د.مازن صافي في مقاله:
إنكار (إسرائيل) لمسؤوليتها وعدم قبولها بقرارات الأمم المتحدة وتكريس حكمها العسكري لن يفيد إلا في إبقاء الصراع وتدهور الأمور وصولها إلى لحظة البركان الكبير
المقاطعة الأوروبية والغربية للمنتوجات الإسرائيلية الواردة من المستوطنات وبعض المقاطعات الأكاديمية تعني أن الخطاب الفلسطيني للعالم قد أخذ منحنى ايجابيًا وناضجًا وفي المقابل فان الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بدأ يتراجع
منذ أوسلو انطلق مصطلح " الحل السياسي" وأضاف الفلسطينيون "العادل"، و "تمكين"، و" إقامة" ، ولم يخلو هذا الحل من "القدس عاصمة دولة فلسطين"، وبالتالي فإن النضال الفلسطيني والقبول بالحل السياسي، هو المرادف التطبيقي للانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه عليها، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، التي تسيطر على مواردها وحدودها، وسمائها، وتمارس مسؤولياتها إزاء العلاقات الإقليمية والدولية، وبالتالي يتحقق الهدف الحقيقي من هذا الحل وهو السلم والأمن والاستقرار.
القدس، هي جغرافيا وتاريخ الحق الفلسطيني، وينظر كل فلسطيني وعربي ومسلم ومسيحي للقدس ببالغ الاهتمام، فهي مركز هام وحيوي للأماكن المقدسة، والدينية، ودون أن يكون الجميع مؤهل من موقع الالتزام الحضاري والتاريخي والإنساني والسياسي لوضع النقاط على الحروف، فلن يفيد أي تهويد للقدس والمقدسات أو إغلاق المسجد الأقصى أو نصب الحواجز في مداخل المدينة المعرَّفة في كل العالم أنها مدينة السلام، وللفلسطيني تاريخه العميق فيها، وهي موطن الإسراء في ديننا الإسلامي، وبالتالي لا يمكن القبول بأن تتحول إلى ثكنة عسكرية أو أن تُهمل أو أن تصبح القدس المنسية، وهنا على (إسرائيل) ألا تلجأ إلى تصعيد الوضع في مدينة القدس، وعليها أن تعترف بمسؤولياتها المتراكمة عن المأساة التي حلت بالمدينة المقدسة وباللاجئين الفلسطينيين، وان تعيد الحقوق لأصحابها وتنتهي فصول النكبة التي نتج عنها التشريد والمعاناة داخل الأرض المحتلة أو خارجها في مدارات العالم .
ومن جهة أخرى، فإن إنكار (إسرائيل) لمسؤوليتها وعدم قبولها بقرارات الأمم المتحدة، وتكريس حكمها العسكري، لن يفيد إلا في إبقاء الصراع وتدهور الأمور وصولها إلى لحظة البركان الكبير، ومدينة القدس هي المعنى الحقيقي لثقافة ومفهوم وأفكار السلام، وتحويل هذه الثقافة إلى مفاهيم أخرى، سوف يعقد الصراع.
إن التهديد المستمر ضد القيادة الفلسطينية وضد الرئيس محمود عباس، يعني إعادة سيناريو 2000-2002 وإغراق المنطقة في مفردات بركان لن تفيد معه المعالجات الترقيعية سواء السياسية أو العسكرية، وربما لن يفيد لحظتها حتى التدخل الدولي.
إن المجتمع الدولي، وكل القوى المؤثرة، يجب أن تقول كلمتها، ونتطلع كفلسطينيين إلى نهضة أوروبية شاملة تؤثر في الجمود الأمريكي الذي فشل حتى اللحظة في إنقاذ الواقع السياسي، واستمرت ازدواجيته وسياسة الفيتو ضد الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها الحق في أن تكون فلسطين الدولة الــ194 في الأمم المتحدة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف كافة العمليات العسكرية والاستيطانية والخطوات التصعيدية في القدس، لأن الحل النهائي يبدأ من القدس، ودون القدس لن تفيد الحلول ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي عادل.
إنّ المقاطعة الأوروبية والغربية للمنتوجات الإسرائيلية الواردة من المستوطنات وبعض المقاطعات الأكاديمية، تعني أن الخطاب الفلسطيني للعالم قد أخذ منحنى ايجابيًا وناضجًا، وفي المقابل فان الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بدأ يتراجع، فالعالم أصبح أكثر تطلعا لإنهاء الاحتلال وليس تكريسه، والحفاظ على حقوق الإنسان وليس انتهاكها أو قتل الإنسان نفسه وتشريده وسلبه كرامته.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net