د.سامي ميعاري في مقاله:
من يستند إلى الادعاء بأن نسبة الولادة عالية عند العرب فهو مخطئ تماما لأنها انخفضت بشكل كبير جدًا عمّا سبق
أهم الأسباب الموضوعية لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع العربي هو التقليصات التي أصابت مخصصات الأطفال
الدولة لا تنجح في خفض نسبة الفقر وهذا يدلل على تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين العرب في إسرائيل
في الأسبوع الماضي نشرت مؤسسة التأمين الوطني تقرير الفقر، حيث أشار إلى ارتفاع في نسبة العائلات الفقيرة المندرجة تحت خط الفقر. الحقيقة أن ربع عائلات المجتمع الإسرائيلي مدرج تحت خط الفقر، وأن إسرائيل وصلت إلى المكان قبل الأخير وغير المحترم في العالم من حيث نسبة العائلات الفقيرة من بين مجموعة الدول المنتمية لمنظمة التعاون الاقتصادي (قبل المكسيك فقط).
إن هذه المعطيات تؤشر على فشل دولة إسرائيل الذريع في معالجة هذه الكارثة على مرور السنوات العجاف، ومع ذلك فإن وضع الفقر في إسرائيل وهذا الملف الأسود لا يحظى بأي اهتمام جِدّي لأنه مطويٌّ في هوامش القضايا الاجتماعية وهو بعيد عن مركز الأحداث وبؤرتها وبالتالي فإن الفقر موجود ومركز عند العرب وعند المتدينين اليهود ومن هنا اخترت عنوان مقالي (تقرير الفقر العربي) لأنه واضح تماما بأن الفقر في إسرائيل عربي بامتياز ويكاد يكون حِكرا علينا وحدنا.
ووفقًا للتقرير فقد ارتفعت نسبة العائلات العربية الفقيرة من 51.7% في العام 2013 إلى 52.6% في 2014. والأخطر من ذلك هو أن التعمق في معطيات التقرير يفيد بأن 37.4% من مجمل الفقراء في إسرائيل هم عرب علما بأن نسبة العرب من مجموع السكان بإسرائيل تصل إلى ما يقارب 20%، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى انخفاض نسبة العائلات اليهودية الفقيرة في 2014 لتصل إلى 13.6%.
هذه معطيات غير مشجعة بدون أدنى شك، لأن الدولة لا تنجح في خفض نسبة الفقر وهذا يدلل على تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين العرب في إسرائيل. ومن يسند هذه النتيجة المفزعة إلى الادعاء بأن نسبة الولادة عالية عند العرب فهو مخطئ تماما لأنها انخفضت بشكل كبير جدًا عمّا سبق.
ولكن الحقيقة تستشف من مؤشر الديموقراطية لعام 2015 الذي أشار إلى أن 66.5% من المواطنين العرب يشعرون بأنهم أقلية مستضعفة مقابل 28% فقط من المجتمع اليهودي عبروا عن ذلك.
ولعل من أهم الأسباب الموضوعية لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع العربي هو التقليصات التي أصابت مخصصات الأطفال والتباطؤ في النمو الذي حدث في 2014 ووصل إلى 2.6% بسبب الأوضاع الأمنية آنذاك.
وعلينا ألا نتجاهل أن هذه مجرد أسباب لفيروس قاتل يرتبط بتوزيع غير عادل في الميزانيات والتشغيل في مجالات مختلفة فضلًا عن المواضيع التربوية والمشاكل الداخلية في المجتمع العربي خاصة تلك المرتبطة بقضايا المرأة ووضع السلطات المحلية.
هذا الوضع من المفترض أن يستدعي استراتيجية عمل تنموية جديدة واستثمارًا اقتصاديا في مجالات كالآتي:
- معالجة قضايا التشغيل في المجتمع العربي، وفتح وظائف جديدة تتلاءم مع وضع النساء العربيات ورفع نسبة مشاركتهن في العمل، إلى جانب تحسين ظروف العمل للرجال والنساء ومنع التمييز بينهم.
- تخصيص ميزانيات للتربية والتعليم للتخفيف من اكتظاظ الصفوف وتحسين جودة التعليم وإدخال التربية التكنولوجية إلى المدارس.
- توسيع مناطق النفوذ للبلدان العربية وتخصيص مناطق صناعية وتطويرها لفتح مجالات عمل داخل هذه البلاد.
- رفع الميزانيات المخصصة للسلطات المحلية من خلال الاستثمار المباشر في مشاريع تنموية داخل القرى والبلدات العربية.
إن تكلفة مثل هذا البرنامج التنموي ليست قليلة وربما تصل إلى 65 مليار شيقل لمدة عشر سنوات ولكن هذا الاستثمار سيكون جيدًا كذلك للدولة نفسها بالدرجة الأولى لأنه سيرفع النمو الاقتصادي ويزيد من التلاحم الاجتماعي.
وهذا مرتبط بمدى جدية الحكومة ووزارة المالية في تخصيص مثل هذه الموازنات للنهوض بالمجتمع العربي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net