المنحة التي في قلب المحنة/ بقلم: الشيخ ابراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 01/01 12:37,  حُتلن: 07:38

الشيخ ابراهيم صرصور:

أحرار فلسطين سيعرفون كيف يدافعون عن شعبهم رغم موقف العرب المتخاذل والمتواطئ مع إسرائيل وأمريكا

إسرائيل الدموية هي .. هي .. لم تتغير ، ولا أظنها ستتغير ... لو تركت الأفاعي سمها ، وتخلت الثعالب عن خبثها ، والذئاب عن مكرها 

نعم إسرائيل المدمنة على الدم الفلسطيني، ما زالت ترى في أحرار شعب فلسطين العائق الأخير في وجه تحقيق أحلامها التلمودية في هدم الأقصى وإقامة الهيكل وإنجاز المشروع الصهيوني كاملا

تحدي نتنياهو للعالم من خلال تماديه في تنفيذ سياساته الاجرامية في القدس والاقصى ، ومن خلال قراراته تعديل ( أنظمة فتح النار ) على خلفية تعاظم المقاومة السلمية لخطط إسرائيل تجاه الأقصى ، والتي ستسمح لجنود الاحتلال فتح النار على المتظاهرين السلميين ، تدل كلها على انه لا جديد تحت الشمس ...

إسرائيل الدموية هي .. هي .. لم تتغير ، ولا أظنها ستتغير ... لو تركت الأفاعي سمها ، وتخلت الثعالب عن خبثها ، والذئاب عن مكرها ، ما تركت إسرائيل عشقها للدم العربي عموما وللدم الفلسطيني خصوصا .... إنها تَحِنُّ إليه ( كالمدمن ) على المخدرات ... تحتاج إليه لتهدئ النار التي تَلظّى في عروقها ، فلا تهدأ إلا إذا أخذت ( وجبتها ) الكافية من دماء الفلسطينيين ... إنها لا تتسول المال لشراء وجبتها من دم النساء والأطفال والشيوخ ومن مقدرات الشعب المقهور على مدى سبع وستين عاما ، فقد زودها العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما تحتاجه من سلاح للوصول إلى هذا الدم الزكي ، وحماها العالم بكل القرارات السياسية وعلى رأسها الفيتو لتسهيل مهمة الولوغ في الدم الفلسطيني دون عوائق ، وضخ في عروقها الصدئة ترليونات الدولارات منذ قيامها حتى تقوى على تنفيذ مخططاتها بكل يسر ...

نعم إسرائيل المدمنة على الدم الفلسطيني، ما زالت ترى في أحرار شعب فلسطين العائق الأخير في وجه تحقيق أحلامها التلمودية في هدم الأقصى وإقامة الهيكل وإنجاز المشروع الصهيوني كاملا ، بعد أن استسلم لها العالم العربي والإسلامي ، وانحاز إليها العالم الغربي والشرقي ، وعليه لا بد من القضاء على هذا الشعب، أو على الأقل لا بد من القضاء على قوى الممانعة والمقاومة فيه ، حتى ينضم هو الآخر إلى جوقة ( المرعوبين ) خوفا وَفَرقاَ من قوة ( الردع ) الإسرائيلية التي ( مَرْمَغَت ) حماس انفها في التراب في حروبها على غزة في السنوات الأخيرة ...

أما الأمة العربية والإسلامية أنظمةً وإلى حد كبير أكثرية شعوبها ، فهي أيضا لم تتغير ... فهي ... هي ... ذلا ومهانة واستسلاما وخضوعا وفرقة وضعفا وتخلفا وهزيمة ، رغم مرور أكثر من ستة عقود على نكبة فلسطين ، ورغم التحولات الجذرية التي حدثت في حياتها ، والعمليات التجميلية التي مَرَّ بها مِبْضَعُ الحداثة والمدنية على وجهها الشائه ...

ارتفعت على أرضها الشاسعة العمائر الشاهقة ، والفنادق الفارهة ... وانسابت على وجهها ( الاوتوسترادات ) الواسعة ، وتحركت على سطحها المركبات شبه الفضائية ، وامتلأت خزائنها بمال النفط وعوائده التي أصبح معها ما وصف القرآن الكريم من خزائن قارون ( صفرا على الشمال ) ...

شيء واحد لم تحصل عليه الأمة في خضم هذا التطور المتسارع الذي أبقى امتنا العربية الأكثر تخلفا وفقرا وجهلا حسب أكثر التقارير العالمية والمحلية تفاؤلا ، أنها الكرامة ... الغيرة ... الشعور بالمسؤولية الجماعية ... الشعور بالأخوة العربية والإسلامية التي تجعل الأمة جسدا واحدا ، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ... الإحساس ... الحياء من الله ومن الضحايا الممزقة ... ( فزْعَة ) الجاهلية الأولى ...

لم يعد هنالك في أنظمة الأمة شيء من هذا ... لقد ( طق شِرْشُ الحياء ) فيها ، حتى عادت كالعرجون القديم ... تبلد فيها الشعور ، وانعدم فيها الإحساس ، وقست فيها القلوب فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، وأصبحت فيها الزعامات كالخُشُبِ المُسَنَّدَة ، وسيطرت فيها عصابات ( الرُوَيبِضَة ) وهي كما وصفهم الرسول وهو يتحدث عن أعراض المرض في حياة الأمة في آخر الزمان : أسافل الناس يتحدثون في أمر العامة!!! ...

فلسطين غزةً وضفةً وقدساً تُذْبَح من الوريد إلى الوريد أمام سمع وبصر زعماء العرب والمسلمين وشعوبها ... مظاهرات تجتاح كل مكان ... مطالبات من كل أحرار العالم بوقف انتهاكات إسرائيل .. منطقة واحدة في العالم تعيش حالة موت سريري الا من اشارات حياة ضعيفة تنبعث من هنا وهناك ... إنها العالم العربي والإسلامي ... فوق عجزه الظاهر فهو لا يسمح لقواه الحية ان تخرج للتعبير عن نفسها ، وان هي فعلت ووجهت بالرصاص وبالهراوات وبعنف الأجهزة الأمنية المفرط ، حتى أن فلسطين ( الضفة ) لم تنج من هذا المرض ، حيث رأينا أجهزة امن ( دايتون ) التابعة لسلطة رام الله تنقص بكل الوحشية على متظاهرين في بيت لحم وغيرها خرجوا للتعبير عن تضامنهم مع الأقصى والقدس ، ورفضهم للسكوت الفلسطيني والعربي على ما يحدث . لقد التقى النظام الرسمي العربي ومنه الفلسطيني مع إسرائيل والغرب على استئصال كل فصيل حر ، واسكات كل صوت شامخ ، ومحاصرة كل قوة ما زالت تحمل جذوة الكفاح في وجه الطغيان الإسرائيلي حتى الموت ( مصر وجرائمها ضد دعاة الحرية والكرامة وضد المقاومة في غزة كنموذج ) ..

ما هي هذه الخطوط الحمراء التي حددها النظام العربي الرسمي على ألسنة رؤسائه وزعمائه : لا لفتح معبر رفح حتى يعود أزلام رام الله إليه ، وحتى تعود السيطرة لإسرائيل والاتحاد الأوروبي حسب اتفاقية المعبر 2005 ... لا لسلطة حماس حتى وإن جاءت عبر صناديق الاقتراع وانتخابات ديمقراطية ( تمتاز بها مصر طبعا !!! ) ... نعم لحصار غزة وتجويع أهلها حتى تسقط حكومة حماس وتذهب إلى الجحيم ... نعم لاستمرار الغزو الإسرائيلي الوحشي حتى يحقق أهدافه في إزالة حماس عن الوجود ، ومواجهته على استحياء رفعا للعتب من خلال مناشدة مجلس الأمن ( الذي تعود على إنصافنا !!!!! ) ، التدخل لوقف انتهاكات اسرائيل ... لا لوجود سلطة إسلامية في غزة على حدود مصر العروبة والإسلام ، ونعم لوجود إسرائيل الصهيونية على حدودها ... لا لأي اتفاق مع حماس على اعتبارها جهة غير شرعية ، ونعم لاتفاقيات الذل مع إسرائيل ولو على حساب الكرامة المصرية والمصلحة العربية ...

اما القدس والاقصى فآخر ما يفكر به هؤلاء ، حيث بلغ سكوتهم وعجزهم امام جرائم إسرائيل فيها حدا بدأنا معه نؤمن ان هذا النظام العربي – الا من رحم الله - شريك لإسرائيل في خططها ، وحريص على ان تنجز مشروعها على كامل فلسطين التاريخية ، والانتهاء بهذا من ( وجع الرأس ) الذي اسمه فلسطين ، التي صدعت رؤوسهم واقضت مضاجعهم وفضحتهم امام الاحرار من شعوبهم ..

أصبح واضحا ان أهداف النظام العربي الرسمي - الذي نعلن البراءة منه - متفقة تماما مع أهداف الاحتلال الإسرائيلي وأهداف دول الاستكبار العالمي ، في إزالة من يسمونهم ( بالظلاميين ) الإسلاميين ، لكن هدفهم هذا لن يتحقق أبدا ... استمرار الحصار الاسرائيل – المصري – العباسي لقطاع غزة لن يضمن لأحد هدوء القطاع ، ولن يعفي الأنظمة العربية من وجع الرأس الذي تسببه حماس والإسلاميون لهم على طول البلاد العربية وعرضها ... وسيبقى الإسلاميون أمل الأمة في الخلاص من أعدائها في الداخل والخارج مهما طال الزمن ومهما طالت ليالي الظلم ... إسرائيل تعي تماما أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رقم ، وإنما هي نبض شعب وهوية أمة ...

أحرار فلسطين سيعرفون كيف يدافعون عن شعبهم ، رغم موقف العرب المتخاذل والمتواطئ مع إسرائيل وأمريكا ، ولكن يبقى هنالك السؤال المحير : هل سيدفع العرب الحذاء الإسرائيلي والأمريكي المرفوع على رؤوسهم والمندفع نحو وجوههم ، أم سيلعقونه شاكرين كما هو الحال معهم في هذا الزمان الأغبر ؟؟!!!!

أما بالنسبة للإسلاميين فسيبقى حذائهم فوق رؤوس الطغاة من كل ملة ، وسيمضون في طريق الكفاح حتى ينجز الله ما وعد : النصر والتمكين ، ولا أقل من ذلك ... عندها سيعلم الظلمة أي منقلب ينقلبون ...

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 


تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة