محللون سياسيون:
داود أوغلو قد يكون أول وأكبر ضحية للموقف الحالي وذلك على عكس الكثير من التوقعات التي أشارت الى احتمال حصول مراجعة داخلية في صفوف الحزب وداخل القصر الرئاسي تفضي إلى تغيير سياسات العدالة والتنمية ومنحه استقلالية أكبر عن أردوغان
أردوغان وضع خطة للفترة المقبلة تقوم على عدة محاور أولها نفي وقوع الهزيمة وإعلان الانتصار لإسكات الأفواه المعارضة داخل الحزب وفي نفس الوقت تحميل الناخب الذي لم يصوت لحزبه مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي
داود أوغلو سيطرق أبواب أحزاب المعارضة الثلاثة من أجل حكومة ائتلافية وفي مقابل شروطها لقبول هذا العرض وسقف توقعاتها المرتفع سيشهر سلاح الأزمة الاقتصادية واحتمال اللجوء للانتخابات المبكرة في وجهها
بعد أن حكم حزب العدالة والتنمية تركيا منفردًا طوال 13 عامًا مضت، صُدم بخسارة الأغلبية البرلمانية التي اعتاد عليها، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو يعيش أوقاتا عصيبة، حيث يضطر لأول مرة للبحث عن شريك يشاطره الحكم.
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو
ورغم الدعم الكامل الذي قدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأوغلو خلال الحملة الانتخابية، إلا أنّه فشل في أول اختبار خاضه كزعيم للحزب وفشل في الحفاظ على أصواته وشعبيته، لكن ردود الفعل الأوليّة التي وردت من داود أوغلو، وبعض قيادات حزب العدالة والتنمية، ووسائل الإعلام المحسوبة عليه، تشير إلى أن الرئيس أردوغان لن يستخلص درسا من نتائج هذه الانتخابات، وأنه لن يستسلم، ولن يرفع يده عن حزب العدالة والتنمية.
وأوردت وسائل الإعلام التركية أيضًا أن داود أوغلو قد يكون أول وأكبر ضحية للموقف الحالي، وذلك على عكس الكثير من التوقعات التي أشارت الى احتمال حصول مراجعة داخلية في صفوف الحزب وداخل القصر الرئاسي تفضي إلى تغيير سياسات العدالة والتنمية، ومنحه استقلالية أكبر عن أردوغان، بعد أن ظهر بشكل واضح أن الشارع التركي يرفض منح أردوغان صلاحيات رئاسية موسعه، وأن تدخله في شؤون الحكومة وفرض سياساته عليها أدى إلى تراجع شعبيتها".
وأوضح محللون أنّ "داود أوغلو خرج، بعد تأخر وتردد أمام جماهير حزبه، ليعلن انتصارا لم يشعر به غيره، وهي خطوة اتخذها بعد الاستشارة مع الرئيس أردوغان كعادته، والهدف قطع الطريق على أي صوت داخل الحزب يطالب بمحاسبة المسؤولين عن تراجع شعبيته، وما آل إليه". وأشاروا أيضًا أنّ:"أردوغان، صاحب الخبرة السياسية، وضع خطة للفترة المقبلة تقوم على عدة محاور، أولها نفي وقوع الهزيمة وإعلان الانتصار لإسكات الأفواه المعارضة داخل الحزب، وفي نفس الوقت تحميل الناخب الذي لم يصوت لحزبه مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي الذي بدأت بوادره تلوح مع إعلان نتائج الانتخابات"، بحسب المحللين، حيث عنونت صحيفة "ستار" الموالية لأردوغان صفحتها الرئيسية بأن "الناخب صوت لعدم الاستقرار".
سيناريوهات الحكومة الائتلافية
وجاء في تقارير صحفية أيضًا أنّ "داود أوغلو سيطرق أبواب أحزاب المعارضة الثلاثة من أجل حكومة ائتلافية، وفي مقابل شروطها لقبول هذا العرض وسقف توقعاتها المرتفع، سيشهر سلاح الأزمة الاقتصادية واحتمال اللجوء للانتخابات المبكرة في وجهها. وسيعمل أردوغان وداود أوغلو على تحميل أحزاب المعارضة مسؤولية عدم تشكيل حكومة خلال الـ45 يوما المقبلة، وهي المهلة الدستورية، وسيسعى للاحتكام إلى انتخابات مبكرة، على أمل أن يستعيد الناخب "وعيه" ويدرك "خطأه" ويعود إلى صوابه، ويدعم الحكومة من أجل الخروج من أزمة اقتصادية على الأبواب، وهو يدرك أن القوة الاقتصادية لأحزاب المعارضة لن تسعفها لحملة انتخابية جديدة، بينما الحزب الحاكم يستخدم إمكانات الدولة. لكن ذلك لن ينقذ داود أوغلو، الذي سيسعى أردوغان لاستبداله بعد ذلك بزعيم جديد للحزب، من أجل امتصاص غضب القيادات التي حملته مسؤولية نتائج الانتخابات".
وتطرق الإعلام التركي المحلي والعالمي إلى السيناريوهات المتوقعة للحكومة الائتلافية، مشيرة إلى أنّها "لا تملك دعائم قوية على الأرض". وأوضحت التقارير أنّ "حزب الحركة القومية حسم أمره برفض الدخول في تحالف مع الحكومة، حسب إعلان زعيمه دولت باهشلي، الذي اعتبر أن ما حصل مؤامرة رتبت لها الحكومة والأكراد من أجل دخول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي للبرلمان وتشريع الحوار التفاوضي بينهما على حل الملف الكردي، متوقعا حكومة ائتلافية تجمعهما معا". حصول ائتلاف كردي مع الحكومة سيزيد من تعقيد الحوار بينهما، على عكس ما يتوقع الكثير، لأن المعارضة القومية واليسارية ستصعد رفضها لهذا الحوار في البرلمان والشارع، ولا يمكن حل القضية الكردية بأغلبية بسيطة في البرلمان، إذ أنها تتطلب توافقا شعبيا كبيرا.
ويبقى الاحتمال الأضعف، بحسب المحللين، وهو ائتلاف يجمع العدالة والتنمية مع غريمه حزب الشعب الجمهوري اليساري الأتاتوركي، خطوة لو جرؤ عليها داود أوغلو، فإنه سيتخلص من خلالها من سطوة أردوغان، وسيفتح المجال لإعادة الحيوية لحزبه بحجة التفاهم مع شريكه الجديد، خصوصا أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيلجدار أوغلو طرح برامج إصلاحية واقتصادية تتطابق تماما مع خط العدالة والتنمية الإصلاحي القديم.