الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:01

مقاطعة إسرائيل لا تحرر أوطاناً/بقلم:د.فايز أبو شمالة

كل العرب
نُشر: 06/06/15 17:44,  حُتلن: 07:18

د. فايز أبو شمالة في مقاله:

رضخ ستيفان ريشار رئيس شركة أورانج واعتذر لنائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالوم عن أقواله التي اعتبر أنها قد فسّرت بصورة خاطئة ولم تفهم في سياقها الصحيح

الاتكال على الآخرين للقيام بواجب تحرير فلسطين وإعفاء أنفسنا من هذه المهمة خطيئة وقع فيها المجلس الوطني الفلسطيني حين دعا الاتحادات البرلمانية الدولية والإقليمية إلى إدانة سريان مفعول القوانين الإسرائيلية التي تقر في الكنيست بشكل تلقائي على المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية

فرح القادة الفلسطينيون وكبر السياسيون حين أعلن رئيس شركة أورانج الفرنسية للاتصالات عن وقف نشاطها التجاري في إسرائيل، وأعلن عن إلغاء العقد مع شركة "بارتنر" الإسرائيلية التي تستخدم اسم "اورانج" وصورتها لتوفير خدماتها في اسرائيل، وفي المستوطنات التي يحسبها القانون الدولي غير شرعية.

وجن جنون قادة إسرائيل، فقرار الشركة صعب على رئيس الوزراء نتانياهو، الذي بادر إلى دعوة الحكومة الفرنسية إلى التنكر العلني لموقف شركة أورانج، ولعملها البائس، ودعا نتانياهو أصدقاء إسرائيل، إلى معارضتهم الواضحة لكافة أنواع المقاطعة لدولة اليهود.
لقد استجابت فرنسا فوراً، وقال وزير خارجيتها فابيوس: من حق رئيس مجموعة أورانج أن يحدد الإستراتيجية التجارية لشركته، ولكن فرنسا تعارض بحزم مقاطعة إسرائيل.
ورضخ ستيفان ريشار رئيس شركة أورانج، واعتذر لنائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالوم عن أقواله، التي اعتبر أنها قد فسّرت بصورة خاطئة ولم تفهم في سياقها الصحيح.

لما سبق من حقائق أزعم أن مقاطعة شركة أورانج لإسرائيل وتراجعها السريع أمام الضغوط يقدم نموذجاً حياً لسياسة المصالح التي تحكم العلاقة بين الدول والشعوب، وهي السياسة التي أبدع فيها الصهاينة بشكل باهر، وفشل فيها الفلسطينيون بشكل فاضح، فالمجتمع الدولي لا تحكمه القيم والمبادئ والمشاعر الإنسانية بمقدار ما تحكمه المنافع اليومية والمصالح الاستراتيجية، لذلك فإن سلاح المقاطعة الذي يعول عليه الفلسطينيون طريقاً لتحرر أرضهم لن يثمر انسحاباً إسرائيلياً من القدس أو الضفة الغربية، وإنما سيشكل في أحسن الأحوال ضغطاً على المجتمع الإسرائيلي ليتحرك في اتجاهين:

الاتجاه الأول: من خلال التأثير على الحكومة الإسرائيلية كي تليين مواقفها السياسية المتشددة، وتتعامل بدبلوماسية أكثر نجاحاً مع المجتمع الدولي الذي ينشد الهدوء والاستقرار في المنطقة.
الاتجاه الثاني: من خلال التأثير غير المباشر على الانتخابات الإسرائيلية في المرحلة القادمة، والهدف من كل ذلك هو العودة إلى مفاوضات غير مضمونة النتائج.
دون ما سبق، فإن مقاطعة الشركات والجامعات والمؤسسات الدولية لإسرائيل لا يحرر وطناً محتلاً، ولا يرفع عن الناس ظلماً، ولا يبعد عن الأرض جرافات المستوطنين الغاصبين، فالمقاطعة الدولية للمنتجات الإسرائيلية التي تنتجها المستوطنات، لا يعني مقاطعة كل ما تنتجه إسرائيل، وكذلك هو الحال مع اتحاد الطلبة البريطانيين الذي انضم لمقاطعي إسرائيل، وطالب بسحب الاستثمارات منها، ورغم أهمية هذا الموقف الطلابي إلا أنه لا يعني قطع العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا وإسرائيل، لأن المساعد الخارجي ينتظر إسناداً داخلياً من الشعب الفلسطيني الذي تغتصب أرضه، إسناد يشعر المجتمع الدولي ان للأرض الفلسطينية صاحب يدافع عنها، ولا ينتظر من الآخرين أن يحاربوا نيابة عنه.
الاتكال على الآخرين للقيام بواجب تحرير فلسطين وإعفاء أنفسنا من هذه المهمة خطيئة وقع فيها المجلس الوطني الفلسطيني، حين دعا الاتحادات البرلمانية الدولية والإقليمية إلى إدانة سريان مفعول القوانين الإسرائيلية التي تقر في الكنيست بشكل تلقائي على المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية، بل ذهب المجلس الوطني الفلسطيني إلى أبعد من ذلك حين حذر الكنيست الإسرائيلي من ان الاستمرار في إقرار هذا القانون، يشكل خطرا كبيرا على العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وخرقا للقوانين والقرارات الدولية.
فعن أي علاقات فلسطينية إسرائيلية يتحدث المجلس الوطني الفلسطيني؟
ولماذا لا يتوجه المجلس الوطني الفلسطيني إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ويطالبها بضرورة وقف التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، عملاً بقرار اللجنة المركزية؟ لماذا تهربون من المواجهة مع إسرائيل، وتلوذون بالآخرين، تناشدونهم أن يواجهوا نيابة عنكم؟ لماذا؟.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.