الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 08:01

تسليع الأنثى وتأنيث السلعة/ بقلم: حنين عثامنة

كل العرب
نُشر: 04/12/15 20:19,  حُتلن: 10:09

حنين عثامنة في مقالها:

ابتذِلَتْ الأنثى في ترويج السلع حتى صارت هي –أي الأنثى- سلعة قائمة بذاتها

ما الفرق بين المرأة التي يعنـّفها شخص ما وبين تلك التي يسلّعها شخص ما أو "أجندة" ما؟ أليست كلتاهما واقعة في حيز الإجبار وغياب الاختيار؟

في عالم الاعلان اذ صار "التأنيث" سلاح العاجز والكاسد من السلع. المشكلة أنّ هذا الوضع استشرى بين كالح السلع ومليحها على حد سواء فعمت البلوى فصارت أقصر طريق إلى عين المستهلك وجيبه، إقحام أنثى ما في الصورة الإعلانية.

انظروا حولكم: اللوحات الإعلانية في الشوارع والمتاجر وعلى الحافلات، الإعلانات في المجلات والجرائد وعلى شاشات القنوات، كلها وبقدرة قادر صارت تنضح أنوثة وكأن المرأة هي المستهلك الوحيد في الكون. بالرغم من حقيقة أنّ النّساء يملن إلى التسوق أكثر من الرجال، وهذه حقيقة لا أنفيها. ولكن هل هذا ينفي حقيقة وجود جنس آخر أيضًا يقوم بالاستهلاك والتسوق.

إنّ إقحام المرأة وتشييئها في كافة المجالات المروجة للبضاعة شيء مهين، إذ أنّ هذه الاعلانات تقوم بعرض المرأة في مرتبة أدنى من كونها "امرأه"، إذ تعرضها ك "انثى"، فلا صوت أعلى من صوت الإغراء، ولا معركة أهم من معركة الجسد. أما الرجل -وعلى قلة ظهوره في الإعلانات- فنادرا ما يظهر في إطار الذكر المجرّد، بل يظهر غالبا في الصورة المتطورة، أي الرجل وما يرتبط بذلك من قيم وتوقعات مثل الشجاعة والقوة. أما الأنثى فلا يسمح لها أن تنمو إعلانيا وتصبح امرأة وتعرض القيم المرتبطة بالمرأة مثل الحنان والصبر. بل هي أنثى وجسد وكفى.

إنّ حصر المرأة في الاعلانات في قالب "الانثى ذات الجسد المثالي" يعمل في تصنيع وتذويت صورة ذهنية نمطية للمرأة لا تخرج عن إطار الجسد، وهذه الصورة لا يتلقاها الرجال وحسب فيحصروا نظرتهم للمرأة في إطار الأنثى، بل تتلقاها المرأة أيضا، فتتمثّل بتلك المائلات المميلات وتمتثل لنموذجهن. إنّها التنشئة الإعلامية.

ابتذِلَتْ الأنثى في ترويج السلع حتى صارت هي –أي الأنثى- سلعة قائمة بذاتها. إنّه سوق نخاسة جديد لا تحرّمه المواثيق الدولية ولا تجرّمه المؤتمرات. إنّه سوق مجاني يلحقك حتى عتبة عينيك. بئس السوق حين تكون القوامة للجسد، وحين يلهث أهله في عجلة الاستهلاك، فيقودوننا وأخلاقنا إلى الهلاك!

من هنا، فما الفرق بين المرأة التي يعنـّفها شخص ما وبين تلك التي يسلّعها شخص ما أو "أجندة" ما؟ أليست كلتاهما واقعة في حيز الإجبار وغياب الاختيار؟ نحن إذا استمرينا على هذا النحو بضعة سنوات اخرى سنستنزف الأنوثة، فما تعود لها قيمة، لذلك أدعو جميع المهتمين لتأسيس تجمع لإنكار تسليع المرأة ليس فقط في الإعلان بل وفي الإعلام بجميع تفرعاته. ولعله يتوسّع ليحارب جميع أنواع تسليع الإنسان لا المرأة فقط رغم شيوع تسليعها حاليًّا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.