها كانت ضمن تنسيق كامل بين كل القوى الوطنية والاسلامية داخل وخارج الكنيست واشترك فيها 13 عضو كنيست وكل القيادات المجتمعية والدينية غداة يوم الأرض الخالد أوفي ذكرى النكبة ضمن اضراب عام. امتحان القيادة الحقيقي لأيمن عودة هو في الحفاظ على القائمة المشتركة وليس تعزيز نجومية أعضاء الجبهة ، السنة القادمة على المحك، فاعدوا العدد والعدة لمسيرة ال 100000 انسان ...
أخيرا لا بد من الاشادة لنكون صادقين مع انفسنا بدور أيمن عودة الريادي في قضايا النقب قبل وبعد انتخابه للكنيست لكن كما أسلفت عن المسيرة نقول " كمطعمة الايتام من كد فرجها ... ليتها لم تزن ولم تتصدقٍ ".
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net