فادي أبو بكر في مقاله:
اليوم نحن نعيش في زمن اختفى فيه الخجل من الوطن اختفى فيه معاني الصمود والانتماء الحب والعطاء
بعض رجال الأعمال الفلسطينيين باتوا يخافون على مصالحهم في حال اندلعت انتفاضة ثالثة مثلاً ومنهم من بدأ فعلاً بتصفية أعماله ليهاجر خارج الوطن
لا أقول سوى أننا نحتاج إلى يوم وطني للنظافة لتنظيف بلادنا من أولئك الأوغاد القوادين الذين يتعاملون مع فلسطين وكأنها عاهرة تدر عليهم الأموال
الهجرة هي كلمة ذات مغزى سلبي بالنسبة للفلسطينيين إذ تعني الرحيل عن الوطن وتُذكرهم بنكبة 1948، الكارثة الكبرى في تاريخ الفلسطينيين. منذ عام 1967 طور الفلسطينيون أسطورة مضادة اسمها "الصمود"، أي التشبث بالأرض الذي يلازم أسطورة العودة.
اليوم نحن نعيش في زمن اختفى فيه الخجل من الوطن، اختفى فيه معاني الصمود والانتماء ، الحب والعطاء . فالشبان يتحدثون علانية عن رغبتهم بالهجرة، والبحث عن مكان رزق محترم ومستقبل شخصي أفضل. ولكن ليس ذنب الشباب أن يتحدثوا بهذه النبرة، فرجال الأعمال والمقتدرين والمنتفعين من وراء استثماراتهم في هذه البلد شجعوا هذه النبرة، فهم يهربون إن قلت أموالهم ولو قرشاً واحداً، فلماذا نلوم الشاب الذي لا حاضر ولا مستقبل أمامه؟ لماذا نلومه ورجال الأعمال وأصحاب المال لا ينظرون له ولا يكترثون لأمره؟
بعد تصريح الرئيس محمود عباس الأخير، والذي شكل قنبلة موقوتة تخوف منها كل الأطراف ذات العلاقة بالمنطقة، يبدو أن التخوف بات فلسطينياً أيضاً! فبعض رجال الأعمال الفلسطينيين باتوا يخافون على مصالحهم في حال اندلعت انتفاضة ثالثة مثلاً، ومنهم من بدأ فعلاً بتصفية أعماله ليهاجر خارج الوطن.
بالواقع هناك نسبة لا يستهان بها من أولئك الذين يرون في فلسطين فندقاً يلجأون له عندما يكون الوضع في رخاء واستقرار ، ويغادرونه متى تسوء الخدمة وتضطرب الأوضاع.
هم لا يزورون فلسطين طبعاً حباً وشوقاً لوطنهم ومسقط رأسهم، بل لأن فلسطين تعتبر في طور النمو الاقتصادي، والاستثمار فيها مربح بشكل مخيف، فهي بالنسبة لهم تحولت إلى بلاد الفرص.
السلطة الفلسطينية للأسف شجعتهم على هذه النظرة لفلسطين، فهم يصولون ويجولون، ولا يقدمون واجبهم بالشكل المطلوب تجاه وطنهم، وعلى السلطة أن تكون أكثر حزماً معهم، وأن تفرض عليهم ضرائب كتلك التي فرضتها جامعة الدول العربية عام 1948 على الدول العربية والتي عرفت "بضريبة فلسطين" .
إن أولئك المنتفعين يدعون الوطنية ، فتراهم في بعض المناسبات يقدمون معونات رمزية لا تكاد تصل الفتات نسبةً لأرباحهم الضخمة ، ويتبجحون بقولهم أننا ندعم صمود أبناء شعبنا !! وفي الواقع إن أبناء هذا الشعب صامدون بانتمائهم وحبهم للوطن، على عكسهم صامدين بأموالهم ، فإن قلت قرشاً ودعوا الوطن وطاروا إلى بلاد أخرى.
لا أقول سوى أننا نحتاج إلى يوم وطني للنظافة لتنظيف بلادنا من أولئك الأوغاد القوادين الذين يتعاملون مع فلسطين وكأنها عاهرة تدر عليهم الأموال ..!!
تحل الذكرى الخامسة والأربعون على رحيل الزعيم جمال عبد الناصر .. القائد والمعلم الذي قدم أسمى آيات الإخلاص والانتماء لوطننا العربي ...... وفي هذه المناسبة أستذكر قول الزعيم الراحل: " اللهم أعطنا القوة، لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية، والضعفاء لا يخلقون الكرامة، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء".
فمتى يا ترى ندرك هذه القوة لنغير وننظف بلادنا من ضعفاء النفوس حتى نخطو ونتقدم إلى الأمام؟!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net