ميسون أسدي:
اكتب في كل مكان وزمان حتى وأنا اقود سيارتي وأنا في سريري أو حمّامي أكتب أحيانا بقلمي وأحيانا على الحاسوب وأحيانا كثيرة فقط في رأسي
لم أحارب بأي سيف من سيوف السّلاطين لا في الماضي ولا في الحاضر فأنا ثائرة على كلّ الظّالمين سلاطين كانوا أم حرادين!
في كتابي الجديد حاولت بقدر الإمكان أن أعكس بشفافية متناهية تجارب عشتها بنفسي مع الآخرين ونقلت تجارب الآخرين مع إضافة صبغة قصصيّة عليها حتى لا أحرم القارئ من المتعة
لا يمكن لأي قارئ أو باحث في الأدب الفلسطيني أن يمر مرَّ الكرام على مؤلفات الكاتبة ميسون أسدي، فقد أدخلت إلى الساحة طعمًا جديدًا، في بعض الأحيان مرّ وحلو في البعض الاخر، لكنّه ممتعًا في كلّ الأحيان. تميّزت بالجرأة والمواضيع المثيرة والمبتكرة، أدخلت على الكتابة تقنيّات جديدة، ببساطة متناهية وبدون أي تكلّف وصناعة. وها هي ميسون أسدي، بعد أن صدرت لها ستّ مجموعات من القصص القصيرة ورواية طويلة ونحو (30) كتابًا للأطفال، جميعها تابعة لدور نشر، تقوم اليوم بنشر مجموعة قصصيّة جديدة وعلى حسابها الخاصّ، بعنوان "خبز العسكر" تضمّ (27) قصّة قصيرة. وحول ذلك أجرينا معها هذا اللقاء.
ميسون أسدي / تصوير وائل عوض
أنت بالأصل من قرية دير الأسد، وتسكنين منذ فترة طويلة في حيفا. فما هو أثر ذلك على كتاباتك؟
هناك بالطبع أثر كبير، ومن يتابع كتاباتي، يستطيع أن يميز القصص التي استقيتها من حيفا ودير الأسد، لكن قصصي تسافر إلى أبعد من ذلك، فقد سكنت فترة لا بأس بها في تل أبيب ويافا، بالإضافة إلى أنّني جُلت في العديد من مدن العالم، من خلال دراستي وبعثات خاصّة ورحلات سياحيّة. وكل هذه الأماكن إنعكست في قصصي. وعلى سبيل المثال، روايتي الطويلة الأولى: "مثلث توت الأرض"، أبطالها وأحداثها جرت في منطقة المثلث. أنا أصطاد القصّة أينما كانت ولا أنحاز إلى بلد عن غيرها.
قصتك الأخيرة المخصصة للأطفال، بعنوان "ليلى الحمراء تحكي حكايتها".. كما يبدو من العنوان، هناك شيء جديد عن قصة ليلى الحمراء التي يعرفها الجميع؟
صحيح، لأنّ معظم قصصي للأطفال، تعتمد على إلغاء النّمطيّة والأفكار المسبقة، التي يزرعونها في الأطفال عن وعي وبدون وعي. في هذه القصة، يعرف الطفل أن الذئب ليس شريرًا ولا يختلف عن باقي الحيوانات، كما أنّني لا أحتمل أشكال العنف التي يقدمونها للأطفال، لذلك قمت بصياغة القصّة من جديد ونظّفتها من كل ذلك، مع المحافظة على المقومات الأساسية للقصّة الأصليّة.
ما هو المميز في مجموعتك القصصيّة الجديدة "خبز العسكر"؟
يحضرني الآن المثل القائل "من يأكل من خبز السّلطان يضرب بسيفه" وهذا الكتاب أصدرته على حسابي الخاص، دون أن أكون تابعة لأي سلطان. مع أنّني لم أحارب بأي سيف من سيوف السّلاطين، لا في الماضي ولا في الحاضر، فأنا ثائرة على كلّ الظّالمين، سلاطين كانوا أم حرادين! وفي كتابي الجديد، حاولت بقدر الإمكان أن أعكس بشفافية متناهية تجارب عشتها بنفسي مع الآخرين. ونقلت تجارب الآخرين، مع إضافة صبغة قصصيّة عليها، حتى لا أحرم القارئ من المتعة ولا أعيده إلى الواقع الذي يعيشه يوميًّا بحذافيره.
موضوع الخبز، ورد في أكثر من رواية عالميّة، هل هناك تأثّر بتلك القصص في كتابك الجديد "خبز العسكر"؟
أذكر ثلاث روايات عنونت بالخبز، الأولى للكاتب اللبناني توفيق يوسف عواد، وقد وُفّق في تسمية روايته بـ "الرغيف"، فهي رواية المجاعة والذل الناجم عن الجوع، ورواية الانتفاضة ضد المحتكرين الذين وضعوا ايديهم على القمح والطحين طمعًا بالربح والثروة، بينما عامة الناس يتضورون جوعًا ويتشردون بحثًا عن لقمة ويموتون على الطرق وفي الحقول. أمّا الرواية الثانية فهي "بائعة الخبز" للمؤلف الفرنسي كزافييه دومونتبان، وهي رواية إنسانية، تعبر عن بعض مشاكل الإنسان وتنقل مآسيه، وتبيّن معاناته من ظلم أخيه الإنسان. والأخيرة هي رواية "الخبز الحافي" للكاتب المغربي محمد شكري، تحكي مأساة إنسان انجرف في عالم البؤس، حيث العنف وانتشار الفقر والجوع والجهل والأوبئة، والأكل من المزابل. في كتابي "خبز العسكر" هناك قصّة واحدة تتناول هذا الموضوع وهو الابحار في عالم المزابل، لكن الفقر والجوع والجهل والبؤس، تراه في العديد من قصصي، ولا ينحصر في هذه القصّة فقط بمرارة مضمونها، ومن أجل الصدفة جاء العنوان مشابهًا لعناوين قصص سابقة، وهذا لا ينفي أنّ معظم الذين تناولوا موضوع الخبز، قد عاشوا هذه الحياة البائسة، وقد انعكست في قصصهم، كما حدث معي.
أثَّرَ الحرمان على الكثير من المبدعين، وأنتجوا أعمالا هامة.. هل هذا يعني أن المترفين لا يوجد لديهم مثل هذه الابداعات؟
ربما، ما تقوله صحيح، فأنا لا أعتقد أنّ هناك من يستطيع الكتابة عن البؤس إذا لم يعشه أو لم يره عن قرب. تحضرني تلك القصة الطريفة التي حدثت مع فتاة غنية عندما طلب منها المعلم أن تكتب قصة عن عائلة فقيرة، فكتبت: "كان هناك عائلة فقيرة جدًّا، الأب فقير والأم فقيرة والطباخ فقير والسائق فقير والخدم فقراء والبستانجي فقير ..."
متى واين تكتبين؟
اكتب في كل مكان وزمان حتى وأنا اقود سيارتي وأنا في سريري أو حمّامي، أكتب أحيانا بقلمي وأحيانا على الحاسوب وأحيانا كثيرة فقط في رأسي، فالكتابة تشغلني كل الوقت، وحتى كتب علي أن اقرأ بنهم وأقرأ أضعاف، أضعاف ما اكتب.
بعد أن تختمر القصة لديك، بماذا تهتمين أوّلًا؟
أهتمّ كثيرًا بالتّقنيّات، وأحيانا تأتي التقنية مع الفكرة ذاتها، بعدها أشدد على العناوين الجذّابة والخواتيم القويّة.
ما هو المشروع الأدبي القادم لميسون أسدي؟
أعمل منذ فترة طويلة على رواية جديدة، وموضوعها جديد على الساحة الأدبيّة العربية، وانا ما زلت غارقة بهذا العمل الجديد، أمزج ما أعرفه بما لا أعرفه.
ميسون أسدي
مواليد 7/11/1963 قرية دير الأسد
متزوجة من الفنان اسامة مصري ولها ابنان.
1984- حصلت على اللقب الأول (BA) في موضوع التاريخ والتربية من جامعة حيفا.
1992- حصلت على دبلوم في الصحافة المكتوبة من جامعة تل أبيب.
1994بدأت تعمل كصحفيـّة في جريدة "الاتحاد".
1997- حصلت على اللقب الأول (BA) ثانيةً في العمل الاجتماعي من جامعة حيفا.
2006- حصلت على الماجستير (MA) في موضوع الاتصال من جامعة "كلارك" الأمريكية.
2007- بدأت تعمل على رسالة الدكتوراه في جامعة "بورتسماويث" الإنجليزية لعامين ولكنها توقفت لأسباب خاصة.
تُرجمت بعض قصصها الى اللغتين الانجليزية والعبرية.
حازت على جائزة "العودة" لقصص الأطفال- 2008.
كُرٍمت في مهرجان المرأة العربية في يافا- 2010.
حازت على جائزة تكريمية للقصة الصحفية في موضوع حق العودة 2010.
عضو لجنة التحكيم- في حقل قصص الاطفال- مركز بديل جائزة العودة 2011
حازت على جائزة الإبداع-2011 من وزارة المعارف.