المعارضون يشيرون الى ان بقاء مبارك مدى الحياة لا يخفف من حالة الاحتقان والغموض بشأن المستقبل التي تعيشها البلاد
اعلن الرئيس المصري حسني مبارك امس للمرة الاولى انه سيبقي في منصبه ما دام حيا، في سابقة لم تعرفها مصر منذ اعلان الجمهورية في العام 1953.
وجاء اعلان مبارك (78 عاما) ضمن خطاب سبقه ترويج اعلامي واسع امام مجلسي الشعب والشوري، واكد فيه ما كان اعلنه سابقا من عزمه اجراء تعديل ثان على المادة 76 في الدستور المصري التي تحدد شروط وضوابط الترشيح لرئاسة الجمهورية.
واشار مبارك الى ان التعديل يأتي استكمالا للتعديل السابق الذي كان حدد شروطا اعتبرتها المعارضة المصرية تعجيزية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وهي حصول الاحزاب على خمسة بالمئة من مقاعد البرلمان، وبالنسبة للمستقلين حصولهم على تأييد 250 عضوا في المجالس النيابية والمحلية المنتخبة. وهذه شروط لا يتمتع بها واقعيا سوى الحزب الوطني الحاكم الذي يترأسه مبارك. واشار مبارك الى ان التعديل سيستشرف المستقبل بالنسبة لاحزاب المعارضة باعتبارها المحور الرئيسي للعمل السياسي في البلاد، ولن يكتفي بأوضاعها الحالية. واعتبر مراقبون ان مبارك ينوي تخفيف شروط مشاركة الاحزاب وليس رفعها بالكامل ما قد يعني خفض النسبة المطلوب الحصول عليها لتتمكن من التقدم بمرشح للرئاسة.
وخلا خطاب مبارك من اي اشارة الى تخفيف القيود المفروضة على ترشيح المستقلين، ما يوحي بالابقاء عليها، وهو ما يعتبره فقهاء دستوريون مخالفة واضحة للعديد من المواد في الدستور المصري الذي يكفل الحقوق السياسية المتساوية لكافة المواطنين بما في ذلك الترشح لرئاسة الجمهورية. كما خلا خطاب مبارك من اي اشارة لتعديل المادة 77 في الدستور التي تبقي عدد الفترات الرئاسية مفتوحا، وهو ما سمح لمبارك بالبقاء في الحكم لفترة خامسة.
واعتبر خبراء ان مبارك لا يريد اعادة المادة 77 الى نصها الاصلي الذي كان يحدد فترتين رئاسيتين كحد اقصي لأن ذلك قد يجبره على التنحي، بينما رأى آخرون ان الابقاء عليها يهدف الى السماح لنجل الرئيس الشاب بالبقاء لفترات متعاقبة قد تتحول مصر معها بالفعل الى نظام ملكي وليس جمهوريا.
ويرى معارضون ان مفهوم الرئاسة مدى الحياة هو بمثابة اعلان وفاة للديمقراطية، حيث ان بقاء الرئيس في منصبه يجب ان يكون مرهونا بإرادة الشعب وليس بإرادته الشخصية.
وتساءل آخرون حول مدى المسؤولية الوطنية في هكذا اعلان خاصة مع عدم وجود نائب للرئيس.
وتنص المادة 84 من الدستور المصري على تولي رئيس مجلس الشعب صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حدوث فراغ في منصب الرئيس او اصابته بعجز دائم الا انها لا تحدد مصير الرئاسة في حال تراجع القدرات الصحية او الذهنية للرئيس في حال تقدمه بالسن.
وكانت تكهنات اشارت الى ان الرئيس مبارك قد يتنحي عن الرئاسة عند بلوغه الثمانين من العمر في العام 2008، تاركا المجال امام انتخابات رئاسية جديدة، يشارك فيها نجله جمال مبارك (44 عاما).
الا ان اعلانه امس البقاء في منصبه مدى الحياة ينفي هكذا تكهنات.
وكان خطاب مبارك حظي بتمهيد اعلامي واسع حيث دعا التلفزيون المصري الى ترقب خطاب هام ولكنه جاء خاليا من ملامح التعديلات الدستورية كما جاء خاليا من الاشارة الي تقديم بديل عن قانون الطوارئ الذي تطالب كافة القوي السياسية في مصر بالغائه، ومعها المجلس القومي لحقوق الانسان التابع للدولة. وحذر معارضون من ان استمرار تجاهل المطالب السياسية والشعبية لا يمكن الا ان يدفع البلاد الى حافة المجهول، مشيرين الى ان بقاء مبارك مدى الحياة لا يخفف من حالة الاحتقان والغموض بشأن المستقبل التي تعيشها البلاد.