الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 22:01

بنية فائقة التخلف/ بقلم: عدنان حسين

كل العرب
نُشر: 14/04/15 08:30,  حُتلن: 08:33

عدنان حسين في مقاله: 

صعب جداً أن نحارب بكفاءة وأن نحقق النصر في حربنا ببنية لدولتنا فائقة التخلف كبنيتها الحالية

عدونا الذي نجيّش له الجيوش ونحشد الحشود ونطلب المستشارين والاسلحة والمعدات لمحاربته يحرص على ان تكون لدويلته "الاسلامية" بنية فائقة التطور

نجيّش الجيوش ونحشد الحشود ونطلب المستشارين من الأقربين (جغرافياً) والأبعدين، ونستعجل تجهيزنا بالأسلحة والمعدات الحربية لمحاربة الارهاب وتحرير اراضينا من الاحتلال الداعشي.. هذا جيد جداً، بيد ان أكبر الجيوش والحشود وأفضل المستشارين وأفتك الاسلحة وأثقل المعدات وأكثرها تطوراً، لن يكفينا لتحقيق ما نريد.

في زمن التكنولوجيا فائقة التطور يتطلب تحقيق النصر في الحرب، وفي التنمية أيضاً، ان تكون لدينا بنية متطورة للدولة، ودولتنا بنيتها متخلفة للغاية، وهكذا بنية لن تكون رافعة لانجاز أهداف حربنا ضد داعش وسواه من منظمات الإرهاب.

أول من أمس كنت أراجع أحد فروع المصرف العراقي للتجارة لأودع صكاً في حسابي لديه.. تطلّب الأمر ما يزيد عن عشرين دقيقة ومراجعة أربعة اشخاص لإنجاز "المعاملة"!.. قلت لآخر موظف تعامل معي انني في الخارج لا أحتاج لأكثر من نصف دقيقة للانتهاء من "معاملة" كهذه.

ردّ بالقول انه في الخارج يستطيع إيداع الصك في واحدة من ماكنات الصرف المنتشرة في الشوارع.. "لكننا في العراق"، قالها ليُلقمني حجراً، وهو ما كان.

أمس كان عليّ أيضاً أن أراجع فرعاً لمصرف آخر، هو مصرف الرافدين .. المصرف التجاري كان رحيماً بالمقارنة مع شقيقه الرافدين الذي أخذ من وقتي نحو ساعة ونصف الساعة وجهود خمسة موظفين في معاملة ما كانت تستحق أن تستنزف من وقتي ووقت الموظفين أكثر من خمس دقائق.

أمس كذلك اتصل بي صديق متقاعد للمرة الثانية خلال اسبوع واحد ليشكو إليّ والى"المدى" تأخر صرف راتبه التقاعدي ومئات من زملائه، بحسب روايته. قال انهم ذهبوا للمرة الثانية، منذ الثالث من الشهر، وهو موعدهم الدوري مع رواتبهم التقاعدية، لسحب الرواتب بواسطة الـ "كي كارد" فاكتشفوا للمرة الثانية عدم وجود رصيد لهم.

الصديق طلب مني أن أسأل هيئة التقاعد الوطنية إن كانت تعلم أو لا تعلم بأن "أبو المولدة" و"أبو اللحم" و"أبو الخضراوات" وسواهم لا يصبرون على زبائنهم أكثر من يومين أو ثلاثة!

هذه علامات ربما كانت صغيرة لتخلّف بنية دولتنا. في المقابل فان عدونا الذي نجيّش له الجيوش ونحشد الحشود ونطلب المستشارين والاسلحة والمعدات لمحاربته، يحرص على ان تكون لدويلته "الاسلامية" بنية فائقة التطور، فقد جاء في الاخبار ان داعش بدأ بإصدار بطاقات شخصية (هوية) مزودة برقاقات ثلاثية الأبعاد وشريحة إلكترونية لمنع التزوير، على أن تمنح لعناصره وللمقيمين في مناطق سيطرته في سوريا والعراق.

مشروع الهوية الوطنية الإلكترونية عجزت دولتنا عن تحقيقه حتى يوم كان النفط يدرّ علينا 274 مليون دولار في اليوم (100 مليار دولار سنوياً) وهو مبلغ يكفي في ما أظن لانجاز المشروع!

صعب، صعب جداً، أن نحارب بكفاءة، وأن نحقق النصر في حربنا ببنية لدولتنا فائقة التخلف كبنيتها الحالية.


نقلا عن "المدى" العراقية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.