علي حمادة في مقاله:
كشف التدخل الروسي في سوريا هشاشة الموقف الأميركي الذي تجلى من خلال مواقف الرئيس باراك اوباما
ليس سرا ان الذريعة التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشن حربه في سوريا تهدف اولا الى انقاذ نظام بشار الاسد المتهالك عبر ضرب المعارضة السورية المسلحة
محاربة "داعش" تمثل آخر بند على جدول اعمال بوتين في حربه السورية فإنقاذ النظام من الانهيار المحتوم بمحاولة القضاء على المعارضة المسلحة التي تحاصر قوات بشار والايرانيين وميليشياتهم يبقى الهدف الاساس
كشف التدخل الروسي في سوريا هشاشة الموقف الأميركي الذي تجلى من خلال مواقف الرئيس باراك اوباما. ففي مقابل التقدم الروسي على ارض الشرق الاوسط بالحرب المباشرة، ينكفئ الاميركيون من دون ان تكون لديهم اي خطط سوى التفرج على الامر الواقع الروسي.
وليس سرا ان الذريعة التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشن حربه في سوريا تهدف اولا الى انقاذ نظام بشار الاسد المتهالك، عبر ضرب المعارضة السورية المسلحة التي تجد نفسها اليوم في مواجهة "الحلف الرباعي" الذي تقوده روسيا ويضم ايران، العراق وبشار الاسد، وفي الوقت عينه في مواجهة تنظيم "داعش" الذي تقاسم الادوار مع الايرانيين وبشار على مدى عامين كاملين بتقاطع حرب الطرفين ضد المعارضة.
إذاً المعارضة السورية وتضم فصائل متنوعة اسلامية وعلمانية تواجه تحالفا دولياً - اقليمياً - محلياً على مسرح العمليات، في الوقت الذي تنكفئ القوى الداعمة لها في الاقليم بفعل انشغالها بالحرب في اليمن، ودوليا بفعل سياسة الرئيس الاميركي باراك اوباما المتواطئة مع القوى الراغبة والعاملة بقوة للابقاء على بشار. والنتيجة ان بوتين يعود بروسيا وهي في اضعف مراحلها اقتصاديا، الى مسرح الشرق الاوسط من البوابة السورية، ويلقن اوباما درساً ثميناً في كيفية التزام دعم الحلفاء!
إن محاربة "داعش" تمثل آخر بند على جدول اعمال بوتين في حربه السورية. فإنقاذ النظام من الانهيار المحتوم، بمحاولة القضاء على المعارضة المسلحة التي تحاصر قوات بشار والايرانيين وميليشياتهم يبقى الهدف الاساس. وفي حال تحقيق اهدافه مع استقدام قوات ايرانية الى سوريا للانضمام الى ميليشيا "حزب الله"، ينتقل الى ما يسميه "الحل السياسي" بشروط "الحلف الرباعي" بالجمع بين نظام بشار من جهة، و"معارضة النظام" المدجنة.
بناء على تقدم ان فلاديمير بوتين غير مهتم اليوم بـ"داعش". فالتنظيم المذكور يمنحه "شرعية" يحتاجها لشن حربه الخاصة، واهتمامه محصور بتحقيق "انتصار" حاسم على فصائل المعارضة المسلحة، وانتزاع اعتراف من اميركا واوروبا والنظام العربي بضرورة بقاء بشار ونظامه. وفيما يحاول بوتين فرض امر واقع جديد في المنطقة بالتعاون مع الايرانيين، لا يبدو ان اوباما راغب في مواجهة محاولة الاختراق الروسية الراهنة، ولا هو في وارد تغيير استراتيجية الانكفاء التي اعتمدها طوال ولايتيه الرئاسيتين المتتالتين.
ان الاشهر القليلة المقبلة ستكون صعبة على المعارضة في سوريا، وكل ما بوسعها ان تفعله، وخصوصا مع اقتراب موعد هجوم بري ايراني مرتقب في المناطق الشمالية، هو الصمود اطول مدة ممكنة، ومحاولة الاستحصال على سلاح نوعي لمواجهة "الحلف الرباعي" ذي الامكانات العسكرية الكبيرة.
ان الاعتماد على اوباما غير ممكن، لكن ترك بوتين يستولي على سوريا يمثل تهديداً لا يقل عن التهديد الايراني. والسؤال الكبير الآن، هو كيف سيواجه النظام العربي هذا "الحلف الرباعي"، بوجود سياسة اميركية ضعيفة مترددة وغير موثوقة كسياسة الرئيس اوباما؟
* نقلا عن العربية
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net