الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 03:02

ليدي- جهينة نمارنة من طرعان: شبابنا يبحثون عن الإثارة في الكحول والسّموم

ليدي كل العرب
نُشر: 01/10/15 17:16,  حُتلن: 19:37

جهينة بدر نمارنة:

مجتمعنا مركّب :الدين، التعليم التحرّر والانفتاح

في المجتمع العربي : 11% يتعاطون الكنابيس من طلاب صفوف العواشر و 8% الكحول من طلاب السوادس والتواسع

أنا شخصيا أومن أنّ المدمن لا يختار أن يكون مدمنا، لأن الإدمان هو مرض مخيف، يحتاج إلى تجنيد العديد من الطاقات والدعم كي يتغلب المريض عليها

الفتيان في جيل المراهقة ينشغلون في البحث عن هويّتهم الشخصية، هذا الأمر يجعلهم عرضة للبحث عن الإثارة، تجريب أمور جديدة، ومحاولة كسر الحدود

 الذكور بطبعهم أكثر عرضة للخطر من الإناث، حيث أنّهم يميلون للتعبير عن صعوباتهم من خلال التصرفات الظاهريّة، كما أنّهم أكثر انفتاحا لتبني تجارب جديدة.

ليدي- شقّت جهينة بدر- نمارنة، طريقها بنجاح واعتمدت على القيم التي ترعرعت عليها فاكتسبتها وحوّلتها إلى جزء من ذاتها. تفهم الأمور التي تدور من حولها لكنها تخاف ألا تفهم من قبل الاخرين كما يجب. تعمل جهينه بدر في مهنة تعرف أنّها من أصعب المهن لكنّها قررت أن تعمل من أجل الآخرين وتوجيههم وانقاذهم اذا اقتضت الحاجة.


جهينة بدر نمارنة

تعتبر من الرائدات في مجالها، تتحدث بإسهاب عن عملها، تترك الانطباع انها قائدة من الدرجة الاولى وتعمل بمهنية تامة وهي تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها. بالإضافة الى كل هذا فهي ام تربي اولادًا، وزوجة تعتز بأهلها والدور الذي تلعبه لخدمة المجتمع الذي تعيش فيه.

ليدي: عرفينا على نفسك؟
جهينة: جهينة بدر، أم الطفل جود ابن السنتين ومتزوّجة من يوسف نمارنة. ولدت في بلدة طرعان في الجليل الأسفل، لعائلة صغيرة مكونة من أبي مهندس كهربائي، أمي مسؤولة الحسابات، أخواتي الثلاث وأخي. أنهيت لقبي الأول في العمل الاجتماعي سنة 2006 لأعود السنة إلى مقاعد الدراسة لدراسة اللقب الثاني في العمل الاجتماعي في مسار "القيادة والتغيير الاجتماعي" في قسم العمل الاجتماعي في جامعة حيفا. بدأت العمل كموجّهة ميدانية للفتيان في ضائقة في حيفا ومن ثمّ انتقلت للعمل في جامعة حيفا كمستشارة للطلاب العرب في قسم الاستشارة الأكاديميّة والشخصية، وفي نفس الوقت بدأت عملي كمركّزة لمجال الوقاية والتثقيف في سلطة مكافحة المخدرات والكحول البلدية.

ليدي: ما هي طبيعة عملك؟
جهينة: نائبة المديرة في سلطة مكافحة المخدّرات والكحول البلدية في حيفا، وظيفتي مركبة تشمل داخلها: ادارة ميزانيات القسم، استيعاب وتأهيل العمّال، إدارة مجال تدريب الأهل والاختصاصيين، إدارة العمل مع المجتمع العربي في حيفا. في اطار مهامي أحتاج لمواكبة وفهم التغييرات المجتمعية، تنوّع واختلاف أنواع وطرق استهلاك السموم، وكذلك أعمل على ملاءمة المضامين للمجموعات التي يتم التعامل معها، تركيز، توجيه ورشات وتقديم محاضرات.

ليدي: بعد سنوات من التخطيط والعمل هل تستطيعين القول إنّ مهمتك نجحت؟
جهينة: لقد ترعرعت على مجموعة من القيم التي لا زلت أؤمن واحافظ عليها حتى الآن، حيث أنّني اعتبر نجاحي بفضلها وهي: الصدق، الأمانة، العطاء الخالص، المساواة في التعامل، اللا فوقيّة، الدقة والمهنيّة. أنا أؤمن أنّ التزامي بهذه القيم هو السبب الذي جعلني أحصل على لقب العاملة المتميّزة في مجالي قطريا لسنة 2013.

في مجالنا تصعب عملية التقييم، إلّا أنّه على الرغم من ذلك يمكننا احيانا أن نشير إلى بعض المحطات التي تجعلنا نعترف أمام أنفسنا بنجاحنا. في بداية عملي الحالي واجهت العديد من الصعوبات إن كان ذلك أمام الأجسام (المنظومات) الرسميّة وكذلك أيضا أمام مجتمعي العربي.

لم تشأ المنظومات بالتعاون فكان من الصعب توظيفها وضمّها في بعثات حول مجال مكافحة المخدرات والكحول، هذه الصعوبة كانت تنبع من خوف اعضائها وقلقهم من الخوض بموضوع مركّب، شائك، غير مألوف وليس جذّابا. أمّا أفراد مجتمعي فقد شكّكوا بأسباب ومصادر الميزانيات التي كرّستها الحكومة للفعاليات الشبابية، وبعضهم ظنّ أنّ نيتي هي الوشاية على أبناء مجتمعي وتوريطهم بتهم جنائية لدى الشرطة.

اليوم أستطيع القول أنّ أحد أهمّ الإنجازات التي حققتها هو بناء شراكات مهنية واسعة تضم كافّة المنظومات التابعة للبلدية وتعنى بالفتيان، الشباب، والمهنيين في حيفا. علاقاتي مع السكّان والناشطين الاجتماعيين يعتمد بالأساس على الثقة والمسؤولية المتبادلة.

في الماضي كان من الصعب علي التواصل مع رجال الدين: الكهنة والشيوخ، بينما في الفترة الأخيرة بدأنا على توطيد وتمكين طرق عمل تعاونية، ونأمل أن نحصل على نتائج مهنية ذات طابع شراكة حقيقية في القريب العاجل.

ليدي: عملك فيه التحديات والمخاطر، ألا تخافين؟
جهينة: لا شك أنّ التحديات كثيرة وكبيرة، وقد يرافق الانسان الخوف احيانا في مسيرته المهنية، لكنه ناجم من دافع الرغبة الجامحة لإتمام المهام كما يرام. القلق الرئيسي الذي يرافقني، هو خوفي من عدم فهمي بصورة سليمة ودقيقة. لأن المحادثات والحوارات التي يعتمد عليها عملنا هي حوارات دقيقة تختلف من فرد لآخر، فمثلا محادثات مع الشباب تختلف عن المحادثات مع الشابّات، وكذلك الأمر فأنّ المحادثات مع الأبناء بعيدة كل البعد عن المحادثات القائمة مع الأهل.

مجتمعنا مجتمع مركّب جدّا: الدين، التعليم، التربية المدنية مقابل القروية، الوضع الأكاديمي، التحرّر والانفتاح وإلى أخره. ولذلك فأنا أعمل جاهدة دائما على ملائمة نفسي مع خصوصيات كل فئة من فئات الهدف التي اعمل معها.

ليدي: لماذا يلجأ الشاب في مجتمعنا لتعاطي الكحول والمخدرات؟
جهينة: سأتطرّق أولا إلى المعطيات والمعلومات التي تخص المجتمع العربي على صعيد قطري حول استخدامات المخدرات والكحول:
- نلاحظ ارتفاعا في تعاطي الكنابيس بين السنوات 2011- 2014 عند طلاب صفوف العواشر في المجتمع العربي. سنة 2011 كنا نتحدث عن 9.7%، وفي البحث الاخير سنة 2014 نتكلم عن 11%.
- اما بالنسبة لموضوع "السُكر"(الكحول) نلاحظ هبوط في النسب من 9.1 % سنة 2011 الى 8% سنة 2014. المعطى يتطرق الى طلاب سوادس، تواسع وعواشر في المجتمع العربي.

اذا اردنا الانتقال إلى اسباب استهلاك السموم، عندها من الهام أن نشير إلى أنّ الفتيان في جيل المراهقة ينشغلون في البحث عن هويّتهم الشخصية، هذا الأمر يجعلهم عرضة للبحث عن الإثارة، تجريب أمور جديدة، ومحاولة كسر الحدود. طبعا كسر الحدود يأتي من خلال عدم الإصغاء والالتزام بنصائح الأهل، تجريب "مواد" جديد وممنوعة كالسموم والكحول، لذا فإنّ التعاطي الأول ليس من الضروري أن يدل على حالة مرضيّة وإنّما يمكن اعتبارها مجرد تصرّف يحاول من خلاله الشاب استكشاف بيئته وتجريب عينيّ فقط.

بالطبع فإنّ هناك اسباب أخرى تدلّ على حاجة المريض / المستخدم للعلاج:
1. شخصية – ضائقة نفسية، حالات ضاغطة، علاج ذاتي.
2. اجتماعية بيئية: ضغط جماعي، توفر السم، التساهل في القيم.
3. عائلية: أزمات، خلل بدور الاهل، استعمال السموم من قبل احد أفراد العائلة، العنف بداخل العائلة، استغلال جنسي/جسدي في فترة الطفولة.
4. نفسيّة: مشاكل سلوكية، مشاكل حركة وتركيز (ADHD)، مشاكل مزاجيَة، اكتئاب، خوف، انتحار، صدمات نفسية، اضطرابات في الأكل.



ليدي: هل تعتقدين ان هنالك مؤسسات تقوم بواجبها لمنع تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا؟
جهينة: باستطاعتي الحديث حول مدينة حيفا تحديدا، فيها كما ذكرت سابقا أنا أحظى بتعاون كل العوامل والأجسام المحليّة، كالمؤسسات البلديّة والجمعيات الجماهيريّة والأهليّة. قسم ليس بقليل من أبناء مجتمعنا العربي يؤمن أنّ تفشّي ظاهرة تجارة وإدمان المخدرات والكحول به يصبّان في مصالح الدولة، إلّا أنّني ارى الامر مغايرا، حيث انّ الدولة تدرك أنّ " تفّاحة فاسدة ستفسد كل الصندوق" حيث أنّ تعاطي ابناء المجتمع العربي للكحول من شأنه أن ينتشر بين ابناء المجتمع اليهودي، لأنّه من الواضح أنّ التعايش يتم في مجال السموم وعالم الإجرام.

تمتاز النساء ببعض الصفات التي تميّزهن عن الرجال، فإنّ بعض من هذه الصفات تقدمني وتفيدني في عملي، مثلا: فهم الصورة الشمولية للحالة بتعقيداتها، الاستيعاب والتحليل، تعدّدية المهام وتوزيع التركيز، القدرة على الموازنة بين الحياة الشخصية والعمل، القدرة على الدعم العاطفي دون الانتقاص من المهنية، قدرة التواصل مع الأفراد بتنوّعهم، الرجال، النساء، الأطفال والفتيان.

أعتقد أنّ كوني امرأة ساعدني على التقدّم في وظيفتي وعملي، وأنا فخورة جدّا بكوني عربية في هذا المنصب.

ليدي: الانسان المدمن.. كيف يؤثر ذلك على حياته الذاتية وعلى عائلته ؟
جهينة: لدينا نظرتان مختلفتان تماما لموضوع الإدمان، الاولى ترى بالمدمن كمذنب، وبالتالي تنادي بالعمل على المستوى القسري الذي يعني رفع حملات الاعتقالات والحاق العقوبات. بينما النظرة الأخرى ترى بالمدمن كمريض مزمن لا يملك السيطرة على مرضه، لذلك فإنّها تناشد بالمرافقة العاطفية، العلاج، اعادة التأهيل وملاءمة الأطر العلاجية.

أنا شخصيا أومن أنّ المدمن لا يختار أن يكون مدمنا، لأن الإدمان هو مرض مخيف، يحتاج إلى تجنيد العديد من الطاقات والدعم كي يتغلب المريض عليها. من الهام جدّا ملاءمة أطر علاجية وتأهيليّة للمجتمع العربي كي تجيب على خصوصياتنا التربوية والحضارية. للأسف حتى اللآن نحن لا نزال نعالج المدمنين بطرق ونظريات غربية لا تلائم المجتمع الشرقي العربي بشكل تام. مثلا، بحسب النظرية الغربية العمل مع المدمن يقتضي تدعيمه وفصله بنفس الوقت عن البيئة، الاستقلالية، والاعتماد على النفس. بينما نحن في مجتمعنا العربي نتربّى على قيم حضارية تشدّد على ارتباط الفرد بالعائلة الموسّعة، وأهميّة الدعم العائلي، عدم الاستقلالية التامة، لذا عندما يصل المدمن إلى مرحلة العلاج والتأهيل فإنّه يجد نفسه بين عالمين ،ما يقلل من نسب واحتمالات نجاح العلاج والتأهيل.

مجال مؤلم آخر هو النساء المدمنات، تظهر الأبحاث انّ غالبية النساء المدمنات كنّ قد مررن باعتداء جنسي في صغرهن الأمر الذي جعلهنّ يلجأن للمخدّرات –كمخدّر ومهدّئ للذاكرة، الصدمة، والحالة العاطفية المرافقة لها-، في السنوات الثلاث الأخيرة تجد مسارا جديدا في ملاءمة أطر لنساء مدمنات يفرض تشغيل مهنيّات من النّساء: طبيبة عامة، طبيبة نسائية، عاملة اجتماعية، مدرّبة، موجّهة للأمومة، وكذلك كل هذا من أجل منع إعادة تذكّر الصدمة لدى المدمنة الأمر الذي من شأنه أن يتفاقم في بيئة ذكورية.

للأسف مجال النساء المدمنات لم يدخل حتى الآن في حيّز وعينا العربي، حيث أنّنا نميل إلى تذنيب المرأة القريبة في أطر الزّنى ونعتبر أنّ على المقربين التخلص منها حفاظا على شرف العائلة، أي أننا ننادي بقتلها. أنا أتمنّى أن نتعلّم لنتفهم الضائقة العظيمة التي تمر بها تلك النسوة وكذلك أن نمدّ لهنّ يد العون.

ليدي: هل هنالك حلول لمنع هذه الظواهر في مجتمعنا؟ ماذا تنصحين الاهل لمنع امكانية انزلاق اولادهم نحو الهاوية؟
جهينة: لنقوم بحصر هذه الظاهرة في مجتمعنا حتى الحد منها، نحن بحاجة إلى التقليل من مدى الخطر من خلال رفع التدعيمات والوقاية ..

ليدي: إذا ماذا علينا أن نعمل كي نرفع الوقاية الشخصية لشبابنا وشابّاتنا؟
جهينة: على الصعيد الشخصي: تطوير مهارات شخصية، مثل: التعامل مع حالات التوتر والضغط، استراتيجية التفكير وايجاد الحلول، رفع الثقة بالنفس والشعور بالأمان، تقويم الذات واحترامها، قيم رفض المخدّرات والكحول والإجرام، الاشتراك بحملات وفعاليات المكافحة، التعلّم حول تأثيرات وأضرار السموم، معرفة اقسام ومنظومات المساعدة الجماهيرية، التوجه إلى الاستشارات المهنية في لحظات الإحباطات والانكسارات، وكذلك رفع الوعي لمدى الخطورة الخاصة لدى ابناء المدمنين.

على الصعيد العائلي: منظومة علاقات تعتمد على مستوى مرتفع من الدعم والتقدير، منظومة توقّعات منطقية حول تحصيلات الأبناء، حدود واضحة، اهتمام وتقرّب من عالم الأطفال، تقاسم المسؤوليات والمهام بين جميع افراد الأسرة، مواقف واضحة وقاطعة للأهل حول تعاطي المخدرات والكحول، وقضاء الأوقات معا.

على صعيد البيئة، تعريف لأنماط التصرفات المقبولة، بيئة رافضة لاستخدام السموم، وجود منظومات وأجسام داعمة في المجتمع، نشاطات اجتماعية يقظة، تواصل وتعاون مع المؤسسات التنفيذيّة للقوانين، نقد وتحشيد اجتماعي ضد تصرفات شاذة ومرفوضة، متابعة قانونية فعالة ضد المخالفين للقوانين برمّتها، تصرف مباشر لوسائل الإتصال تجاه السموم والمخدرات وتسليط الضوء على مساعي المكافحة، وبث قيم مناهضة لتعاطي المخدرات، التعاون لتوظيف موارد بيئية بمنع استخدام الكحول.

ليدي: من اقرب للانخراط في هذه الدوامة - دوامة المخدرات والسموم ، الفتاة ام الشاب ولماذا؟
جهينة: الذكور بطبعهم أكثر عرضة للخطر من الإناث، حيث أنّهم يميلون للتعبير عن صعوباتهم من خلال التصرفات الظاهريّة، كما أنّهم أكثر انفتاحا لتبني تجارب جديدة. أضف إلى ذلك أننا كمجتمع عربي نبدي تساهلا أكبر أمام اخطاء الذكور مقابل أخطاء الإناث، فإن أقدم الشاب على إدمان المخدرات والكحول فإنّنا نحتويه ونحتضنه فنقوم بتوجيهه إلى مراكز اعادة التأهيل، فيكون بعد هذه المرحلة مؤهلا للزواج واتمام مسيرة حياته بسلاسة، بينما إن قامت المرأة بإدمان المخدرات والكحول فإنّ نهايتها لن تكون بهذه النغمة المتفائلة وإنّما من شأنها أن تعامل على سلّم مغاير تماما يتضمّن التهديد بالقتل او حتّى القتل الفعلي على خلفية "شرف العائلة". 

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.75
USD
3.95
EUR
4.76
GBP
336787.31
BTC
0.52
CNY
.