الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 23:02

عندما نخلع رداء القبيلة/ بقلم: مصطفى عبد الفتاح

كل العرب
نُشر: 11/08/15 21:08,  حُتلن: 07:46

مصطفى عبد الفتاح في مقاله: 

نحتكر الحقيقة ولا نعرف منها الا ما نسمع نطلق التصريحات والمواقف دون ان نقف دقيقة لنقرأ ندرس ونتعلم ومن ثم نتكلم نبلور شخصيتنا ورؤيتنا من خلال القيل والقال نتبع اهوائنا دون ان نعي ما نفعل

ليس فينا الا ان نكفر بعضنا ونلغي بعضنا ونعتدي على بعضنا ونخترق حرمة وخصوصيات بعضنا حتى تنشب بيننا الخلافات والصراعات القبلية والطائفية والعرقية التي نغذيها ونرعاها دون ان نعي 

نحن نتاج تربية نحن نتاج عادات وتقاليد نحن نتاج موروث فكري وحضاري كان صالحا ام طالحا وظيفتنا كمجتمع كافراد ان ننقي القمح من الزيوان ان ننظف انفسنا وتاريخنا وحضارتنا من الشوائب

ما زالت ثقافتنا صحراوية مازالت عقليتنا قبلية، ما زالت تصرفاتنا لا تتعدى حدود العائلة، ما زالت الانا تتغلغل في ثنايانا، ما زالت القبيلة هي حامينا وراعينا ومسير حياتنا. ما زال شعارنا الاول "انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب" هكذا يحدث في اقتتالنا البطولي، هكذا نفكر في اعماق عقولنا، اذا لم يكفي ابناء القبيلة في تنفيذ مهمة القتال فبامكاننا ان نستورد اقارب من خارج القرية وتصبح فزعة عرب، وتصبح حربا اهلية كحرب داحس والغبراء او كحرب البسوس، ما زلنا نتلفع بجاهليتنا ناكل بعضنا بعضا على اشياء لا قيمة لها .

نحن شعب له تاريخ وحضارة وتراث اسهم في بناء الحضارة الانسانية جمعاء ولكن تصرفاتنا تقول اننا لسنا شعبا له تاريخ وحضارة وثقافة وتراث، فنحن قبائل وعائلات وافراد لا رايط بينهم. نحن أمّة لها دين ولها امجاد وبطولات في الفتوحات والنهضة بحضارة العالم وإخراجه من الظلمات الى النور، ولكن تصرفاتنا وأفعالنا بل واقعنا يقول اننا مجرد طوائف دينية من سنة الى شيعة الى علويين فدروز ومسيحيين نقتتل فيما بيننا ونكفر بعضنا ويلغي احدنا الاخر باسم احتكار المعرفة المطلقه والحقيقة الساطعة التي لا ينتطح فيها عنزان. فنحن حراس الدين والدنيا ونحن الامرون الناهون باسم الله ورسوله، نفتي ونكفر ونحكم كما نشاء.

نحتكر الحقيقة ولا نعرف منها الا ما نسمع، نطلق التصريحات والمواقف دون ان نقف دقيقة لنقرأ ندرس ونتعلم ومن ثم نتكلم، نبلور شخصيتنا ورؤيتنا من خلال القيل والقال نتبع اهوائنا دون ان نعي ما نفعل.

ها هم التكفيريون والداعشيون يكثرون وينمون يوما بعد يوم ونحن ننكر وجودهم وحتى هم انفسهم لا يعرفون او يتجاهلون انهم داعشيون وتكفيريون ولكنهم يحملون الفكر والمنطق والرؤيا والبوصلة الداعشية والتكفيرية وهم في كل قرية ومدينة وحارة منتشرون، وهم يفرضون وجودهم على كياناتنا يوما بعد يوم ونحن نكنس تحت البساط ونقول اين هم. اغلب ظني ان التكفيريين والداعشيون يبحثون عن الجنة من خلال سيئاتنا لا من خلال حسناتهم، فهم لا يهمهم ان يصلحونا او يعيدونا الى جادة الصواب كما يعتقدون الا بمقدار ما يهمهم ان ينالوا من الحسنات ما يدخلهم الجنة على حسابنا.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "انصر اخاك ظالما او مظلوما " ففهمناها اننا يجب ان ننصر اخانا على الباطل وعلى الظلم والعدوان، وقد قصد ان ننصره على الحق والحقيقة فان كان ظالما نرده وان كان مظلوما ان ننصفه فاين نحن من هذا!؟.

ليس فينا الا ان نكفر بعضنا ونلغي بعضنا ونعتدي على بعضنا ونخترق حرمة وخصوصيات بعضنا حتى تنشب بيننا الخلافات والصراعات القبلية والطائفية والعرقية التي نغذيها ونرعاها دون ان نعي ونفهم ما نقوم به انها جريمة كاملة بحق انفسنا اولا، فنتهم الغرب والمؤامرة وما ادراك انظروا حالنا في جميع البلدان العربية استمعوا الى صرخات الضحايا والابرياء وابكوا ليس على حالهم بل على حالنا.

العنف المستشري في مجتمعاتنا كلنا نعيش في محرقته، لهيبه سيطالنا جميعنا ان لم نتدارك امرنا ونعي حقيقة ما تقترف ايدينا. العنف ليس ظاهرة عرضية ليس وليد اللحظة وليس خيار شخص بعينه، لا يولد الانسان عنيفا او غير عنيف، لا احد في مجتمعنا يستطيع ان يتجنبه لانه ظاهرة مستشرية. العنف نتاج تربية تراكمية نربي اولادنا عليها كنا نعي ونعلم بذلك ام كنا نجهل او نتجاهل ولكنها الحقيقة التي لا نعترف بها. فنتجاهلها ونلقي المسؤولية على غيرنا ونتذرع باي سبب واهي يقنعنا.

ما يحدث في قرانا ومدننا ليس حادثا عارضا وليس وليد صدفة، ما يحدث في كفر مندا من نقاش حول اسم دوار لرمز من رموز امتنا لهو منزلق خطير وعملية اقصاء يجب الوقوف عندها والتمعن في مغزاها ومعانيها، ما حدث في قريتنا ليس عارضا وليس وليد صدفة وليس مجرد خصام بين اثنين وانتهى وهذا يحدث. قريتنا لا تختلف عن اي قرية عربية اخرى بل لا تختلف عن اي دولة عربية اخرى. ان طرح قريتنا وكأنها مختلفة فيه مغالطة هدفها اخفاء الحقيقة والخشية من اظهارها، انها عملية كنس اوساخنا تحت البساط كي لا ينكشف المستور وتظهر الحقيقة التي تحتاج الى علاج جذري والى تضافر الجهود في جميع المؤسسات للنهوض، بإمكاننا ان نكون متميزون اذا كنا واضحين وصريحين.

نحن نتاج تربية، نحن نتاج عادات وتقاليد، نحن نتاج موروث فكري وحضاري كان صالحا ام طالحا وظيفتنا كمجتمع كافراد ان ننقي القمح من الزيوان ان ننظف انفسنا وتاريخنا وحضارتنا من الشوائب التي علقت به على مر السنين، وظيفتنا ان نتعلم ونتثقف وندرس تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا كي نعرف ما نعطي لابنائنا ولا نتركهم كالقشة في مهب الريح، لنرحم انفسنا قليلا ونشفق على الاجيال القادمة كيف ستكون، هل نعي كمجتمع ما نفعل بانفسنا ما نفعل لابنائنا ما نقدمه لهم، شاعرنا الكبير محمود درويش قال، "الهوية هي ما نورث لا مانرث، ما نخترع لا ما نتذكر"، فاين نحن من هذا ؟.

لا احد يحاسب نفسه، لا احد يراجع ذاته، لا احد يريد ان يضع اصبعه على الجرح ويقول تعالوا نداويه. تعالوا ننظر الى ذاتنا في مراة انفسنا ونكون صريحين معها الى اخر الحدود سنعرف عندها حقيقة انفسنا، سنعرف بشاعة ما تقترفه ايدينا. وسنعرف عندها اننا لن نصبح شعبا كباقي الشعوب الا عندما نخلع رداء القبيلة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.